ينتسب العراق إلى أقدم الحضارات في الشرق، حضارات العالم القديم، فقد مكّن موقع العراق الجغرافي المتميز طوال تاريخه باعتباره بوابة الجزيرة العربية التي تربط القارة الهندية القديمة بجنوب أوروبا عبر صحراء الجزيرة العربية وصحراء العراق وبادية الشام، والعراق التقاء التماس الحضاري الذي يربط وسط آسيا بغرب آسيا، وقد عاش شعب العراق حضارات ودول منها: الحضارة السومرية، حضارة أكاد، الأشورية والبابلية، الاخمينية والسلوقية، الفرثية والرومانية، العهد الراشدي الإسلامي والأموي، والعباسي والسلجوقي والمغولي، المماليك والعثماني حتى عام 1918م، الانتداب البريطاني حتى عام 1932م. فقد نفذت داعش قبل أيام جريمة حضارية في موصل العراق عندما دمرت الآثار العراقية التي تعود لعدة حضارات: ما قبل التاريخ، الحضارات القديمة الدويلات، العصر الكلاسيكي (الممالك) العصر الإسلامي، الخلافة الأموية والعباسية والمملوكية والعثمانية والانتداب البريطاني والدولة الحديثة. فالعراق لم تدمر آثاره فقط على أيدي داعش، بل تم تدمير: البنية التحتية لدولة العراق. البنية الاجتماعية السكانية. تفكيك القبائل والعشائر ومحاولة إذابة خلية القبيلة. تمزيق الهوية والوحدة الوطنية. الثقافة الحضارية وأوجدت بديلاً لها هي ثقافة القتل. شوّهته الحروب. حدث هذا منذ عام 1979م عندما بدأت الحرب الإيرانية العراقية، ثم احتلال العراق للكويت 1990م، وتلاها حرب تحرير الكويت عام 1991م تدخل أمريكا والقوى الغربية لتحرير الكويت، ثم الاتهامات التي ساقتها القوى الغربية من اتهام العراق عام 2003م بامتلاك أسلحة الدمار الشامل، وشن الغرب حرباً دمرت البشر والحجر والشجر والتراث والثقافة ومزّقت العراق، واستمرت بعدها التفجيرات والسيارات المفخخة ونشط التطرف والتصفيات الجسدية على العرق والهوية والايدولوجيا والعقيدة والمذهب، تم نسفت دور العبادة ونبشت القبور والأحقاد التاريخية، بحيث تحول العراق إلى دولة قتل وتدمير للثقافة، فالحضارات التي بنت هذه الأرض منذ آلاف السنين خسرتها في سنوات قليلة، وجاءت داعش المنظمة الإرهابية لتدمر المتاحف في الموصل خلال ساعات. إذن العراق خضع للتدمير شبه الممنهج منذ عام 1979م، وأجهز عليه خلال الحربين عام1990م وعام 2003م دمر فيه الإنسان وثقافته، دمر موروثه الحضاري وثقافته، تم سحق الايدولوجيا والديموغرافيا وحتى الطبوغرافيا الأرض أصبحت غير صالحة للسكنى والزراعة وتحتاج إلى تطهير تربة. داعش اليوم أكملت سلسلة التدمير ومحو صلات الإنسان بثقافته بعد أن تم في الحروب السابقة تدمير الإنسان وكياناته الاجتماعية.