وصول أبطال آيسف 2024 إلى جدة بعد تحقيق 27 جائزة للوطن    «التعليم» تحدد أنصبة التشكيلات المدرسية في مدارس التعليم العام    الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول أمطار بعدد من المناطق ورياح نشطة في الشمال    حبس البول .. 5 آثار أبرزها تكوين حصى الكلى    رئيس وزراء اليونان يستقبل العيسى    أوتافيو يتجاوز الجمعان ويسجل الهدف الأسرع في «الديربي»    4 نصراويين مهددون بالغياب عن «الكلاسيكو»    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    الفضلي: «منظمة المياه» تعالج التحديات وتيسر تمويل المشاريع النوعية    خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية في العيادات الملكية    «عضو شوري» لمعهد التعليم المهني: بالبحوث والدراسات تتجاوزون التحديات    برعاية الملك.. انطلاق مؤتمر مستقبل الطيران في الرياض.. اليوم    البنيان: تفوق طلابنا يبرهن الدعم الذي يحظى به التعليم في المملكة    السعودية.. يدٌ واحدةٌ لخدمة ضيوف الرحمن    متحدث «الداخلية»: «مبادرة طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي    1.8 % معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان    جائزة الرعاية القائمة على القيمة ل«فيصل التخصصي»    السعودية من أبرز 10 دول في العالم في علم «الجينوم البشري»    5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والسمنة    وزارة الحج والعمرة تنفذ برنامج ترحاب    نائب أمير منطقة مكة يُشرّف حفل تخريج الدفعة التاسعة من طلاب وطالبات جامعة جدة    ولي العهد يبحث مع سوليفان صيغة شبه نهائية لاتفاقيات استراتيجية    المملكة تؤكد استعدادها مساعدة الأجهزة الإيرانية    وزير الخارجية يبحث ترتيبات زيارة ولي العهد لباكستان    «أسمع صوت الإسعاف».. مسؤول إيراني يكشف اللحظات الأولى لحادثة «الهليكوبتر»!    جائزة الصالح نور على نور    مسابقة رمضان تقدم للفائزين هدايا قسائم شرائية    تأجيل تطبيق إصدار بطاقة السائق إلى يوليو المقبل    الشيخ محمد بن صالح بن سلطان «حياة مليئة بالوفاء والعطاء تدرس للأجيال»    تنظيم مزاولة مهن تقييم أضرار المركبات بمراكز نظامية    أمير تبوك يرأس اجتماع «خيرية الملك عبدالعزيز»    «الأحوال المدنية المتنقلة» تقدم خدماتها في 42 موقعاً حول المملكة    القادسية بطلاً لكأس الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر    هاتف HUAWEI Pura 70 Ultra.. نقلة نوعية في التصوير الفوتوغرافي بالهواتف الذكية    تأملاّت سياسية في المسألة الفلسطينية    165 ألف زائر من بريطانيا للسعودية    "إنفاذ" يُشرف على 38 مزادًا لبيع 276 من العقارات والمركبات    الاشتراك بإصدار مايو لمنتج «صح»    5.9 % إسهام القطاع العقاري في الناتج المحلي    الخارجية: المملكة تتابع بقلق بالغ ما تداولته وسائل الإعلام بشأن طائرة الرئيس الإيراني    الملاكم الأوكراني أوسيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع    ثقافة سعودية    كراسي تتناول القهوة    المتحف الوطني السعودي يحتفي باليوم العالمي    من يملك حقوق الملكية الفكرية ؟!    بختام الجولة ال 32 من دوري روشن.. الهلال يرفض الهزيمة.. والأهلي يضمن نخبة آسيا والسوبر    يوم حزين لهبوط شيخ أندية الأحساء    «الخواجة» نطق.. الموسم المقبل ضبابي    عبر كوادر سعودية مؤهلة من 8 جهات حكومية.. «طريق مكة».. خدمات بتقنيات حديثة    بكاء الأطلال على باب الأسرة    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بمسابقة براعم القرآن الكريم    الانتخابات بين النزاهة والفساد    تحقيقات مع فيسبوك وإنستغرام بشأن الأطفال    جهود لفك طلاسم لغة الفيلة    ارتباط بين مواقع التواصل و«السجائر الإلكترونية»    سقوط طائرة هليكوبتر تقل الرئيس الإيراني ووزير الخارجية    الديوان الملكي: خادم الحرمين يستكمل الفحوصات الطبية    انقسام قادة إسرائيل واحتدام الحرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسيون إيرانيون: محاكمة أعضاء «فرقة الموت» مطلب شعبي
نشر في الرياض يوم 19 - 08 - 2021

قد يتمكن مرتكبو الجرائم الممنهجة بحق الشعب الإيراني، تحت حماية الولي الفقيه، من الإفلات من العقوبة لمدة قصيرة، ولكن في نهاية المطاف سيتم تقديمهم إلى العدالة الدولية والمساءلة القانونية.
وهناك اليوم قوانين دولية واتفاقية منع الإبادة الجماعية تحاسب مرتكبي هذه الجرائم، بما فيها مجزرة عام 1988م، والتي ارتكبت بفتوى من الخميني، ونفذها إبراهيم رئيسي، الذي فرضه خامنئي الآن كرئيس لإيران، ومسؤولين آخرين منهم المجرم حميد نوري.
تظاهرات إيرانية أمام البرلمان السويدي لمقاضاة مسؤولي مجزرة 1988م
وعليه، فإن محاكمة حميد نوري الآن أمام المحكمة السويدية أعطت الأمل لأسر ضحايا المجزرة، وكل الشعب الإيراني، بأن محاكمة أعضاء فرقة الموت، وخصوصاً إبراهيم رئيسي، باتت وشيكة.
مَنْ هو حميد نوري؟
ولد حميد نوري في 30 أبريل 1961م في طهران، يعرفه السجناء السياسيون باسم حميد عباسي، وتمت ترقيته من عنصر في قوات حرس الملالي إلى مساعد قاضي لمشاركته النشطة في اضطهاد وتعذيب وقمع السجناء.
