منذ أيام قليلة تلقينا نبأً رسمياً بتعليق الدراسة مؤقتًا بجميع مناطق ومحافظات المملكة، كإجراء احترازي له أن يحمي آلاف الطلاب من عدوى "كوفيد 19" غير محمودة العواقب، وفي الواقع القرار ليس فريدًا تمامًا، فالعديد من الدول حول العالم اتخذت قرارات خاصة بالتعامل مع المنشآت التعليمية في وقت الأزمة بالتعطيل الجزئي أو الاعتماد على برامج التعليم عن بعد، ما راعني رغم ذلك جنوح أعداد كبيرة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي اعتبرت القرار فرصة للتندر وإطلاق الطُرف فيما يتعلق بالتخلص من الأعباء الدراسية، إلا أن "التخلص من أعباء الدراسة" حكم غير دقيق، فالتعلُم عن بعد وخيارات الدراسة الإلكترونية فعالة بحق، ويمكنها دعم طلابنا على المرور بالفترة الحرجة دون تأثر حياتهم الأكاديمية بالسلب، ودون أن يعتبر ما يقضون من ساعات إضافية بالمنزل محض فرصة للترفيه. بالتأكيد، التعليم عن بُعد بالتدابير والخيارات العديدة التي طرحتها وزارة التعليم لكافة الطلاب للانضمام للمدرسة الافتراضية ومواصلة العام الدراسي واستكمال خطة المناهج، أحد أفضل الخيارات المتخذة عالميًا للموازنة بين الخطة الوقائية والخطة التعليمية، غير أن عدة أمور لا بد أن تؤخذ في الحسبان لإنجاح العملية التعليمية الافتراضية، وتحقيق الاستفادة القصوى من عطلة الدارسين، لعل في مقدمتها التأهيل السريع للدارسين والمعلمين لاستيعاب الأدوات الجديدة التي ربما تمرّنوا عليها بالأمس القريب كخطة هامشية أصبحت بين ليلة وضحاها الخطة الأساسية. إحدى التحديات الشائعة أيضًا عالميًا في مسألة التعليم عن بعد هي تذليل العقبات التكنولوجية التي قد تقف عائقًا أمام الطلاب لاستقبال المادة التعليمية، فعلى سبيل المثال، لا بد من توفير قناة مناسبة لتوصيل المادة للطالب الذي لا يملك اتصالاً مستقرًا بشبكة الإنترنت، علاوة على ذلك أعتقد أن واحدة من تحديات الظرف الراهن هي إيجاد صيغة ناجحة لتواصل رجع الصدى والأسئلة والشرح المستفيض بين الطالب وأستاذه مشابهة لحالة قاعة الدرس، والمفقودة بطبيعة الحال في التعليم عن بعد. إضافة إلى توفير الجهات الرسمية للأدوات وقنوات التواصل اللازمة للدراسة عن بعد وإكمال الفصل الدراسي، أود هنا أن ألفت إلى الدور المُلقى على عاتق الطالب، وخاصة الطالب الجامعي، الذي يصبح بحوزته ساعات إضافية على جدول الدراسة اليومي بعد تعليق الدراسة، فكما يمكن الاستعانة ببعض تلك الساعات لتصفية الذهن وإعادة ترتيب الأولويات، على طلابنا ألا يغفلوا إمكانية استثمار البعض الآخر في الأنشطة المعرفية.. فأن تسعى كطالب بجهد الخاص لتطوير مهاراتك والتسلح بالمعارف عبر القراءة والاشتراك في البرامج التعليمية الإلكترونية، خيرًا من أن تحصل على خلاصة المعلومات في كبسولة صغيرة سرعان ما تفقد قيمتها.. لم يعد يخفى على أحدهم المهارات التي تتطلبها سوق العمل اليوم خاصة عند الحديث عن مجال العلاقات العامة والإعلام، فلا بأس من التعلم والتجربة والخطأ استغلالًا لتلك المساحة الزمنية الجديدة والمؤقتة.