السعودة الوهمية التي تفشت بشكل كبير منذ تطبيق برنامج نطاقات تمثل التفافاً من قبل وحدات القطاع الخاص على برنامج نطاقات فتح لها باب الاستقدام على مصراعيه بمباركة من وزارة العمل التي يردد مسئوليها أن هناك زيادة قدرها 250 ألف في عدد العمالة المواطنة في القطاع الخاص نتيجة تطبيق نطاقات رغم معرفتهم التامة بأن معظم هذه الزيادة سعودة وهمية غير حقيقية، يدل عليها بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تظهر، على سبيل المثال، أن عدد السعوديات المسجلات من بداية جمادي الثانية 1432ه إلى نهاية جمادي الثاني 1433ه ارتفع من 76 ألف مشتركة إلى 143 ألف مشتركة بنسبة زيادة 88% منهن 43 ألف مشتركة أجورهن مسجلة بالحد الأدنى 1500 ريال، كما ارتفع عدد الطلاب المسجلين من 45 ألف مشترك إلى 92 ألف مشترك خلال نفس الفترة، وهذه مؤشرات واضحة على تفشي خطير في السعودة الوهمية منذ تطبيق نطاقات. هذا الالتفاف من قبل القطاع الخاص أمر متوقع وغير مستغرب إلا أن المستغرب هو أن تقوم وزارة العمل نفسها بالالتفاف على برنامج نطاقات بتخفيض نسب السعودة المطلوبة في قطاع يعاني من تدن شديد في نسبة السعودة من خلال فصله في قطاع مستقل، فتنتقل منشآته مباشرة من النطاق الأحمر إلى النطاق الأخضر فيفتح لها باب الاستقدام على مصراعيه من جديد. على سبيل المثال، قيام وزارة العمل أخيرا بفصل نشاط محطات الوقود عن نشاط تجارة الجملة والتجزئة، وفصل نشاط الحجر والجرانيت والطوب عن نشاط الصناعات التحويلية، يمثل فصل لمجموعة منشآت تتصف بتدني سعودتها عن مجموعة أكبر متوسط نسبة سعودتها أعلى نسبيا ما يتيح لمعظم منشآت القطاعات المفصولة الانتقال إلى النطاق الأخضر بعد أن كانت في النطاق الأحمر. على سبيل المثال إذا كان النطاق الأخضر لقطاع تجارة الجملة والتجزئة للمنشآت التي يعمل بها بين 10 و49 عامل يبدأ عند نسبة سعودة قدرها 10%، فإن فصل نشاط محطات الوقود عنها، والتي تتصف بنسبة سعودة متدنية جدا، تسمح بأن يكون النطاق الأخضر في نشاط محطات الوقود متدن هو الآخر تصبح معه محققة للسعودة المطلوبة وبمقدورها الآن الاستقدام دون قيود بعد أن كانت ممنوعة منه. فأحد أبرز عيوب برنامج نطاقات، وعلاوة على تشجيعه على السعودة الوهمية وفتح الباب مشرعاً للاستقدام وزيادة الاعتماد على العمالة الأجنبية، أنه يكافئ الأنشطة المختلفة على سوء أدائها، بحيث أنه وبقدر ما يكون أداء نشاط معين سيئاً في مجال توظيف العمالة المواطنة بقدر ما تكون السعودة المطلوبة منه نسبتها أقل. فنطاقات يقبل واقع السعودة في أي نشاط كمحدد لنسب السعودة المطلوبة من قبل المنشآت العاملة في هذا النشاط ويجعله معياراً يُرجع إليه في تحديد نطاقات السعودة في هذا النشاط. بالتالي فأي مجموعة منشآت متصفة بتدني نسبة السعودة، محطات الوقود على سبيل المثال، يمكن لها المطالبة بأن تفصل في قطاع خاص بها، ما يجعل النطاق الأخضر يتماشى من واقع سعودتها المتدنية، فتحل مشكلتها مع نطاقات دون الحاجة إلى أن ترفع نسبة سعوودتها وإن حدث نقص تستكمله ببعض من السعودة الوهمية، وكل ذلك يتم بمباركة وزارة العمل التي يبدو أنها لا تهتم كثيرا بحقيقة ما يتحقق بقدر اهتمامها بما يتحقق شكليا. [email protected] أكاديمي وكاتب اقتصادي *** on twitter @alsultanam