المقاومة الإيرانية: محاكمة «حميد» مقدمة لمحاكمة «رئيسي»
وكانت مهمة هذا المجرم تنحصر في سجني جوهردشت وإيفين، وخلال مذبحة السجناء في صيف عام 1988م كان عضواً في فرقة الموت، وبعد أن أصدر نيري وبور محمدي ورئيسي حكم الإعدام، قام نوري بنقل السجناء إلى ممر الموت، ومن هناك إلى موقع الإعدام، وعلى إثر هذه المجزرة تم تعيينه عام 1989م قاضياً في سجن إيفين.
لائحة الاتهام:
قبضت الشرطة السويدية على حميد نوري قبل عامين عندما جاء إلى السويد في جولة لمشاهدة معالم المدينة، وتم تقديمه للمحاكمة على جرائمه في مجزرة مجاهدي خلق عام 1988م، وبدأت محاكمته في 10 أغسطس 2021م، ومثل أمام المحكمة عدد كبير من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق وأُسر ضحايا عام 1988م.
وفي هذه المحكمة، اتهم المدعي العام السويدي حميد نوري بارتكاب أعمال قتل ضد أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق وجماعات ماركسية وغير دينية.
وأصدر ممثلو محكمة ستوكهولم الابتدائية لائحة اتهام بحق حميد نوري بعد عام وتسعة أشهر من التحقيق، والتحقيق جارٍ الآن تحت إشراف المدعية العامة في القضية كريستينا ليندهوف كارلسون.
وجاء في لائحة الاتهام:
أ. الخميني أصدر فتوى أو مرسوماً ينص على أن جميع السجناء في السجون الإيرانية الذين ينتمون إلى منظمة مجاهدي خلق، أو يدعمونها، وفي معتقداتهم كانوا أوفياء ومخلصين لها يتم إعدامهم.
ب. بعد ذلك بوقت قصير، بدأت عمليات الإعدام الجماعية لمؤيدي مجاهدي خلق المسجونين في السجون الإيرانية.
ج. بين 30 يوليو 1988م و 16 أغسطس 1988م، تعاون حميد نوري، بصفته مساعد المدعي العام أو في منصب ودور آخر مشابه.
د. تواطأ حميد نوري مع الجناة الآخرين في سجن جوهردشت (رجائي شهر) في كرج، إيران، بنية مسبقة لإعدام عدد كبير من السجناء الذين كانوا أعضاء أو مناصرين لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
ويبدو أن لائحة الاتهام التي قدمها المدعي العام قد سلّطت الضوء على غرف فرق الإعدام والممر المخصص لنقل السجناء إلى المسلخ. وفضحت عقوداً من الصمت والتستر على هذه المجزرة، وكشفت عن الإساءة الدينية للخميني الدجال وجلاديه من أجل إنكار هوية وحقوق السجناء، كما كشفت أنه لم تكن هناك محكمة ولا قانون ولا قضاء أثناء ارتكاب المجزرة، وأن الفتوى الصادرة عن الخميني صدرت لإرضاء الضغائن الشخصية.
وعلى ضوء ذلك لم يعتقد الخميني، عندما كان يكتب هذه الفتوى القاسية لمرسوم أعظم مذبحة في القرن العشرين، ولا فرقة الموت التي اختارها، ولا مرتكبو المذبحة، أن كل هذه المشاهد سوف تُعرض في محكمة واحدة، كما لم يستطع الخميني وفرقة الموت وورثته فهمها.
وثيقة مشبوهة:
من بين الأحداث المهمة في هذه المحكمة وثيقة عبارة عن مقطع صوتي حصلت عليه «الرياض» كشف سر قيام هذه المحاكمة، وهو المراسلات وتبادل الرسائل الإلكترونية بين حميد نوري وشخص يُدعى إيرج مصداقي، وهو أحد المدعين ضد حميد نوري، حيث يحاول المحقق خلاله تحديد علاقة حميد نوري بإيرج مصداقي، الذي يدعي أنه معارض للنظام ويبدو أنه من خلال تحقيقات المحكمة عميل للاستخبارات الإيرانية.
بينما المقطع الصوتي المسرب، ومدته 37 دقيقة، يحقق فيه مكتب المدعي العام السويدي مع حميد نوري، وموضوعه تساؤلات مباشرة حول علاقة حميد نوري برسالة إلكترونية مشبوهة أُرسلت إلى إيرج مصداقي، وأسئلة حول مراسلات بين نوري والسجين السابق إيرج مصداقي الذي تاب في السجن وتعاون مع الذين كانوا يتسجوبونه ويحققون معه.
وحاول نوري التهرب من معرفته السابقة بإيرج مصداقي، لكن مكتب المدعي العام السويدي كشف عن رسالة بريد إلكتروني، ولم يقدم نوري ولا مصداقي أي تبرير للمراسلات بينهما، قبل عشرة أشهر من اعتقال حميد نوري في السويد، واكتفوا بإعلان عدم معرفتهم بالموضوع، بينما كانت رسائل البريد الإلكتروني في هاتف نوري المحمول قد صادرته الشرطة السويدية، وبالتالي، من المتوقع أن يسلط استمرار المحاكمة الضوء على الزوايا المظلمة لأجهزة المخابرات الغامضة للملالي وعملائهم المختلفين.
حملة إعلامية:
بدأت حركة التقاضي لضحايا هذه المجزرة منذ البداية على يد مسعود رجوي بإرسال رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ثم في عام 2016م، أطلقتها السيدة مريم رجوي كحملة وطنية داخل إيران ودولياً، والآن أعطى اعتقال هذا المجرم الأمل لأُسر ضحايا المجزرة، وكل الشعب الايراني بمحاكمة جميع أعضاء فرقة الموت بما فيهم رئيسي وخامنئي.
ولهذا نظّم الإيرانيون من مناصري المقاومة الإيرانية تظاهرات أمام البرلمان السويدي في ستوكهولم مطالبين بمقاضاة مسؤولي مجزرة عام 1988م، وهتفوا الشعارات التالية: «ليحاكم المجرم حميد نوري.. لتنفذ العدالة بحق القتلة.. مقاضاة مسؤولي المجزرة حقنا المؤكد.. وغيرها من الشعارات».
