صدر العدد الجديد من مجلة (الفيصل) لهذا الشهر، يشتمل على مجموعة كبيرة من الموضوعات الأدبية، والثقافية، والعلمية، والاقتصادية، استهلها الدكتور عوض بن خزيم آل سرور الأسمري باستطلاع عن (وادي عياء) الواقع على المنحدرات الشرقية من منطقة بللسمر، وهي الهضبة التي تنبسط تدريجياً من قمم السراة، وتنتهي قرب صحراء النفود، وتحدث عن مناخ هذا الوادي، والزراعة، والمواصلات، والطرق المؤدية إليه، والحضارة التي كانت سائدة فيه، والمعالم الأثرية التي تركها أولئك الناس، وقدم معلومات موثقة تسهيلاً على القراء، والباحثين، والمختصين، راجياً منهم الانطلاق إلى ما هو أهم. ألا وهو معرفة حقيقة هؤلاء القوم، وفترتهم التاريخية، وسبب انقراض حضارتهم، التي لاتزال قصورهم الشاهقة شواهد حية عليها. وكتب غسان أبو السعود عن (تجارة الأسهم) موضحاً أن تجارة الأسهم مثلها مثل لعب اليانصيب، هي لعبة بحصيلة سالبة، وفي المجمل فإن الناس يخسرون، فلماذا يتجر الناس بالأسهم، ويشترون بطاقات اليانصيب؟! وقد حاول الباحث في هذه المقالة الإجابة عن هذا التساؤل، من خلال تسليط الضوء على الآمال، والتطلعات، والأفكار، والعواطف، والدوافع لدى الناس. وجاء موضوع محمد سعيد المولوي بعنوان: (من هم الأكراد؟ وما أصولهم؟) تناول فيه المشكلة الكردية منذ ظهورها على سطح الحياة في منتصف القرن العشرين ونهايته، التي تمثلت في آمال كثير من الأكراد في أن يجتمعوا جميعاً في دولة تجمع مناطق وجودهم المتسعة، وأرجع أساس المشكلة الكردية إلى عنصرين هما: الفقر والإهمال الذي لحق بالأكراد، والعنصر القومي وفكره الذي انتشر في مطلع القرن العشرين، وتناول الباحث أصل الأكراد في المصادر العربية القديمة: كيف كانوا؟ وإلى ماذا آلوا؟ وأثبت أن الأكراد قد نبغ منهم علماء عظام، وفقهاء، ومحدّثون، وشعراء، كلهم يدين بالإسلام، وأن الأكراد في غلبتهم سنيون على مذهب الإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة، وأن الشيعة منهم قليل، وإنما أصابهم التشيع من دخول بعض الأكراد بلاد العجم. وكتب بسام ساعي تحت عنوان: (الصورة المشوهة لإله المسلمين عند الغرب: الرحمة أم القسوة؟)، وتساءل في البداية عن نوع السلطة التي يظن الإنسان أنها الأفضل لإقامة العدل، والسلام، والاستقرار في الأرض. ثم تحدث عن رحمة الله بعباده في الإسلام، وأورد كثيراً من القصص، والأحاديث النبوية الشريفة، التي تؤكد هذه الرحمة، وأضاف أن الرحمة في الإسلام لا تقتصر على العلاقة بين الله وعباده، بل تتجاوزها إلى ما بين العباد أنفسهم، بعضهم مع بعض، وسأل الله العفو لأولئك المسلمين الذين قدموا للغرب صورة مشوهة عن (إلهنا) بإبراز جانب الشدة عنده تعالى دون الرحمة، والعذاب، دون الإحسان، والانتقام دون المغفرة، وباهتمامهم بالحديث عن جهنم وأهوالها، دون الجنة وأفراحها. وناقش الدكتور عبدالله بن محمد بن صالح المالكي العلاقة بين (التعليم والنمو الاقتصادي)، موضحاً أن التعليم أصبح عملية استثمارية لا تختلف عن عملية الاستثمار المادي، كما أن التعليم يعد من الحاجات الأساسية التي لا غنى لأي فرد من أفراد المجتمع عنه، وهو الأساس في التقدم الاقتصادي والاجتماعي، وفي إحداث التنمية الشاملة لأن الموارد البشرية تمثل القاعدة الرئيسة لثروة الأمم، ومن دونها تفقد العوامل الإنتاجية الأخرى قيمتها، وتصبح غير فعالة. وقد أثبتت إحصاءات البنك الدولي ارتباط معدل نمو الدخل (الدخل الفردي) بالمستوى التعليمي في الدولة، مقياساً بمستوى الإجمالية (ذكور وإناث). وقدمت إنشراح سعدي في مقالة بعنوان: (قصبة الجزائر.. تراث عالمي يقاوم الزمن والإهمال!) وصفاً تفصيلياً لقصبة الجزائر، التي تصنف الآن ضمن التراث العالمي، وتناولت شوارعها، وأزقتها، وبيوتها، ومعالمها التاريخية التي من بينها الجامع الكبير، الذي بناه يوسف بن تاشفين سنة 460ه، وهو مايزال قائماً على الرغم من مرور ما يقارب ألف عام على بنائه، وقصبة بلكين التي بناها عام 950م بلكين بن زيري بن مناد بن منقوش البلكاني الصنهاجي، وأوضحت أن القصبة كانت العاصمة السياسية للأتراك، وقد حصنها العثمانيون بأسوار شامخة، وتحدثت عن التغيرات التي طرأت على هذه المدينة العريقة، التي كانت ملجأ للثوار الجزائريين أيام الاستعمار الفرنسي، كما أنها كانت ملهمة للأدباء. وأنجبت من بين ظهرانيها معظم شيوخ الفن الشعبي. ومن قصص العدد: (بطاقتا مسرح) للدكتور محيي الدين شيخاني. ومن قصائد العدد: (اللوحة لم تكتمل) لهشام مصطفى، و(في صمتها الطرب) لبهيجة مصري إدلبي، و(الموت خلف لحظة الرحيل) لحمزة قناوي. وجاءت رحلة في كتاب، عن كتاب (فلسفة جديدة للعمر) تأليف: جرسيا إيلياد، قدم الدكتور محمد خير البقاعي ترجمة لمقدمة هذا الكتاب التي تحمل عنوانه، وقد صدر هذا الكتاب باللغة الرومانية عام 1943م في بوخارست، وترجم إلى اللغة الفرنسية، ونشر ضمن منشورات هيرن LصHerne في باريس عام 2001م. وجاء حوار العدد مع الدكتور محمد المناوي - أستاذ أمراض النساء والولادة - حول التعريب الذي يعد المناوي من أكثر المتحمسين له، وقد وضع فيه كتابين هما: (أزمة التعريب) و(في التعريب والتغريب)، وقد حاول المحاور حسين حسن حسين الوقوف على رؤية الدكتور المناوي، وأسباب اهتمامه بالعربية، وهو الطبيب الذائع الصيت في ميدان تخصصه. وتضمن العدد الأبواب الثابتة: الملف الثقافي الذي يرصد حركة الثقافة داخل المملكة وخارجها، واشتمل على أخبار ثقافية، وأحدث إصدارات الكتب والدوريات، والمسابقة التي رصدت جوائز قيمة للفائزين، وجاء خاتمة المطاف: بعنوان: (البحث عن الحقيقة) لعبدالمؤمن بن عبدالله القين.