استوقفني خبر قصير عن انطلاق صندوق لتمويل إنتاج فيلمين سعوديين طويلين جاهزين للعرض في 2019، بالتأكيد الخطوة جيدة وفارقة في مسار فن سعودي الهوية نأمله جميعًا، فعلى الرغم من الجهود الحثيثة لهيئة الترفيه لجلب كل ما هو جديد على المسارح السعودية، تبقى هوية الفن المقدم مُعضلة أخرى يجب العمل على تحليلها، فمن ناحية، لا شك أنه لإنتاج فن بهوية سعودية، أمامنا طريق طويل، حيث إن أول فيلم روائي مصوّر بالكامل في السعودية - الفيلم البديع وجدة - لم يجد طريقه إلى المهرجانات وصالات العرض قبل العام 2012، ومن ناحية أخرى، مستوى الدراما السعودية الرمضانية لا يُبشّر بخير، ما حدا أخيرًا بنسبة ملحوظة من المنتجين اللجوء لجلب نجوم من مشاهير السوشيال ميديا، لضمان حد أدني من الجماهيرية والنجومية ليس إلا! بنظرة حولنا، نجد أن أغلب الأفراد يحملون في سنوات شبابهم الأولى ذكريات عن المسرح المدرسي، وكافة المجالات الفنية المستخدمة من قبل الجهاز التربوي لتنمية مهارات الصغار، فربما عليّ التساؤل هنا: ما إذا كان شبابنا السعودي يحمل بين طيات صدره الذكريات ذاتها وما يترتب عليها من مهارات وخبرات؟، فمن دون تلك المهارات الأولية من الصعب علينا تبين فئات متقدة الموهبة، راغبة في تكريس مستقبلها لخدمة الفنون قاطبة؛ أكاديميًا ومهنيًا، فبالرغم من وجود نجوم مسرح ذوي مواهب تحتل القلوب كناصر القصيبي، لا يمكنني استرجاع اسم فنان شاب من الأجيال الحديثة، يبذل الجهد في سبيل الترفيه والتثقيف في آن واحد، ولا يتوقف أداءه على إعادة إنتاج مفاهيم معلبة ومستوردة عن الكوميديا والأداء، يذكر أنه حتى ما إذا وُجدت الرغبة واستعرت في نفس طالب موهوب، فالدراسة الأكاديمية متعثرة؛ لأن تخصص المسرح بجامعة الملك سعود معلق. لا يسعني في الوقت ذاته إلا الإشادة بالخطوات المتتابعة، الفن المحلي والإنتاج المحلي والوجوه السعودية الأصيلة، لكن سرعة العصر وسهولة عمليات الإنتاج حول العالم تحتم علينا بذل المزيد من الجهد في سبيل تيسير سبل الإنتاج وكذلك تأهيل الشباب السعودي للقيام بدور فعال في تشكيل مشهدنا الفني، وطرح ذواتهم وهمومهم الحقيقية على المسرح وفي ورش العمل وعبر التعبير من خلال التأليف الدرامي؛ الكلمة ما تزال وسيلة، وكذلك الدراسة في القاعات الجامعية وتعزيز تراثنا الفني وتنقيحه والتعلم مما مر به من مراحل على مدار ال 50 عاماً الماضية، فإذا كانت هيئة الترفيه منفتحة على تشكيل معهد للموسيقى في خطوة جريئة، نأمل بشدة في تحقيقها لأهداف فنية تأسيسية، من حقنا أن نطمح في رعاية وتأسيس أكاديمية مسرحية تُصبح نافذة شبابنا للمسرح الراقي والذوق الفني الرفيع.