لدرجة أن حميد نوري داخل المحكمة قد سمع هذه الهتافات، واحتج قائلاً: «إنه يتعرض للتعذيب عندما يسمع شعارات أهالي الضحايا».
شهود عيان:
أجرت «الرياض» من موقع المحكمة السويدية للنظر في الجرائم الكبرى في ستوكهولم لقاءات عديدة مع شهود سياسيين قبعوا في سجون الملالي، وشهدوا مجزرة عام 1988م، وتعرضوا للتعذيب، وشهدوا بأنفسهم حركة الإعدامات، والبداية مع:
* محمود رؤيائي
كان مسجوناً في سجن إيفين وقزل حصار وجوهر دشت من عام 1981م إلى 1991م، صرح ل «الرياض» قائلاً: «قضيت 10 سنوات في سجون قزل حصار، وجوهردشت، وإيفين. خلال المجزرة كنت في سجن جوهردشت.
وقام شخص يُدعى داود لشكري، المسؤول عن أمن السجن، باستدعاء السجناء الواحد تلو الآخر، وسألهم عن هوياتهم، ومدة العقوبة والتهمة، وكنا سنقول بأننا متهمون بتأييد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، أي شخص قال ذلك تم عزله، ولم نكن نعرف ما الهدف في هذا العزل والتصنيف، بما أنهم قاموا أيضًا بعزل السجناء الآخرين غير المنتمين إلى منظمة مجاهدي خلق والماركسيين، اعتقدنا أن الهدف هو تصنيف السجناء على أساس طول المدة ونوع التهمة.
وفي نفس اليوم، سمعنا من أحد الشقوق أسفل الباب أن داود لشكري كان يتحدث عبر الهاتف ويقول: «لقد تم فصل البيض الفاسد»، لقد أدركنا أن هناك مشروعاً قيد التنفيذ وأن إجراءً مهمًا يتم تنفيذه، وكان ذلك في يناير وفبراير من عام 1988م، لذلك فكرنا في ما يمكنهم فعله ولم يفعلوه بعد خلال السنوات الست أو السبع الماضية.
ثم وضعوا الجميع في الجناح، وصنفوا «جرائم» مختلفة في أجنحة أخرى. وفي 1 يونيو 1988م، نقلوا حوالي 150 سجينًا من جوهردشت إلى سجن إيفين، ومن سجن إيفين جرى نقل أولئك الذين أكملوا عقوباتهم، وكانوا معروفين باسم «ملي كش» إلى سجن جوهاردشت.
وكان نظام الترحيل والتصنيف هذا أول إجراءات المجزرة في فبراير 1988م.
وفي 21 مارس 1988م، تم نقل حوالي 100 سجين من كرمانشاه إلى طهران، ثم إلى العنبر الموجود في الطابق الذي تحتنا، هذا بينما تم فصل السجناء ليتم إعدامهم.
وأخبر مسؤولو السجن السجناء بأننا سنحدد مصيركم، وقد قال الإمام إنه يتعين علينا أن نتوصل إلى حل نهائي بشأنكم، ولا نريد أن يكون لدينا سجناء.
وكان رئيس هيئة السجون في ذلك الوقت مجيد أنصاري، وفي 24 مايو 1988م صدر مرسوم بنقله، وحل محله إسماعيل شوشتري كرئيس لهيئة السجون، والذي شارك في لجنة الموت.
وفي 19 يوليو 1988م، غداة المذبحة، تم إعدام عدد من الأصدقاء الذين كانوا يقضون عقوباتهم، لذلك، لا شك على الإطلاق في أن المذبحة كانت تحضّر منذ ستة أشهر، ولقد أجريت بحثاً مستفيضاً حول هذا الموضوع، ونشرته في سلسلة من الكتب، خمسة مجلدات تسمى «زارعو الشمس - أفتابكاران»، وأيضًا فيه إحصائيات أعداد الذين أعدموا في المجزرة.
وبناءً على التقديرات التي جمعتها خلال الثلاثين عاماً الماضية، توصلت شخصياً إلى استنتاج مفاده أن الرقم الذي تم الإعلان عنه والذي يبلغ 30 ألفاً ليس دقيقًا للغاية، والسبب هو أنه في المدن الشمالية والشمالية الغربية، وفي العديد من المدن، ليس لدينا أي إحصاءات، حيث كان لوزارة الاستخبارات سيطرة كبيرة عليها، ليس فقط أثناء المذبحة، ولكن قبلها وبعدها. وهناك، ليلاً، يُقتل السجناء والأشخاص، ولا يمكن لأحد أن يقدم شكوى.. وفي سجن مشهد، الذي كان سجناً كبيراً نُفذ فيه عدد كبير من الإعدامات، لدرجة أنه لم يكن هناك ناجون ليدلوا بشهاداتهم، وحدث هذا أيضًا في مدن أخرى، مثل قم، حيث قال أحد الأصدقاء الذي كان معتقلاً سابقاً في قم إنه لم يكن هناك سوى ناجٍ واحد.
وأعطى نائب وزير الاستخبارات الإيرانية حينها، رضا مالك، عدداً محدداً وهو 33700 ضحية، وقال إن أكثر من 30 ألفاً منهم مرتبطون بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، ولهذا كتب الخميني صراحة أنه يجب إعدام كل من يظل موالياً لمنظمة مجاهدي خلق.
* أصغر مهدي زاده
سجين سياسي من عام 1981م إلى 1994م، ورأى حميد نوري للمرة الأولى في سجن جوهر دشت عام 1986م، صرح ل «الرياض» قائلاً: «قضيت في سجون قزل حصار، وفومان، ورشت، وإيفين، وجوهر دشت، مدة 13 عاماً.
تم اعتقالي في طهران مطلع عام 1982م، وكان معي الشهيد المجاهد محسن الذي استشهد تحت التعذيب، وأثناء استجوابي رأيت عدداً كبيراً من الإخوة والأخوات الذين استشهدوا تحت التعذيب، ثم استكملتُ استجوابي في الحبس الانفرادي في سجن جوهر دشت، حيث تمت محاكمتي بعد عام ونصف العام بالسجن 15 عاماً، وبقيت في سجن جوهر دشت من ذلك التاريخ حتى وقوع المذبحة 1988م.
