استمرار هطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    جيرارد: فخور بلاعبي الاتفاق    نيفيز: الهلال لا يستسلم أبدًا    تيليس: ركلة جزاء الهلال مشكوك في صحتها    "تيك توك" تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    آلية الإبلاغ عن الاحتيال المالي عبر "أبشر"    الحج تحذر: تأشيرة العمرة لا تصلح لأداء الحج    "الذكاء" ينقل مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    السمنة والسكر يزيدان اعتلال الصحة    مهارة اللغة الإنجليزية تزيد الرواتب 90 %    الهلال يتعادل مع النصر في الوقت القاتل في دوري روشن    ترتيب الدوري السعودي بعد تعادل النصر والهلال    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    ضمك يتعادل مع الفيحاء إيجابياً في دوري روشن    رقم جديد للهلال بعد التعادل مع النصر    موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والترجي اليوم في نهائي دوري أبطال إفريقيا    مستقبلا.. البشر قد يدخلون في علاقات "عميقة" مع الروبوتات    العلماء يعثرون على الكوكب "المحروق"    «الدفاع المدني» محذراً: ابتعدوا عن أماكن تجمُّع السيول والمستنقعات المائية والأودية    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 27 جائزة في «آيسف 2024»    الصين تستعرض جيش "الكلاب الآلية" القاتلة    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    طريقة عمل مافن كب البسبوسة    طريقة عمل زبدة القريدس بالأعشاب    طريقة عمل وربات البقلاوة بحشو الكريمة    تأكيد مصري وأممي على ضرورة توفير الظروف الآمنة لدخول المساعدات الإنسانية من معبر رفح إلى غزة    القبض على مقيم ووافد لترويجهما حملات حج وهمية بغرض النصب في مكة المكرمة    الأمن العام يطلق خدمة الإبلاغ عن عمليات الاحتيال المالي على البطاقات المصرفية (مدى) عبر منصة "أبشر"    تدشين أول مهرجان "للماعز الدهم" في المملكة بمنطقة عسير    ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    السالم يلتقي رواد صناعة إعادة التدوير في العالم    «هيئة النقل» تعلن رفع مستوى الجاهزية لخدمات نقل الحجاج بالحافلات    «تعليم جدة» يتوج الطلبة الفائزين والفائزات في مسابقة المهارات الثقافية    استكمال جرعات التطعيمات لرفع مناعة الحجاج ضد الأمراض المعدية.    المملكة تتسلم رئاسة المؤتمر العام لمنظمة الألكسو حتى 2026    خادم الحرمين الشريفين يصدر أمرًا ملكيًا بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    الإعلام الخارجي يشيد بمبادرة طريق مكة    ‫ وزير الشؤون الإسلامية يفتتح جامعين في عرعر    النفط يرتفع والذهب يلمع بنهاية الأسبوع    قرضان سعوديان ب150 مليون دولار للمالديف.. لتطوير مطار فيلانا.. والقطاع الصحي    بوتين: هدفنا إقامة «منطقة عازلة» في خاركيف    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    رئيس الوزراء الإيطالي السابق: ولي العهد السعودي يعزز السلام العالمي    محافظ الزلفي يلتقي مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    الكليجا والتمر تجذب زوار "آيسف 2024"    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    مدير عام مكتب سمو أمير منطقة عسير ينال الدكتوراة    حراك شامل    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية    صالح بن غصون.. العِلم والتواضع        ابنة الأحساء.. حولت الرفض إلى فرص عالمية    الاستشارة النفسية عن بعد لا تناسب جميع الحالات    العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    حق الدول في استخدام الفضاء الخارجي    كلنا مستهدفون    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكثر ما تكثر الغيبة في مجتمعات النساء
الشيخ العويد محذراً
نشر في الجزيرة يوم 25 - 01 - 2002

هو مرض العصر وآفة الآفات لم يسلم منه الصالحون فضلا عن الطالحين، وهي فاكهة المجالس، وموضوعها من أهم الأمراض ومن أكثرها خطرا وشيوعا.
