القيادة تعزي رئيس البرازيل    خادم الحرمين يرعى مؤتمر مستقبل الطيران الدولي.. 20 الجاري    اقتصاديان ل «عكاظ»: إنشاء مدينة صناعية ومناطق لوجستية لسلاسل إمداد مواد البناء.. تعزيز للتوطين ودعم المشاريع السكنية    توخيل: الهزيمة أمام ريال مدريد مؤلمة.. وقرار الحكم كارثي    المملكة ونمذجة العدل    14.5 مليار ريال مبيعات أسبوع    محافظ قلوة يدشن أعمال ملتقى تمكين الشباب بالمحافظة.    مهرجان المنتجات الزراعية في ضباء    تعاون مع بيلاروسيا في النقل الجوي    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    دجاجة «مدللة» تعيش حياة المرفهين    عدوان الاحتلال.. قتل وتدمير في غزة ورفح    سعود بن جلوي يرعى حفل تخريج 470 من طلبة البكالوريوس والماجستير من كلية جدة العالمية الأهلية    91 نقطة أعلى رصيد (نقطي) في تاريخ الكرة السعودية.. رقم الحزم التاريخي.. هل يصمد أمام الزعيم؟    الاتحاد يواجه الهلال على ذهب نخبة الطائرة    البلوي يخطف ذهبية العالم البارالمبية    مدرب أتالانتا: مباراة مارسيليا الأهم في مسيرتي    هدف أيمن يحيى مرشح للأجمل آسيوياً    نائب أمير الشرقية يلتقي أهالي الأحساء ويؤكد اهتمام القيادة بتطور الإنسان السعودي    نائب أمير منطقة مكة يكرم الفائزين في مبادرة " منافس    ختام منافسة فورمولا وان بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي    كشافة شباب مكة يطمئنون على المهندس أبا    العمودي والجنيد يحتفلون بناصر    أسرة آل طالع تحتفل بزواج أنس    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    الوعي وتقدير الجار كفيلان بتجنب المشاكل.. مواقف السيارات.. أزمات متجددة داخل الأحياء    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    طريقة عمل كفتة الدجاج    أعطيك السي في ؟!    الاتصال بالوزير أسهل من المدير !    أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة من اليوم وحتى الإثنين.. والدفاع المدني يحذّر    سمير عثمان لا عليك منهم    تغيير الإجازة الأسبوعية للصالح العام !    الذهب من منظور المدارس الاقتصادية !    مسؤول مصري ل«عكاظ»: مفاوضات القاهرة مستمرة رغم التصعيد الإسرائيلي في رفح    حماس.. إلا الحماقة أعيت من يداويها    القيادة تعزي رئيس البرازيل إثر الفيضانات وما نتج عنها من وفيات وإصابات ومفقودين    "الداخلية" تنفذ مبادرة طريق مكة ب 7 دول    وزير الشؤون الإسلامية يدشّن مشاريع ب 212 مليون ريال في جازان    35 موهبة سعودية تتأهب للمنافسة على "آيسف 2024"    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس مجلس إدارة شركة العثيم    إحباط مخطط روسي لاغتيال زيلينسكي    «حِمى» أصداء في سماء المملكة    أمير تبوك يشيد بالخدمات الصحية والمستشفيات العسكرية    «إثراء» يسرد رحلة الأفلام السعودية في 16 عاماً عبر «متحف حكاية المهرجان»    وغاب البدر    «أسترازينيكا» تسحب لقاح كورونا لقلة الطلب    احذروا الاحتراق الوظيفي!    الفيضانات تغرق مدينة بالبرازيل    انطلاق المؤتمر الوطني السادس لكليات الحاسب بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل    برعاية وزير الإعلام.. تكريم الفائزين في «ميدياثون الحج والعمرة»    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    انتهاك الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طبيعة النفس البشرية بين الخير والشر من وجهة نظر الفكر الغربي (2)