لقد وضعوا الأساس للمذبحة، وهم جميع السجناء الذين كانوا يدافعون عن منظمة مجاهدي خلق وعن قضيتهم، وتم نقلنا مرتين إلى غرفة الغاز للرياضات الجماعية، ثم قاموا بتشكيل نفق، حيث قام ناصريان وداوود لشكري وحميد عباسي وغيرهم من قوات الحرس بتعذيبنا بالعصي والكابلات.
وفي الأيام التالية، أخبرني ناصريان ونوري أنه عندما تقول مجاهد، فستكون إلى جانبه وستحاكم في الوقت المحدد.
جاء داود لشكري وفرج و(حميد نوري) وجمعونا وقالوا إنكم يا من تقولون إنكم تدعون لمنظمة مجاهدي خلق وتصلون بشكل جماعي وتفعلون أشياء أخرى، عندما يأمر الخميني سنضعكم جميعاً على الحائط، وذلك اليوم سيكون فيه الجميع مسلحون.
كان يوم الأربعاء 26 أغسطس 1988م عندما أتينا من فترة التنفس، جاء حارس وقال لنا جميعاً أن نغلق أعيننا ونخرج. إلخ، وبدأ بالسب والشتم والضرب، وقد فهمنا من هذا الموقف أن الوضع أصبح مختلفًا عن الماضي.. وفي يوم السبت، 29 أغسطس 1988م، كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لنا، وكنا فضوليين للغاية، وبعد ساعة رأينا حوالي 20 حارساً والعديد من المساجين مبتلين بدمائهم وأسنانهم محطمة، وعلى إثر ذلك بدأت حركة الإعدامات حتى مساء اليوم نفسه، ومن الضحايا من أعرفهم جعفر هاشمي وماهشيد رزاقي.
وفي الليل جلسنا نتحدث، وكان غلام رضا حسن بور واثقاً من أن الوضع قد تغير، لكن مع ذلك، سنذهب إلى المحكمة وندافع عن قضيتنا بما يتناسب مع المحكمة، وفي صباح اليوم التالي جاء الحارس العسكري وطلب من الجميع أن يخرجوا بأمتعتهم، واستعددنا للخروج، استجوبوني وضربوني بالسلاسل والأدوات التي كانوا يحملونها، حتى ذهبنا إلى الفرع المقابل (القسم الفرعي 7)، أخبرنا الدكتور فرزين، غلام، مسعود هستو، أن نبدأ التنظيف، لأن مهمتنا الأولى كانت تنظيف كل قسم فرعي دخلناه. قبل نصف ساعة جاء داود لاشكري وفتح الباب ورأى أن الممر كان مملوءًا بالماء، وقال: «لماذا سكبتم الكثير من الماء؟» اذهبو جميعاً إلى الغرفة الكبيرة، الحكم، التهمة ، إلخ.
أخرجونا وسلمونا إلى حميد نوري (عباسي)، ثم ذهبنا إلى ممر المحكمة حيث كانت فرقة الموت، وهناك جلسنا حتى الليل، ثم أخذنا حميد إلى (العنبر 2)، الذي كان انفرادياً، وفي صباح اليوم التالي، جاء حميد وقال بصوت عالٍ: «أنتم يا معصوبي الأعين، اخرجوا»، وسأل الجميع عن أسمائهم وتفاصيلهم ومقدار الحكم والتهمة، وكل من قال إنه من أنصار مجاهدي خلق، أخذه مباشرة إلى فرقة الموت، ومن هول الموقف أحسست أنني أشهد يوم القيامة، إلاّ أن هذا الموقف يخلو من العدالة.. وبدأ العسكر يُحضرون السجناء من كل مكان، وكنت حينها جالساً في ممر الموت، وشهدت نقل 15 شخصاً ممن أعرفهم إلى ساحة الموت.
إلاّ أن اشتداد عمليات الإعدام كانت يوم السبت الخامس عشر من أغسطس 1988م، وفي هذه الممرات شاهدت إعدام الإخوة، وقابلت عدة أشخاص، منهم هادي محمد نجاد الذي فقدت أسرته أربعة شهداء.
وكنت كل هذه المدة أروقة الموت نفسها، ثم تم نقلي إلى الحبس الانفرادي، وبعد أيام قليلة سمعت صوت باب الزنزانة ينفتح، وتم إخراج كل سجين وضربه، وعندها رأيت ناصريان ومصطفى بور محمدي و(حميد نوري) وعدد قليل من الحراس الذين بدأ معهم ناصريان بالصراخ والسب والشتائم قائلين: أغمضوا أعينكم، واخرجوا، وتم تسليمي إلى اثنين من الحراس وتم نقلي إلى الفرع الذي كنت فيه من قبل، وعندها سمعت أصوات الأخوات من الطابق السفلي، ثم ناديتهن، وجاء الحراس بسرعة وشتموني وقالوا: من كنت تنادي؟ ألقوا بي في الحمام وبدؤوا في ضربي حتى أغمي علي.. وصباح الغد، اصطحبني حارسان، وعندما اقتربت من قاعة الموت رأيت مجموعة من السجناء، حيث كانوا في القمة ويدافعون عن مبادئهم، فالموت لم يكن شيئًا بالنسبة لهم، بل كانوا يسخرون من الموت، كما كنت في حالة معنوية عالية، ثم أخذني حارس إلى قاعة الموت، وشحب لوني، ورأيت (12) شخصاً يقفون على كراسي مع حبل حول أعناقهم، وكانوا يهتفون: «الموت للخميني، تعيش الحرية»، ورغم ذهول الحراس من الهتافات، إلاّ أن ناصريان و(حميد نوري) يصرخان في وجوه الحراس: لماذا أنتم واقفون؟ إنهم أشرار. إنهم منافقون».
