رفعت الضربة الجوية للتحالف الدولي ضد مواقع الجيش السوري في شرق البلاد من منسوب التوتر بين واشنطنوموسكو ما من شأنه ان يهدد اتفاق الهدنة في سورية بعد حوالى أسبوع على بدء سريانه. وتوصلت واشنطنوموسكو في بداية سبتمبر الحالي الى اتفاق ينصّ على وقف لإطلاق النار بدأ سريانه مساء الاثنين الماضي وجرى تمديده مرتين حتى مساء الجمعة الماضية في ظل معارك محدودة على جبهات سورية عدة. كما ينص على إيصال مساعدات الى المناطق المحاصرة الا ان القافلات المحملة بمواد الاغاثة لا تزال تنتظر الضوء الاخضر. ولم يعلن راعيا الاتفاق عن تمديده فترة اضافية. وكان الجيش السوري اعلن عن التزامه بالهدنة لسبعة ايام. ويخوض الجيش السوري معارك عنيفة قرب مطار دير الزور في شرق البلاد حيث شن هجوما مكنه من استعادة مواقع خسرها امام داعش اثر غارات جوية للتحالف الدولي بقيادة واشنطن قتلت عشرات الجنود السوريين. وقال مصدر عسكري "تحول الجيش السوري من الدفاع الى الهجوم" في منطقة جبل ثردة المطل على مطار دير الزور العسكري بعدما كان "تراجع نتيجة القصف الاميركي". واكد مصدر آخر في مطار دير الزور ان "الجيش استعاد معظم النقاط التي تسلل اليها داعش في جبل ثردة بغطاء جوي كثيف من الطائرات الروسية والسورية". وشن تنظيم داعش مساء السبت هجوما ضد مواقع الجيش السوري مكنته من السيطرة على جبل ثردة. ويسيطر تنظيم داعش على كامل محافظة دير الزور باستثناء مطار دير الزور العسكري واجزاء من مدينة دير الزور، مركز المحافظة. واسفر القصف الجوي الروسي، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، عن مقتل "38 عنصرا من تنظيم داعش". وخلال المعارك صباح امس اسقط داعش طائرة حربية للجيش السوري، وفق ما اعلن التنظيم في بيان. واكد الاعلام الرسمي السوري اسقاط طائرة حربية في دير الزور ومقتل قائدها. واعلنت موسكو مساء السبت ان طائرات للتحالف الدولي شنت اربع ضربات جوية ضد مواقع للجيش السوري قرب مطار دير الزور، ما اسفر عن "مقتل 62 جنديا سوريا واصابة مئة". اما المرصد السوري فافاد عن مقتل "اكثر من 90 عنصرا من قوات النظام". ودعت موسكو امس الولاياتالمتحدة الى "اجراء تحقيق شامل واتخاذ اجراءات لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل". واعتبرت ان "ما قام به الطيارون، اذا لم يكونوا كما نامل ينفذون اوامر واشنطن، تراوح بين الاهمال الاجرامي والدعم المباشر لارهابيي تنظيم داعش". وكان التحالف الدولي اعلن ان قواته "اعتقدت أنها ضربت موقعاً قتالياً لتنظيم داعش كانت تراقبه لبعض الوقت قبل القصف". وأكد انه "ما كان ليستهدف عمدا بتاتا وحدة عسكرية سورية" كما سيبحث في ملابسات الضربة. واصدر الجيش الاسترالي بيانا امس اكد فيه مشاركته في الغارات الجوية على دير الزور، مشددا في الوقت ذاته ان "استراليا ما كانت لتستهدف عمدا وحدة عسكرية سورية". وعقد مجلس الامن الدولي اثر تلك التطورات اجتماعا طارئا بطلب من روسيا. وطالبت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من واشنطن "تفسيرات وافية ومفصلة أمام مجلس الأمن". وأعربت سفيرة واشنطن لدى الاممالمتحدة سامنثا باور بدورها عن أسفها حيال الغارة. وقالت "في حال تبين لنا أننا فعلا قصفنا عناصر من الجيش السوري، فتلك لم تكن نيتنا. ونحن نأسف بالطبع للخسائر بالأرواح". اما سفير روسيا فيتالي تشوركين فاعتبر الغارات الجوية "نذير شؤم" للاتفاق الاميركي الروسي في سورية. وتتراشق الولاياتالمتحدةوروسيا منذ ايام الاتهامات حول اعاقة تطبيق الاتفاق حول سورية الذي يستثني تنظيم داعش وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل اعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة). وترى روسيا ان الولاياتالمتحدة لم تف بالتزاماتها، وخصوصا في ما يتعلق بالتمييز بين الفصائل المعارضة وعناصر جبهة فتح الشام، في حين هددت واشنطن بعدم التنسيق عسكريا مع روسيا في حال عدم ادخال المساعدات الى المناطق المحاصرة. وتنتظر منذ ايام شاحنات المساعدات في المنطقة العازلة عند الحدود السورية التركية املا في الوصول الى الاحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب، حيث يعيش 250 الف شخص. ولا يزال الهدوء سائدا في مدينة حلب المقسمة باستثناء سقوط بعض القذائف القليلة خلال الايام الماضية. اما في جبهات اخرى، وخاصة في الغوطة الشرقية لدمشق وريف حمص (وسط) الشمالي وريف اللاذقية (غرب) الشمالي، فقد تجدد القصف الجوي والاشتباكات بين قوات النظام والفصائل المقاتلة. ولم تعلن الفصائل المعارضة في سورية موقفاً واضحاً من الاتفاق الروسي الاميركي الذي انتقدته ورفضت بشكل خاص استهداف جبهة فتح الشام.