ذكرنا في المقالة السابقة: أن من أعظم التساؤلات أثراً على الذات هي تلك التساؤلات الوجودية؛ لما لها من أثر قد يفضي إلى ميول حدِّيَّة، قد تكون في غاية الخطورة، إذ تكون الإجابة عليها مِفْصَلاً وعلامة فارقة في بلورة التوجهات الفكرية بين ثنائية سمو الذات أو انحطاطها، ولاشك أن التساؤلات الوجودية المتعلقة بفكرة الخير والشر، من أعظم التساؤلات خطراً وأكثرها ضرراً؛ لما لها من أثر على الاعتقاد، قد يصل إلى حد المفارقة. ولأهمية هذه المسألة وكونها من المسائل المصيرية التي لها تعلق بفطرة الإنسان الأولى من جهة الإلهام، ولها تعلق بالعلوم الضرورية والمبادئ الأولية في الذات البشرية من جهة الموازنة العقلية، ولكونها فوق التصنيف الإثني والديني والعرقي، ولاعتبارها من المسائل الأخلاقية الضرورية التي لها أثر بالغ في توجه المجتمعات، ولكل ذلك فقد كان الخوض فيها مشتركاً بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي بكافة أطيافه. وكما ذكرنا في المقال السابق: إن هذه المسألة قد نوقشت من قبل الفكر الغربي بنفس المستوى ببعديه الديني والفلسفي، وخاض فيها فلاسفتهم ومفكريهم، ولقد أجاب فلاسفة الغرب ومفكريه عن التساؤل السابق. وهو هل طبيعة الإنسان خيِّرة أم شرِّيرة ؟
فنقول ابتداءً إذا ما أردنا أن نبحث في الأقوال الواردة في الطبيعة الخلقية لدى الإنسان في الفكر الغربي، فمن الضروري الرجوع إلى مبدأ الفلسفة وعقر دارها، (الفكر اليوناني)، وهو محسوب على الفكر الغربي باعتبار نسبته إلى الجنس الآري. ولنرجع إلى الفكر اليوناني ابتداء من الفكر السوفسطائي .
فقد كان «السوفسطائيون يرون أن الطبيعة الإنسانية؛ شهوة وهوى»، مما يعني أن الطبيعة الإنسانية شريرة في طبعها، تمارس الشر بالقوة، ولا يعني ذلك أنه لا يوجد منهم من يرى غير ذلك، فقد ذهب (بروديقوس) وهو أحد السوفسطائيين:» إلى أن الإنسان بطبيعته وبفطرته السليمة، يستطيع أن يهتدي إلى معرفة الخير والشر، ويروى عنه أنه كان يذكر في ذلك تلك الأسطورة التي تحكي أن (هرقل) قابل في صدر شبابه امرأتين، إحداهما: ترمز إلى الفضيلة، وترمز الأخرى إلى الرذيلة، ودعته كل منهما إلى اتباع طريقها، فاختار هرقل طريق الفضيلة على ما فيه من مشقة وتعب.
ومعنى ذلك أن الطبيعة هي التي تهدي الفرد إلى الفضيلة والخير، وكأنها تصدر عن طبائع البشر تلقائياً «.
ففي الوقت الذي نرى فيه رؤية متشائمة لدى السوفسطائيين بعامة في جانب الطبيعة الإنسانية، وكونها تتجه إلى الشر، وتميل إليه وتمارسه طبعاً لها، نجد هذه النظرة التفاؤلية لدى (بروديقوس) واعتباره الفضيلة والميل إليها والتوجه إلى الخير، والميل إليه طبعاً بشرياً تلقائياً.
وإذا ما تركنا السوفسطائيين، وحولنا الوجهة إلى الفكر المضاد لهم، ممثلاً (بسقراط ) نجد أنه من خلال فلسفته الأخلاقية، يرى أن للإنسان طبيعة خلقية تتمثل في « أن الإنسان يريد الخير دائماً، ويرفض الشر بالضرورة «.