وتم بعدها العسكر بركل الكراسي تحت أقدام المجاهدين، وبعد أن ركلوا الكرسي الرابع وإزاحته من تحت أقدام الشخص الرابع، صرخ الإخوة بصوت أعلى وقالوا يعيش المجاهد، الله أكبر، وعندها لم يعد بإمكاني رؤية هذا المشهد.. لم أعد أفهم شيئًا، وبعد فترة رأيت أن الحارس يصب عليّ الماء، وعندما فتحت عيني رأيت الجثث معلقة على حبال المشانق. لقد أعدموا، ورأيت بأم عيني جثث الشهداء التي بدأ الحراس بسحبها، ثم عصب الحارس عينيّ، وأخذني إلى المكان نفسه الذي كنت فيه من قبل، وكنت غير متوازن ولم أعد الشاب نفسه، وبقي عدد قليل من سجناء مجاهدي خلق في العنبر، وقد هددونا وقالوا إن عمليات الإعدام مستمرة، فلا تعتقدوا أننا لن ننفذ الإعدام، نحن نعلم عنكم كل شيء».
* فريدة كودرزي
صرحت ل «الرياض» قائلة: «أنا أفريدة كودرزي، من أنصار منظمة مجاهدي خلق، واعتقلت بهذه التهمة عام 1983م، وقضت خمس سنوات ونصف السنة في سجن مدينة همدان، وأنا أحد الشهود الناجين من مجزرة عام 1988م، وكان زوجي قد سبقني أيضاً إلى السجن، ومثل جميع المعتقلين الآخرين، تم نقلي إلى غرفة التعذيب منذ الساعة الأولى لاعتقالي، ووُضعت على سرير، وكان حوالي 5 -6 حراس واقفين فوق رأسي يستجوبوني، وكان أحد الحراس يضرب يدي بكبل، وآخر يضربني على جسدي، رغم أنني حامل، وكان المجرم (إبراهيم رئيسي) يقف في زاوية الغرفة، ويراقب هذه العملية.
وفي اليوم نفسه بعد توقيفي، تم أيضاً اعتقال أخي برويز كودرزي. حيث أصيب برصاصة في ذراعه وساقه، واعتقلته قوات الحرس، وعلى الرغم من إصاباته الناجمة عن إطلاق النار، فقد نُقل إلى غرف التعذيب في اليوم التالي وجُلد بشدة، حيث كان الجلد من أفظع أساليب التعذيب في سجون النظام.
وبقيت في الحبس الانفرادي حوالي سبعة أشهر، وبعد حوالي أسبوعين من توقيفي، وُلد طفلي في وضع صعب للغاية، ولمدة ستة أشهر ونصف، ربيت ابني في الحبس الانفرادي، وهو أمر صعب للغاية، وكثيراً من الأحيان كنت أطعم هذا الطفل ببعض الماء وبعض مكعبات السكر.
وكانت هذه الزنازين الانفرادية مخصصة عادة للسجناء الذين تعرضوا للتعذيب في ذلك اليوم، وحُكم على جميع هؤلاء السجناء بالإعدام بأوامر من المجرم (إبراهيم رئيسي) عندما كان المدعي العام في همدان، من عام 1981م إلى حوالي عام 1984م، حيث كنت طوال الليل إلى الصباح، عادة ما أسمع صرخات وأنين السجناء الذين يتم إحضارهم من غرفة التعذيب. وكثيراً ما كان هؤلاء السجناء يتعرضون للضرب في الزنزانات نفسها.
ومن الأساليب التي استخدمها النظام لتعذيب السجناء تعذيب أبنائهم، حيث دخل سبعة حراس في منتصف الليل قسم الحبس الانفرادي، وكنت أنا وابني البالغ من العمر 38 يوماً نائمين، فأمسك أحد الحراس بابني من نومه، ورفعه حوالي 50 -60 سم فوق الأرض وألقاه على الأرض بعنف، ثم بدأ بتفتيش ملابسه، ولم يكن لهم رادعاً صراخي وصراخ طفلي، وكان (إبراهيم رئيسي)، برفقة محمد سليمي، وهو أحد الملالي، يشهد ويراقب حدث تعذيبي برمته.
ومكثت في سجن همدان من عام 1982م حتى نوفمبر 1988م، حيث شهدت تنفيذ مذبحة عام 1988م، وقبل ذلك، حُكم عليّ بالإعدام مرتين في عام 1983م في محكمة برئاسة إبراهيم رئيسي، ولكن بسبب تدخل وفد من آية الله منتظري في سجن همدان، ألغيت عقوبتي الإعدام، وحُكم علي بالسجن لمدة 20 عاماً.
وكان أخي برويز كودرزي يقضي أيضاً عقوبة السجن، وبدأت عمليات الإعدام في سجن همدان يوم الخميس 04 أغسطس 1988م، عندما تم إعدام أول الشهداء، بمن فيهم أخي برويز كودرزي، ومعصومة ميرزائي، وزهرة شريفي، وأرجان رمقي، حيث استغرقت عمليات الإعدام في سجن همدان نحو أسبوع.
وتم الإفراج عني بعد المجزرة، وخلال هذه المدة شاهدت الكثير من جرائم (إبراهيم رئيسي) في سجن همدان، وتم اعتقال الكثير من الناس بتهمة دعم مجاهدي خلق، وكلهم حكم عليهم وشنقوا دون استثناء، ولقد كانت بالتأكيد مذبحة.
ولا بد لي من التأكيد على أن جميع السجناء الذين جرت محاكمتهم بين عامي 1981م - 1984م حُكم عليهم في محاكم كان إبراهيم رئيسي هو المدعي العام، وتم إعدامهم في أغسطس 1988م، وألقيت الجثث في خنادق دون تحضير أو طقوس دينية. واكتشفنا هذه المعلومات بعد ثمانية أشهر تقريباً من وقوع المجزرة.
كما تم إعدام أُسر الضحايا عاطفياً إلى جانب أحبائها بصمت، حيث توفي العديد من الآباء في الأيام الأولى بعد سماع نبأ إعدام أبنائهم، ومنهم والدا الشهيد محمود محمودي، والشهيد المجاهد جواد ترابي، والشهيد المجاهد أرجان رمقي، حيث كانت تحمل بيديها العشرات من صور الضحايا، ولضيق المساحة لا نستطيع نشرها.