بهذه الكلمات افتتح فضيلة الشيخ سلطان بن محمد العويد إمام وخطيب جامع الإمام فيصل بن تركي بالدمام خطبته القيمة التي كانت تتحدث عن موضوع خطير لم يسلم منه أحد إلا من رحم الله ألا وهو موضوع الغيبة.
في البداية يقول فضيلته احذر نفسي وأحذر إخواني المسلمين من أن يكون قولنا وسماعنا لموضوع الغيبة من باب رفع الرصيد الثقافي او العلمي، أو أن تعتقد ان الحديث موجه لغيرك وأنك سالم من هذا المرض، يقول المولى جل وعلا: *{ يّا أّيٍَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا \جًتّنٌبٍوا كّثٌيرْا مٌَنّ پظَّنٌَ إنَّ بّعًضّ پظَّنٌَ إثًمِ وّلا تّجّسَّسٍوا وّلا يّغًتّب بَّعًضٍكٍم بّعًضْا أّيٍحٌبٍَ أّحّدٍكٍمً أّن يّأًكٍلّ لّحًمّ أّخٌيهٌ مّيًتْا فّكّرٌهًتٍمٍوهٍ} [الحجرات: 1 12] فهل من وقفة مع هذه الاية؟ إن الله تعالى يقول وينادينا بنداء الإيمان { يّا أّيٍَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا} فالمؤمنون مراتب فخف على نفسك أن تكون ممن آمن بلسانه ولم يخالط الإيمان قلبه ثم بعد ذلك أطلق لسانه يرتع في أعراض المسلمين، فقد روى البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته). مستطرداً فضيلته بقوله: تأمل أخي المسلم في هذه الآية العظيمة، لقد شبه الله تعالى المغتاب بالذي يأكل لحم أخيه المسلم بعد ان مات، قال القرطبي رحمه الله: (مثّل الله الغيبة بأكل الميتة لان الميت لا يعلم بأكل لحمه كما أن الحي إذا اغتيب لا يعلم بغيبة من اغتابه)، فما أبشع ذلك المنظر وأسوأ تلك الصورة!! إنها صورة المسلم المنهمك في أكل أخيه المسلم الذي فارق الحياة. ويواصل العويد ذكر الأدلة فيقول: جاء عن رسولنا صلى الله عليه وسلم في أمر الغيبة ما تقشعر منه الأبدان وترتعد منه الفرائص وقبل ذكر النصوص عن نبينا صلى الله عليه وسلم نذكر إخواننا المؤمنين بعد أنفسنا بأن الله لا يخادَع ولا يُتحايَل عليه لأن بعض المسلمين بل أكثر المسلمين الواقعين في الغيبة ربما فسروا أقوالهم وأفعالهم بأنها ليست غيبة فنقول لهم إن معنى الغيبة ليس فيه خلاف حتى نختلف في معناها لأن الذي عرّف الغيبة وفسرها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتدرون ما الغيبة قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهَتَّه) ومع هذا التعريف النبوي الصريح الذي لا مجال فيه للتلبيس نقول للمغتاب الذي يقول إني لم أذكر فلاناً إلا بما هو فيه فلماذا تنكرون علي؟ نقول إنك الآن تعترف بأنك مذنب مغتاب فهذه غيبة واضحة والرسول صلى الله عليه وسلم لم يجامل ولم يتسامح في موضوع الغيبة حتى مع أقرب الناس وهما عمر بن الخطاب وأبوبكر الصديق أقرب اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى نفسه عليه الصلاة والسلام، فقد روى الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة عن انس رضي الله عنه قال: كانت العرب يخدم بعضها بعضاً في الأسفار وكان مع أبي بكر وعمر رجل يخدمهما فاستيقظا ولم يهيأ لهما طعام الإفطار، والأصل ان يستيقظ الخادم ويهيئ الطعام لمن يخدمه فقال أحدهما لصاحبه إن هذا ويقصد الرجل الخادم ليوائم ببيتكم يعني كأن هذا الرجل نائم في البيت فأيقظاه فقالا: ائت رسول الله فقل له إن أبا بكر وعمر يقرئانك السلام وهما يستأدمانك يطلبان الإيدام ليأكلا فقال رسول الله: قد إتدما ففزع أبو بكر وعمر فجاءا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا:يا رسول الله بعثنا إليك لنستأدمك فقلت قد إتدما. فبأي شيء قد اتدمنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: بلحم أخيكما والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه في أنيابكما، وفي رواية قال: إني أرى لحمه في ثناياكما قالا (أبوبكر وعمر): إستغفر لنا يا رسول الله قال: هو فليستغفر لكما) ماذا قال ابوبكر وماذا قال عمر: تكلم أحدهما والآخر يسمع لم يقولا إلا كلاما يسيرا نحن نقول اليوم أعظم منه قال احدهما إن هذا ليوائم نوم بيتكم أي إن نومه ونحن في السفر كأنه نائم في البيت وفي هذا تعريض له بكثرة نومه فما أكثر ما نقول اشد من هذا ومع ذلك لا نشعر مع ذلك أبداً بأننا قد أخطأنا.