ولذلك, نجد أن سقراط « يصرح بأن الإنسان ليس شريراً بطبعه، وبالتالي فإنه لا يفعل الشر بإرادته، وهذا ما دفعه إلى إعفاء الأشرار من نتائج أعمالهم «.
وإذا ما اتجهنا إلى المدارس اليونانية المختلفة فإنا نجد الرواقيين لهم فلسفة تكاد تكون مقاربة لفلسفة سقراط، من جهة طبيعة الإنسان الخلقية، حيث إنهم يرون: «أن الناس كلهم يخلقون أخياراً بالطبع، ثم بعد ذلك، يصيرون أشراراً بمجالسة أهل الشر، والميل إلى الشهوات الرديئة».
وبين السوفسطائيين من جهة، وسقراط والرواقيين من جهة أخرى، نرى من له رأي وسط بين هؤلاء، (فجالينوس) ممن يمثل هذا الاتجاه الوسط في التراث اليوناني، وقد سقنا قوله وأبنا رأيه في المقال السابق: وفيه أنه ليس كل الناس أشراراً بالطبع، كما ذهب السوفسطائيون، وليس كل الناس أخياراً بالطبع، كما ذهب سقراط وغيره؛ بل من الناس من يولد خيِّراً بطبعه؛ ومنهم من يولد شريراً بطبعه، بل وزاد بأن جعل منهم من هو وسط بين الخير والشر، بمعنى أنهم ذو طبيعة محايدة؛ لا خيرة ولا شريرة، ولكن تكون خيرة أو شريرة بالتطبع، فجالينوس إذن صاحب رؤية وسطية.
وإذا ما انتقلنا إلى الفلسفة الحديثة، وتركنا الأصول اليونانية في طبيعة الإنسان الخلقية، نجد (بتلر) الأسقف الفيلسوف الإنجليزي، يوجه جل فلسفته الأخلاقية إلى الضمير، ف»الضمير عنده هو المبدأ الأسمى الذي يسود باقي العناصر، وهو ملكة عليا مغروسة في طبع البشر، وله وظيفتان:
الأولى: التروي والتبصر عند تقييم الأفعال الإنسانية، والتمييز بين الخير والشر والنافع والضار.
الوظيفة الثانية : هي نفوذه وسلطانه على الإنسان، فمع أنه ملكة تعقل وتأمل، إلا أنه مع كفالة حرية الإنسان في التصرف، يميل إلى الخير، ويغري بفعله، ويضيق بالشر، وينفِّر من اقترافه».
إذن نجد عند بتلر أن الطبيعة الإنسانية محكومة بالضمير، والضمير هو المبدأ الأسمى المتحكم في طبيعة الإنسان الخلقية، وهو الذي يوجه طبيعة الإنسان الخلقية، وينزع بها إلى الخير، وينفرها من الشر.
مما يعني أن « الفضيلة في رأي بتلر طبيعية في الإنسان، والرذيلة انتهاك لطبيعتنا، إذ هي نوع من تشويه الذات».
وقد وافق بتلر عدد ليس بالقليل من الفلاسفة الغربيين في اعتباره فطرية الفضيلة في النفس البشرية، فمنهم (شافتسبري). إذ يرى «أن في الإنسان ميولاً اجتماعية طبيعية، وعاطفة إنسانية نبيلة، يدركها كل منَّا عندما يتأمل في إعجابه بالنبل، وميله إلى التعاطف مع الآخرين، وحبه الخير لهم».
وممن وافقه أيضاً(هاتشيسون)، حيث أيد وجهة النظر القائلة بفطرية وطبيعية الخيرية في النفس الإنسانية، وذلك من خلال تأكيده « وجود حاستين خاصتين في الطبيعة الإنسانية ، إحداهما : حاسة الجمال، والأخرى: حاسة الخير، وبهما يكشف الإنسان جمال السلوك الأخلاقي وخيريته، ويندفع إلى عمل الخيرات، وإصدار الأحكام على الأفعال».