وما يجب أن أقوله هو أنني كواحدة من الناجين من تلك المجزرة، وكواحدة من أُسر شهداء المذبحة، لن أسامح ولن أنسى هذه الجريمة ضد الإنسانية، وأدعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى الاعتراف بمذبحة عام 1988م كجريمة ضد الإنسانية، وتقديم مرتكبي هذه الجريمة التي لا يمكن تصورها إلى العدالة.
وما نتوقعه من كل دول العالم هو عدم التفاوض واسترضاء الجلاد إبراهيم رئيسي، الذي يرمز حقاً إلى النظام الاستبدادي الإيراني برمته، ومساندة الشعب الإيراني في الحصول على الحرية، وفي أن تكون له حكومة جمهورية ديمقراطية وعدالة اجتماعية، حكومة لا مكان فيها للإعدامات، حكومة تحترم المساواة، وتحترم جميع المجموعات العرقية والدينية في إيران».
* حسين فارسي
السياسي حسين فارسي أحد الناجين من مجزرة عام 1988م، والذي سُجن 12 عاماً من1981م لغاية 1993م، بينما أعدم شقيقه حسن فارسي خلال المجزرة، صرح ل «الرياض»: «كنت محتجزًا في سجن إيفين، وغزل حصار، وجوهاردشت، بتهمة دعم منظمة مجاهدي خلق والقيام بأنشطة سياسية.
وعندما حدثت المذبحة في عام 1988م، كنت في سجن جوهاردشت، وأمضيت أربعة أيام حول لجنة الموت، وممر الموت.
وكان السجناء الذين دعموا منظمة مجاهدي خلق لم يستطيعوا استخدام مصطلح (مجاهد) لوصف اتهامهم، وطُلب منهم استخدام المصطلح الخميني (المنافقين).
وأحد المشاهد المروعة التي حدثت في جوهاردشت ويجب أن أشير هنا إلى الطريقة التي دخلنا بها السجن، تم نقلنا إلى جوهاردشت في فبراير 1988م ليلاً، وكان الجو باردًا، وجرى تعصيب أعيننا وتقييد أيدينا في الحافلة، وعندما نزلنا من الحافلة، أزالوا الأصفاد لكنهم تركوا عصابات الأعين، ومجرد تحركنا، لاحظنا أنهم قاموا بإنشاء نفق مكون من 50 - 60 من عملاء قوات الحرس مصطفين على كل جانب، وبينما كنا نسير بين الصفين كانوا يضربوننا بالعصي والهراوات والكابلات والسلاسل وأي شيء كانوا مجهزين به، وبعد المرور بهذا، تم اصطحابنا إلى الطابق الثالث، وكان عنبراً فارغاً والجو شديد البرودة، وهناك أمرونا بخلع ملابسنا كلها، وعندما قاومنا، ضربونا ضرباً مبرحاً لنزع ملابسنا بالقوة، بكابلات وعصي وقضبان حديدية وأي شيء في أيديهم، كانوا عنيفين بشكل لا يصدق، لقد كانت تجربة مروعة ومؤلمة، وكان أحد الأشخاص الذين قادوا الآخرين، وكان حاضراً في مكان الحادث هو أحد أفراد قوات الحرس، يُدعى (حميد نوري)، والآخر كان نائب رئيس سجن جوهاردشت ويدعى داوود لشكري.
وتم نقلنا بعد عدة أيام إلى مكتب المدعي العام، وعندما أزلتُ العصابة عن عيني رأيت ثلاثة أشخاص يجلسون أمامي، اثنان من الملالي وشخص في ثياب مدنية، تعرّفت على الفور على الشخص الذي كان يرتدي ملابس مدنية، كان هو مرتضى إشراقي، المدعي العام في محكمة الثورة في طهران، كان قد تم تعيينه في هذا المنصب قبل حوالي عام، ورأيته مرة واحدة في سجن إيفين عام 1987م، وكان الملا في الوسط حسين علي نيري، رئيس المحاكم الثورية، وكان مكتبه في إيفين. لقد رأيته في السنوات السابقة، لكن كان هناك ملا آخر بجانب نيري لم أعرفه، كان ملا شاباً، وكان له دور نشط للغاية هناك، استجوبوني، ثم أعطوني قطعة من الورق وطلبوا مني المغادرة، أخرجوني من تلك الغرفة، وأجلسوني في الممر الرئيس، والذي أُطلق عليه لاحقاً اسم ممر الموت.
وفي30 يوليو 1988م، وحوالي الساعة التاسعة مساءً، نادوا عدداً كبيراً من السجناء، وأخذوهم بعيداً، في ذلك الوقت، لم نكن نعلم أن الأمر يتعلق بالإعدام، وأخرجونا على عجل من العنبر، معصبي الأعين، وتم اقتيادنا إلى مبنى إداري للسجن مكون من ثلاثة طوابق، حيث هناك أعضاء في لجنة الموت، وأي شخص متهم بدعم منظمة مجاهدي خلق، يتم توقيع حكم الإعدام بحقهه، فكانت معايير اللجنة كما كتب الخميني في فتواه، وهي أن أياً من أنصار مجاهدي خلق يعد محارباً (عدو الله) ويجب إعدامه.
وشهدت شخصياً منذ 30 يوليو إلى 13 أغسطس 1988م، أفواجاً من السجناء مصطفين في وسط ممر الموت، معصوبي العينين، تم اقتيادهم إلى منطقة الإعدام التي كانت عبارة عن قاعة كبيرة في نهاية سجن جوهرداشت وسميت حسينية، ومن بين الأصدقاء الذين غادروا وأصبحوا شهداء حسين نياكان الذي كان رفيقي في الزنزانة لعدة سنوات، ودائماً ما كان جالساً أمامي يغني نشيد الحرية: «يا حرية بعد رحيلنا سلطي نورك على قبورنا».
* بروين بور إقبال
صرّحت ل «الرياض» بروين بور إقبال قائلة: «مرحباً بكم، أنا أحد الناجين من مذبحة عام 1988م، وكنت طالبة في عمر 15 عاماً عندما تم اعتقالي عام 1981م، كانت تهمتي الوحيدة هي دعم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في المدرسة، وتوزيع المنشورات وبيع نشرة مجاهد الأسبوعية.