ريح الذين يغتابون المؤمنين
ويكمل الشيخ العويد ذكر الأحاديث في باب التحذير من الغيبة فيقول: روى الحاكم بسند صحيح عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الربا ثلاث وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإنّ أربى الربا عرض الرجل المسلم)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا تصف صفية زوج النبي، قال بعض الرواة أن عائشة تعني أنها قصيرة فقال رسول الله بعد أن سمع قولها لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته)، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما عرج بي ربي إلى السماء مررت بقوم لهم أظفار من نحاس تخمش وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم)، وعن جابر رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فهبت ريح منتنه فقال صلى الله عليه وسلم: (أتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين).
ويتساءل الشيخ العويد بعد ذكر الأدلة فيقول: ماذا يقول المسلم بعد هذه النصوص لعله يدور في ذهنك تساؤل فتقول: لعلي أعتزل الناس، لعلي لا أخالط احدا أبدا حتى أسلم من قول الغيبة واستماعها فنقول لك لا ولكن اعرف طريق النجاة ثم اسلكه وجاهد نفسك والله تعالى يقول: {وّالَّذٌٌينّ جّاهّدٍوا فٌينّا لّنّهًدٌيّنَّهٍمً سٍبٍلّنّا} [العنكبوت: 69] فالعزلة ليست حلاً شرعيا لترك الغيبة وبعد هذه النصوص الواضحة لم يسع علماء الإسلام ان يجمعوا إجماعا أن الغيبة من كبائر الذنوب، يقول القرطبي رحمه الله (والإجماع على أنها من الكبائر وأنه يجب التوبة منها إلى الله تعالى).
الهزل والتنكيت
لماذا يغتاب المسلم إخوانه المسلمين؟ ولماذا ينهش لحومهم وهو يعلم حرمة الغيبة وهو يسمع التشبيه القرآني الفظيع للغيبة؟، لابد من وجود أسباب تؤدي الى وقوع المسلم في هذا الذنب العظيم يجملها الشيخ العويد في النقاط التالية:
أولا: ضعف الإيمان وضعف اليقين بموعود الله وذبول الإيمان بالغيب وتخلخل عقيدة المسلم تجاه الإيمان باليوم الآخر، حيث صارت الغيبة نوعا من أنواع المحرمات الكثيرة التي تساهل المسلمون فيها أيما تساهل وأصبح المؤمن لا يستغرب الغيبة من بعض المسلمين لماذا؟ لأنهم وقعوا فيما هو أشد منها من تضييع للصلوات والمسؤوليات ومجاهرة بأعظم المنكرات.
ثانيا: التشفي وإظهار الغيظ وما ضر المسلم حينما يغتاظ على أحد من إخوانه المسلمين الذين لا يحضرونه لو كظم غيظه عنهم لأن الغضب مهلكة، فإذا غضبت أمسك لسانك واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، تذكر قوله تعالى: {وّسّارٌعٍوا إلّى" مّغًفٌرّةُ مٌَن رَّبٌَكٍمً وّجّنَّةُ عّرًضٍهّا پسَّمّوّاتٍ وّالأّرًضٍ أٍعٌدَّتً لٌلًمٍتَّقٌينّ پَّذٌينّ يٍنفٌقٍونّ فٌي پسَّرَّاءٌ وّالضَّرَّاءٌ وّالًكّاظٌمٌينّ پًغّيًظّ وّالًعّافٌينّ عّنٌ پنَّاسٌ وّاللَّهٍ يٍحٌبٍَ پًمٍحًسٌنٌينّ (134)} [آل عمران: 133 134] تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين يزوجه منها ما يشاء).