وإلى نحو ذلك أيضاً ذهب(آدم سميث)، وكذلك (جان جاك روسو) الذي» يرى أن الطبيعة الإنسانية طبيعة طيبة؛ لكن المدنية هي التي تفسد هذه الطبيعة... وإن في قرارة النفوس مبدءاً فطرياً للعدل والفضيلة، نقيس إليه أفعالنا، وأفعال سوانا من الناس، ونحكم عليها بالخير أو السوء، وهذا المبدأ هو الذي أسميه الضمير». وكذلك نجد ( بستالوتزي) «يرى أن الإنسان يولد صالح الفطرة».
وإذا ما اتجهنا إلى فيلسوف الواجب الأخلاقي «كانت» وجدناه ممن يقول: بوجود أخلاق فطرية خيِّرة في الطبيعة الإنسانية، أي أخلاق قبلية، هي بمثابة مبادئ ضرورية أولية، ليس مصدرها العقل أو الحس، إنما مصدرها الشعور، والذي عبر عنه بالضمير، فنجده يقول: «يجب أن تستمد القاعدة الأخلاقية من باطن النفس مباشرة، وإذن فلابد أن تكون لدينا مبادئ أخلاقية فطرية، تنشأ في الإنسان بطبيعته فيستلهمها، ويستوحيها دون أن يلجأ في تحديد سلوكه إلى علم أو تجربة ... فسبيلنا الآن أن نبين: أن العقل الخالص يمكنه بطبيعة تكوينه أن يقود الإرادة، وأن يهديها إلى أقوم السلوك من غير أن يستنير في ذلك بشيء خارجي محسوس، أي أن نبين أن قانون الأخلاق فينا قبل التجربة، وأن الأوامر الأخلاقية... مستمدة من فطرة الإنسان».
ثم نجده يؤكد فطرية الطبيعة الخيرة من خلال تساؤله: «فما ذلك الصوت الذي يصيح فينا صيحة التأنيب، ثم يدعونا إلى اعتزام السلوك على النحو الصواب؟ إنه الضمير؛ الذي لا ينفك يأمرنا أن نعمل على نحو يصح أن يكون قانوناً عاماً للبشر... فنحن نعلم لا بالمنطق ولكن بشعورنا القوي المباشر، أننا يجب أن نتجنب السلوك الذي إن اتبعه الناس جميعاً؛ لتعذرت الحياة الاجتماعية أو تعسرت « .
وفي مقابل القائلين بخيرية الطبيعة، نجد من ينحو تجاه التشاؤمية، فيرى أن الإنسان شرير بطبعه، والخير طارئ عليه، وهو مذهب المتشائمين؛ وممن يميل إلى هذا الرأي الكنيسة المسيحية بعمومها، وأوضح من يمثلها المذهب الكالفيني نسبة إلى (جان كالفن)، حيث ترى أن الإنسان منذ خطيئة آدم قد انقلب شريراً، لا حيلة في إصلاحه بنفسه، ولا غنى له عن منقذ مخلص إلهي.
ومن أصحاب هذه النظرة التشاؤمية « كل من الفيلسوفين (هوبز) و(سبنسر)، اللذين يريان أن الإنسان متوحش مطبوع على الشر وسوء الخلق «.
وهذا (ميكيافيلي) أحد أفرد هذه النظرة التشاؤمية وهو من أشد التشاؤميين تزمةً، فقد «عمد إلى بناء نظريته السياسية على افتراضات خاصة، تصور الطبيعة البشرية في صورة سلبية، مجردة من القيم والفضائل الأخلاقية النبيلة»، وكان قد تبين له من خلال استقرائه للأمور الإنسانية، وتصرفات الناس عبر التاريخ، وفي سائر البلدان، أن الإنسان في جوهره شرير.
ولذلك نجده يقول:»إن الأفراد عموماً لهم قيمة سالبة فقط غير مشكورين، ولا يمكن الاعتماد عليهم، غير صادقين، غير كرماء، وكل هذه الصفات الخمس متأصلة طبيعياً في الإنسان».