تم نقلي إلى سجن إيفين، وأُطلق سراحي بعد عام ونصف العام، لكن في عام 1986م تم اعتقالي مرة أخرى، لأنني أردت الانضمام إلى جيش التحرير الوطني، وفي المجموع، قضيت ست سنوات في سجن إيفين، وتم إطلاق سراحي في عام 1991م.
وأثناء المذبحة، كنت محتجزة في القاعة رقم 2 بسجن إيفين، ولم يكن لدينا أي وسيلة للتواصل مع الخارج، ومُنعت جميع الزيارات، وكل يوم كانوا يستدعون السجناء من العنابر ويأخذونهم بعيداً، ولاحظنا أن أياً منهم لم يعد، ولم يكن لدينا أي فكرة عما يحدث، وكان العديد منهم أشخاص قد نجوا من إعدامات 1981م، حيث أُعدم العديد من الأشخاص في عامي 1981م و1982م، وظهرت على أجسادهم آثار التعذيب، مثل أزاده طبيب وأشرف فدائي، كانوا قد أمضوا 6 أو 7 سنوات في السجن بحلول ذلك الوقت.
وأخذوني في 4 أغسطس 1988م إلى لجنة الموت، في العنبر 209، وكانت هناك غرفة مليئة بالملفات ودخان السجائر، وكان هناك عدة أشخاص يجلسون خلف المكتب، وتعرفنا حينها على (إبراهيم رئيسي) وري شهري وبور إشراق وبور محمدي وزمدي المتحدث باسم وزارة المخابرات، ثم نقلونا إلى الحبس الانفرادي ثم إلى «دربسته»، وخلالها تم فرز معظم السجناء، واكتشفنا بعد ذلك أن جميع الأصدقاء قد تم إعدامهم، خصوصاً أن القاعة رقم 1 في الطابق الأسفل، تم إعدام جميع النساء، ولم يكن هناك ناجون في القاعة رقم 3 أيضاً، والتي كانت عنبر فوقنا، وتم إعدام جميع أعضاء مجاهدي خلق، ونجا عدد من السجناء غير الدينيين.
لذلك يجب محاكمة قادة النظام، بمن فيهم رئيسي، والنظام يحاول حالياً ويبذل قصارى جهده لمحو كل آثار الجريمة، ودُمرت مقابر جماعية في مدن مختلفة، مثل الأهواز وتبريز، وشيدت الطرق والمباني فوق المقابر، من أجل القضاء على الأدلة، وبالطبع لن ندعهم يفعلون ذلك، ولا يمكن أن نجعل النظام يفلت من المساءلة والعدالة.
* محمد زند
صرح ل «الرياض» قائلاً: كنت طالباً واعتقلت في 28 يوليو 1981م لتأييدي لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، قضيت 11 عاماً في سجون إيفين، وقزل حصار، وجوهردشت، وشهدت مذبحة عام 1988م التي راح ضحيتها أكثر من30 ألف سجين سياسي. وعندما نذكر هذه المجزرة فإننا نتحدث عن فتوى الخميني ضد جميع أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق الذين أصروا على موقفهم واستخدموا مصطلح مجاهد.
وفي يوم الخميس 28 يوليو 1988م تعرضنا لضرب مبرح حتى كسر ضلعي وأحد أصابع قدمي، وذلك عندما سألونا عن تهمتنا، وقلنا وقتها دعم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، انقضت تلك الليلة، وفي صباح يوم السبت 30 يوليو، حوالي الساعة الثامنة أو التاسعة صباحًا، كنت جالسًا أنا والآخرون، بمن فيهم أخي رضا زند، في قاعة العنبر، جاء أحد الحراس وقرأ حوالي 20 اسماً، وقرؤوا اسم أخي بدلاً من اسمي، وكان لأخي مسبحة وخاتم أعطاني إياها وقال احتفظ بها كتذكار، كنت أتوقع أنهم سينقلونه إلى الحبس الانفرادي، قال إنني لا أعرف لماذا أشعر أننا لن نرى بعضنا البعض مرة أخرى، لكنني ارتبكت كثيراً ولم أقبل هداياه التذكارية، فاحتفظ بها صديق آخر، وغادر رضا، بعد أن أخذوهم فقدنا الاتصال بهم. بالطبع، اكتشفنا أن عمليات الإعدام قد بدأت.
وفي يوم 4 أغسطس تم إخلاء العنبر الذي كنا فيه بالكامل، وتم نقلنا إلى غرف تسمى «در بسته» حتى 6 أغسطس، عندما تلوا أسماءنا وأخذونا إلى لجنة الموت، والتي ضمت حسين علي نيري رئيس اللجنة ومصطفى بور محمدي ممثل وزارة الاستخبارات، وإشراقي و(إبراهيم رئيسي) ممثلين عن الادعاء العام، وكان هؤلاء الأعضاء يشرفون على سجني جوهر دشت، وإفين.
وأخذني محمد مير مقيسه إلى لجنة الموت، الذي كان مأمور السجن بالاسم المستعار (ناصريان)، كما كان نائب المدعي العام، وقبل الجلوس على الكرسي وإزالة العصابة عن عينيّ، قال لي إننا أعدمنا أخاك، وإذا لم تقبل شروطنا، فسنعدمك أيضاً، لقد صدمت، ثم سألني نيري هل تعرف لماذا أنت هنا؟ سألته على الفور لماذا أعدمتم أخي؟ كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات، وأكمل سبع سنوات منها! غيّر نيري الموضوع وقال ما هو موقفك أنت؟ قلت ليس لدي إجابة، فأرسلوني للخارج، وبينما كنا جالسين، رأيت عدداً من الأصدقاء الآخرين نُقلوا إلى هناك، من بينهم ناصر منصوري الذي كُسر عموده الفقري، عندما ألقى بنفسه من الطابق الثاني، رافضاً أن يفشي الأسرار، ثم نقلوه على نقالة إلى لجنة الموت ومنها إلى الإعدام، وهناك رأيت المجرم (حميد نوري) الذي كان رئيس أركان ناصريان، وكان اسمه وقتها حميد عباسي، ومعه داود لشكري مسؤول أمن السجون.