ثالثا: الحسد فإنه ربما أثنى الناس على شخص ويكون هذا الممدوح من الذين يلقون قبولا عند الناس ومحبة واحتراماً فإذا سمع الحاسد ذلك احترق قلبه فلا يجد إلا الغيبة ينفس بها عن حسده وحقده، ومن المؤسف أن يدخل الحسد حتى بين المنتسبين للعلم والدعوة إلى الله فتجد بعضهم يطلق لسانه في اعراض العلماء والدعاة والمصلحين بغير حق وبغير برهان ولكن الحسد أحرق قلبه فظهر الأثر على اللسان وكلام الحاسدين في غيرهم بغير حق إنما هو رفعة للمتكلم عليه وبرهان صادق واضح على وضع القبول لهم في الأرض.
رابعاً: إرادة المغتاب أن يرفع نفسه عند السامعين فلا يجد سبيلا الى ذلك إلا بتنقيص الآخرين فيقول مثلا: فلان جاهل، لماذا؟ ليبرز هو علمه، وفلان بخيل ليبرز كرمه، وهذا المغتاب يجمع بين خطيئتين هو الغيبة والعجب والرياء والسمعة.
خامسا: موافقة القرناء والجلساء مجاملة لهم ممن يتفكهون في أعراض المسلمين ويلهون ويلعبون بها فيخشى المغتاب إذا أنكر عليهم او قطع كلامهم او لم يوافقهم ويبتسم في وجوههم ان يستثقلوه وينفروا منه ولا يحبوا مجالسته.
سادسا: الفراغ القاتل الذي لا يليق بمسلم أبدا أن يكون فارغاً فلا يجد المغتاب أحياناً ما يشغل به نفسه إلا الغيبة.
سابعا: التقرب لدى الوجهاء والأغنياء والملأ وذلك طمعا في عطاياهم وإرضاء أهوائهم وهذا ذنب عظيم.
ثامنا: الغيبة من اجل اللعب والهزل وما يسميه الناس بالتنكيت، وهذا فسق لا يليق إلا بأراذل الناس فمتى كانت الغيبة المحرمة سببا في الترويح عن النفس وفي إذهاب الملل والسآمة؟!
تعطيل شعيرة الأمر بالمعروف
ما حكم استماع الغيبة، وما موقف المسلم اذا سمع أحدا يغتاب ولو من أقرب الناس إليه؟ وهل هناك علاقة بين الغيبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكيف يتوب المغتاب؟ وكيف تعالج الغيبة في المجتمعات؟
تساؤلات يجيب عليها الشيخ العويد فيقول: سماع الغيبة مع عدم الإنكار او القيام من المجلس ذكر العلماء رحمهم الله أنه نوع من المشاركة في الإثم يقول النووي رحمه الله (اعلم ان الغيبة كما يحرم على المغتاب ذكرها يحرم على السامع استماعها وإقرارها) قال تعالى: {وّإذّا سّمٌعٍوا پلَّغًوّ أّعًرّضٍوا عّنًهٍ } [القصص: 55] وقال تعالى:{ إنَّ پسَّمًعّ وّالًبّصّرّ وّالًفٍؤّادّ كٍلٍَ أٍوًلّئٌكّ كّانّ عّنًهٍ مّسًئٍولاْ (36)} [الإسراء: 36] وفي قصة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما السابقة مع الخادم قال أحدهما: إنه ليوائم نوم بيتكم، فهي عبارة يسيرة وكان الآخر مجرد مستمع ومع ذلك قال لهما النبي صلى الله عليه وسلم : (والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه بين أنيابكما)، فمع هذه النصوص الواضحة فإننا نجد اليوم ربما سمعناالغيبة وربما كان بعضنا يجلس مع المغتابين مع حسن إصغاء للمغتاب والبعض يستمع ويتلذذ بسماعه ويشتاق لذلك الذي يفري في أعراض المسلمين وكأن لسان حاله يقول هل من مزيد! مؤكدا العويد خطورة هذا الامر بقوله: فأين نحن اليوم من الموقف الشرعي الذي يوجب علينا رد الغيبة ووعظ المغتاب قدر الإمكان، يقول تعالى:{وإذّا رّأّيًتّ پَّذٌينّ يّخٍوضٍونّ فٌي آيّاتٌنّا فّأّّعًرٌضً عّنًهٍمً حّتَّى" يّخٍوضٍوا فٌي حّدٌيثُ غّيًرٌهٌ وّإمَّا يٍنسٌيّنَّكّ پشَّيًطّانٍ فّلا تّقًعٍدً بّعًدّ پذٌَكًرّى" مّعّ پًقّوًمٌ پظَّالٌمٌينّ} [الأنعام: 68] قال النووي رحمه الله (اعلم أنه ينبغي لمن سمع غيبة مسلم ان يردها ويزجر قائلها فإن لم ينزجر بالكلام زجره بيده فإن لم يستطع باليد ولا باللسان فارق ذلك المجلس فإن سمع غيبة شيخه او غيره ممن له عليه حق أومن اهل الفضل والصلاح كان الاعتناء بما ذكرناه أكثر).