وعلى الرغم من وجود مثل هذه النظرة التشاؤمية إلاَّ أن قلة القائلين بها، وكثرة القائلين بخيرية الطبيعة ممن ذكرنا وغيرهم ممن لم نذكر، وكثرة القائلين بالطبيعة المحايدة ممن سنذكر يُدخل في أنفسنا نوعاً من التفاؤل.
إذن هناك فريق ثالث وسط يرى أن الإنسان في طبيعته محايد بين الخير والشر: إما باعتبار المجموع، أي أن من الناس من يولد خيِّراً، ومنهم من يولد شريراً، وإما باعتبار الفرد ذاته، أي أنه يولد حين يولد ولا يحمل في طبعه خيراً أو شراً، بل هو صفحة بيضاء خالية من عناصر الخير والشر، وممن ذهب إلى الرأي القائل بالحيادية باعتبار الفرد فقط في الفكر الغربي الحديث: (برتراندرسل) الفيلسوف البريطاني، و(دور كايم) الفرنسي. ونجد كذلك (وليام مكدوجل) الفيلسوف البريطاني الأصل الأمريكي الجنسية يبين وجهة نظره مرجحاً الحيادية الفردية قائلاً: إن كل نزعة من النزعات الفطرية ينبوع من الطاقة، أما أن هذه الطاقة ستتجه إلى الخير، أم إلى الشر، فأمر يتعلق بتوجيهها إلى غايات نبيلة أو وضيعة، كما يتعلق بالتحكم الرشيد في هذا التوجيه، إن كل النزعات الفطرية قديرة على فعل الخير والشر».
وممن ذهب إلى القول بالطبيعة المحايدة باعتبار المجموع فقط فيلسوف التشاؤم الألماني (شوبنهاور)، وهذه تعتبر عجيبة من العجائب منه، حيث نجد فيها نوعاً من التناقض، باعتبار مذهبه التشاؤمي، فنجده يقول في بيان مذهبه في طبيعة النفس: «يولد الناس أخياراً أو أشراراً، كما يولد الحمل وديعاً، والنمر مفترساً».
وقد وافق شوبنهاور في رأيه، الفيلسوف الفرنسي (ليفي بريل) فنجده يقول:
«إن ميولنا الحسنة أو القبيحة، التي نجيء بها إلى هذا العالم عند ولادتنا، هي طبيعتنا».
هذه عجالة في بيان وجهة نظر الفكر الغربي في مسألة طبيعة الإنسان بين الخير والشر. وقد سبق في المقالة السابقة أن بينا وجهة نظر الفكر الإسلامي الأصيل في هذه المسألة. ولك أن تنظر إلى الفارق بين من يهتدي بهدي السماء ومن يركن إلى عقله المجرد. ولئن اتفقت الأقوال في بعض الجوانب، فإن ذلك يرجع إلى القدر المشترك بين الخليقة من جهة التفكير وما وهب الله من عقل، إلاَّ أن تفرد الفكر الإسلامي بأصالة المصدر يظهر جلياً من جهة تأصيل المسألة وتأطير حدودها وتقييم سلبياتها وبيان إيجابياتها وقد أبنا كل ذلك في المقالة السابقة المتعلقة بطبيعة النفس البشرية بين الخير والشر في الفكر الإسلامي.
فإذا كانت النفس ذات طبيعة محايدة في جانب الخير والشر المتعلق بأفعال العباد، وكانت خيِّرة باعتبار الفطرة الأولى من جهة التعلق بمعرفة الخالق والمتمثلة بمعرفة الربوبية، وحق الألوهية لا التأله، أي التعلق بإله تبحث عنه وتسعى إلى التعرف عليه، فما هي وسيلة هذه الفطرة في بحثها عن طريقٍ للوصول إلى الإله المعبود لا الإله المربوب؟
(وللحديث بقية- إن شاء الله- في بيان فطرية الوصول إلى الإله المعبود بين دلالة العقل والنقل).
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.