وعلى أي حال، أعدمت لجنة الموت هذه الآلاف في سجني إيفين وجوهردشت، وفي سجون أخرى، واليوم، أصبح رئيسي رئيس النظام، وكان المفروض وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان الدولية، وكذلك منظمة العفو الدولية، أن يحاكم على جرائم ضد الإنسانية، لهذا آمل أن يشهد الشعب الإيراني يوماً ما محاكمة ومعاقبة جميع الجناة وصناع القرار في مذبحة عام 1988، وجميع جرائم القتل الجماعي التي ارتكبها النظام ضد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية على مدار الأربعين عامًا الماضية، كما آمل أن تتم محاكمة خامنئي ورئيسي على وجه الخصوص قريباً.
* سيد حسين سيد أحمدي
قال سيد حسين سيد أحمدي، وهو أخ لاثنين من ضحايا النظام الإيراني، في تصريح ل «الرياض»: «أُعدم اثنان من إخواني في مذبحة عام 1988م، أخي الأكبر سيد محسن سيد أحمدي وأخي الآخر سيد محمد سيد أحمدي، تم إعدام سيد محسن في سجن جوهاردشت في كرج، وأعدم سيد محمد في سجن إيفين، وكانا جزءاً من المجموعة الأولى التي تم إعدامها في 30 يوليو 1988م على يد أتباع فرقة الموت دون حتى محاكمة، وأردت أن أذكر نقطة حول الضغوط التي تتعرض لها أُسرتنا بعد أن رفضوا تسليم جثامين هؤلاء الشهداء، لم يقتصر هذا الأمر علينا، بل على جميع أُسر الشهداء، حيث كان والداي يزوران مختلف السجون والسلطات ويطالبان على الأقل بتسليم جثامين هؤلاء الشهداء، لكن النظام لم يفعل ذلك، ولم يتم تسليم سوى حقيبتين من القماش الخشن إلى والدتي في سجن إيفين وذلك بعد شهور من الجهد.
وكان آباء وأمهات آخرون من الشهداء قد أخبروا والدتي أنهم يواجهون الأمر نفسه.
وفيما يتعلق بمكان قبور هؤلاء الشهداء، بقدر ما نعرف ونتابع المعلومات، لم يكشف النظام عن مكان محدد، لكن الأمهات بذلن جهودًا في وقت لاحق، واكتشفن أن سجناء جوهردشت وإيفين قد دفنوا في مقبرة خاوران.
* سيد جعفر مير محمدي
صرح ل «الرياض» سيد جعفر مير محمدي، قائلاً: «أنا من قائمشهر في محافظة مازندران، وكان أخي الشهيد سيد عقيل مير محمدي من شهداء مجزرة عام 1988م، وبالإضافة إلى ذلك، تم إعدام أقاربي كريم الله مقيمي، وهادي قلعي، وقدرت الله مقيمي، وهادي كولايي، في مذبحة عام 1988م. بالإضافة إلى ذلك، استشهد العديد من الأقارب الآخرين على يد النظام القاتل، من بينهم اثنان من أقرب أصدقائي، حسين علي حاجيان ويار علي حاجيان، وهما شقيقان، وكذلك ابنة عمي فاطمة رحيمي، التي قتلت على يد قوات الحرس في أبريل 1981م، وكذلك العديد من أصدقائي في قائمشهر، الذين كانوا من أنصار مجاهدي خلق، تم إعدامهم أو قتلهم في الشوارع من عام 1981م إلى عام 1988م. وكان أحد إخوتي في السجن، وبينما كان يبلغ من العمر 16 أو 17 عاماً، تم سجنه من عام 1981م إلى عام 1986م، وكان أخي الشهيد طالباً في السنة الثانية في جامعة طهران، واعتقل في 1 مارس 1982م في منزله بشارع بالمينار، وسمعت لاحقًا أنه نُقل إلى سجن إيفين.
وسمعت من أصدقائه الذين أفرج عنهم من السجن في 1995م أو 1996م وسافروا إلى أشرف في العراق، أن عقيل حُكم عليه بالسجن 10 سنوات، وقضى بالفعل 7 سنوات من عقوبته، ولكن بسبب التزامه بمثله الأعلى، وظل مخلصاً لمثل منظمة مجاهدي خلق، تم إعدامه في عام 1988م في سجن جوهردشت في كرج من قبل أتباع لجنة الموت، التي عينها الخميني. وأن ما تبقى من أخي هو حقيبة من القماش الخشن وساعة تم كسرها أثناء الضرب تم تسليمها إلى أُسرتي، ولكن لا يوجد جثة ولا معلومات عن قبره، كما تم تهديد أُسرتي بعدم إقامة أي مراسم عزاء له.
وأخبرونا ممن كانوا معه من السجناء أن (حميد نوري) هو من اقتاده إلى منطقة الإعدام.
والآن وبعد أن أصبح رئيسي رئيساً للنظام، من الواضح أن النظام يريد مواصلة هذا المسار، ولا يمكن معرفة السجل الإجرامي للنظام إلا من خلال الإطاحة به.
رسم توضيحي لقاعة الإعدامات كما وصفها الشهود
محمود رؤيائي: إعدام جميع المنتمين لمنظمة "خلق"
أصغر مهدي زاده: تعرضت لأشد أنواع التعذيب
فريدة كودرزي: محاكمات سريعة تنتهي بالإعدام
حسين فارسي: لقد كانت تجربة مروعة ومؤلمة
المجرم حميد نوري
محمد زند: تعرضت لضرب مبرح حتى كسر ضلعي
بروين بور إقبال: أُطلق سراحي بعد عام من العذاب
سيد حسين سيد أحمدي: أُعدم اثنان من إخواني في المذبحة المشؤومة
سيد جعفر مير محمدي: لا أعلم شيئاً عن قبر أخي حتى الآن
مظاهرات امام المحكمة في ستوكهولم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.