ويضيف الشيخ العويد: إن من الاعمال الصالحة نصر المسلم في غيبته ورد الغيبة عنه، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار)، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما وأبي طلحة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من امرىء يخذل مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرىء ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته)، فإياك أخي المسلم ان تمكن أحداً من المنافقين او الشانئين المبغضين للعلماء والصالحين من الغيبة والنهش في اعراض أهل الإيمان فإذا سمعت أحدهم يغمز ويلمز فأسمعه ما يليق به من الإنكار والزجر فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من حمى مؤمناً من منافق بعث الله ملكا يحمى لحمه يوم القيامة من نار جهنم). ويؤكد فضيلته ان الغيبة علامة على جبن المغتاب لأنه لا يستطيع المواجهة ولو كان شجاعا لذكر المرء بما فيه امامه ولهذا يجب ان يعلم ان من مساوىء الغيبة أنها تعطل كثيرا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لماذا؟ لأنه كلما أخطأ أحد اكتفى المسلمون بغيبته فزاد الذنب ذنبا والخطيئة خطيئة، ويستطرد فضيلته بقوله: وهناك بعض الأمور يظن المسلمون أنها ليست غيبة وهي غيبة ومن ذلك انه قد يقع أحدنا في غيبة مسلم فإذا قيل له اتق الله قال أنا مستعد ان اقول هذا في وجهه ولربما قال قد قلت ذلك في وجهه، فهذه الإجابة لا تصلح لتسويغ الغيبة بل هي غيبة سواء كنت مستطيعا أن تواجهه اولا، ثم إذا كان المسلم مستطيعاً على المواجهة فما الداعي للغيبة، ومن ذلك ايضا ان بعض المسلمين إذا وقع في الغيبة وذكر أحد المسلمين بأن فيه كذا وكذا قال بعد ذلك وكلنا فيه هذا الخطأ، وهذا ايضا لا يسوغ لك ان تذكر أخاك بما يسوؤه وتذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر في الغيبة قرائن تدل على ما تذكر بل قال: (ذكرك أخاك بما يكره)، مضيفا من ذلك ايضا قول بعضهم عندما يذكر عنده احد فيقول مثلا: الحمد لله الذي هدانا، أو يقول نسأل الله العافية،او يقول اللهم لا تبتلينا، فهذه غيبة واضحة وايضا فيه إشارة الى مدح النفس وتزكيتها، ومن ذلك ايضا ان بعض المغتابين ربما ظن نفسه ذكيا وهو في الحقيقة مخادع حين يقول مثلا: بعض الناس فيهم كذا وكذا فهو الى الآن ربما لا تكون غيبة لانه لم يسم؛ لكنه ماذا يقول بعد ذلك؟ يذكر صفات لا تنطبق إلا على شخص معين فإذا قلت له هذه غيبة قال انا لم أصرح باسمه فمثلا يقول: بعض الجيران الذين يسكنون قريبا منا يفعلون كذا وكذا وأبوهم يعمل كذا وكذا، فهو قد صرح ولكن لم يبق إلا التصريح بالاسم فقط، ومن ذلك اعتقاد البعض انه لا تجوز غيبة الاطفال غير البالغين وهذا لا دليل عليه؛ بل يجب الكف عن اعراض المسلمين ذكرهم وأنثاهم، كبيرهم وصغيرهم، ويضيف الشيخ العويد من الغيبة المنتشرة اليوم قول البعض هذا قروي، هذا مسكين، او ينسبه الى بلد معين على وجه التنقص او ينسبه إلى نسب معين على وجه التنقص أو يقول مثلا: هذا ما عليه ملامه، لأنه كذا، يعني من بلد معين، أو من قبيلة معينة، أو يعمل صنعة معينة مما يمتهنه الناس فهذا كله من الغيبة رضينا ام لم نرض، مؤكداً فضيلته أن علينا أن نسلم بالشرع ولو خالف أهواءنا وأن هذه الكلمات لو لم تكن غيبة لواجه بها المغتاب أصحابها، كما يشير العويد الى ما يفعله البعض من الغيبة بغير اللسان، كإخراج اللسان أو تمييل الشفاة أو الفم أو نفض اليد أو تحريكها بشكل يدل على التنقص والله تعالى يقول: {وّيًلِ لٌَكٍلٌَ هٍمّزّةُ لٍَمّزّةُ } [الهمزة: 1] ومن ذلك التقليد على سبيل التهكم والتنقيص سواء تقليد الصوت أو المشية أو طريقة الكلام أو الأكل، وينبه فضيلته أن كثيراً، من الافلام الهابطة والمسلسلات الهابطة المنحطة تربي مشاهديها على مثل هذا وهم لا يشعرون!
الغيبة في مجتمعات النساء
بعد ذلك يعرج الشيخ العويد على ظاهرة خطيرة فيقول: أكثر ما تكثر الغيبة في مجتمعات النساء فعلى النساء ان يتقين الله عز وجل في ذلك، وعلينا نحن الرجال ان نعتني بسلامة ألسنة نسائنا والحرص على تحذيرهن من الغيبة وأن ننهاهن عن مجالس الغيبة كلها وقبل ذلك نكون قدوة لهن وان نعرف حقيقة بعض الأجهزة الإعلامية التي تبث في البيوت تربي الناس والاطفال على مثل هذا، ويؤكد الشيخ العويد على قضايا مهمة فيقول: إن خطر الغيبة ليس في خطر الوعيد في الآخرة وإن كان هذا كافيا في الزجر عنها عن كل ما يقرب إليها، ولكن ليعلم ان الغيبة من أسباب العداوات بين المسلمين فكم من رجل طلق زوجته بسبب الغيبة وكم من اخوة تدابروا وتقاطعواسنوات طويلة بسبب الغيبة وكم قطعت أرحام وأفسدت الجيرة وكم حصلت المصائب.
ثم يذكر فضيلته ان السلف الصالح كانوا قدوة صالحة في ترك الغيبة لانه ربما يقول احد انني لا استطيع ترك الغيبة وهذامستحيل نقول هؤلاء هم سلفك الصالح الذين حال دعاة الفساد بينك وبينهم ان تقتدي بهم، فهذا الإمام البخاري رحمه الله يقول: (ما اغتبت مسلما منذ أن علمت ان الغيبة حرام)، وجاء عن عبدالله بن المبارك رحمه الله انه قال: (لوكنت مغتابا احدا لاغتبت والدي لأنهما أحق بحسناتي) ويروى عن حسن البصري ان رجلا قال له إنك تغتابني فقال الحسن: (ما بلغ قدرك عندي أن أحكمك في حسناتي).
وفي ختام الموضوع يؤكد العويد ان من أعظم الغيبة وأكثرها إثما غيبة العلماء والصالحين حتى كثر على السنة العلماء قولهم (لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة) فاحذر أخي المسلم ان تتكلم بسوء او تستمع الى غيبة أحد في اهل العلم والصلاح اذا كانوا من أهل السنة والجماعة المشهود لهم بسلامة العقيدة، أما الذين يطلقون السنتهم في هؤلاء فنحن ننتظر سنة الله فيهم ولن تجد لسنة الله تبديلا، كما يؤكد فضيلته الى اهمية المسارعة الى التوبة الى الله عما مضى والمعاهدة الصادقة في المستقبل بترك هذا الذنب العظيم، كما ينبغي مجاهدةالنفس في ترك الغيبة فهي من أعظم الجهاد وقد جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم انه قال: (أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه) علما أن بعض العلماء يرى أنه لا بد من استحلال الذين اغتبتهم فلابد ان تذهب إليهم وتستسمحهم ولعل في هذا مشقةعظيمة خاصة لمن اكثر من الغيبة فقال بعض أهل العلم أنه يكفي ان تستغفر لهم وان تدعو لهم وان تذكرهم بخير في المجالس التي ذكرتهم فيها بشر فهذا هو ما ذكره أهل العلم حول التوبة.
ولو قدر لأي واحد منا أن يدخل إلى أي سوق من أسواقنا بمختلف مستوياتها وقد وضع في حسبانه أن يركز على وجود مخالفة قد لا يلقى لها بعض الناس بالاً وهي في الواقع ذات بال بل هي خطيرة جدا ألا وهي مخالفة عرض ملابس النساء الداخلية وقمصان النوم إياها، أقول لو وضع أحدنا في حسبانه ان يركز على وجود تلك المخالفة لرأى العجب العجاب في تلك المحلات فعرض الملابس على الزبائن ومعظمهم من النساء عرض تستحي منه النفس السوية وبالذات الملابس الداخلية وملابس النوم فكل طرق وأساليب العرض مغرية تحرك الأحاسيس وتهيج المشاعر وإضافة الى الاغراء الصامت الذي اشرت إليه آنفاً وهو طريقة العرض، يأتي الإغراء الناطق والمتحرك فالبائع ربما كان شاباً يكاد أن يذوب من نعومته ويتفجر من حيويته والمرأة التي تقف أمامه ايضا هي الأخرى شابة تكون متساهلة في حجابها مسرفة في نقابها هي الأخرى تكاد تذوب نعومة وتتفجر حيوية.
لذا يجد فيها ما يدعوه لمغازلتها ودغدغة مشاعرها لأنه لا يجرؤ البتة على من هي ملتزمة بلباسها وعفافها وأخلاقها فيبدأ بعرض إغرائه وإغوائه قبل بضاعته فتجده يعرض على تلك الشابة ملابس داخلية ويتمادى في خبث عرضه تبعا لتمادي من هي واقفة أمامه ورضاها بما يصنع وقد يتجرأ بعض أولئك الباعة على المرأة ولو كانت متسترة وذلك بجس نبضها فإن وجد منها قبولا زاد في غيه وإن لم يجد أعرض عن فعله وبدأ يتفاوض معها باحترام، وذلك السقوط الذريع من قبل أولئك الباعة لا يمكن ان يحدث أمام المرأة معها محرم لها، وهذه فائدة من فوائد أصطحاب المرأة أحد محارمها.
لقد حذرنا الله جل وعلا ونهانا من الاقتراب من السقوط في مستنقع الزنا الآسن وذلك في قوله سبحانه: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا} فمن عوامل قرب الزنا وجود أولئك الباعة وذلك العرض الساقط.
لابد من الحذر من أولئك الباعة فتعي المرأة المسلمة الراشدة خطرهم وتحذر اخواتها وبناتها وان تسعى إلى عدم الذهاب الى الأسواق عموما إلا في أضيق الحدود ومع ذي محرم كما لابد ان نرى قرار منع بيع صغار السن في محلات بيع الذهب والملابس الجاهزة واقعا ملموسا في كل سوق من أسواقنا فهو قرار حكيم نتمنى أن يتبعه قرار آخر يمنع ذوو المراهقة المتأخرة وذوو السلوك المرفوض رغم بلوغهم من العمر أشده وربما هم إلى المشيب أقرب من تلك المهن كما نتمنى قرار آخر وهو عدم عرض تلك الملابس الخاصة والخاصة جدا بتلك الطريقة الغريبة جداً على مجتمعنا المحافظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.