فرض الأردن خلال اليومين الماضيين تكتماً شديداً على ملف طياره الأسير لدى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، معاذ الكساسبة، ورفض الناطقون الرسميون في الحكومة والجيش الرد على كثير من التقارير الصحافية المتعلقة بمصير الطيار. كما رفضوا تأكيد أو نفي الأخبار التي سُربت أخيراً وفيها أن «طيران التحالف الدولي نفذ فجر الجمعة الماضية عملية إنزال فاشلة بهدف تحرير الكساسبة». ولم تعلق السلطات الأردنية على هذه الأخبار، التي أكدتها مصادر أخرى من تنسيقيات الثورة بمحافظة الرقة السورية. ورفض الناطق باسم القوات المسلحة الأردنية ممدوح العامري التعليق على الخبر، واكتفى بالقول إن «الأردن الرسمي يفضل التزام الهدوء والعمل بصمت حفاظاً على سلامة الطيار». وعلمت «الحياة» أن المعلومات الخاصة بالطيار والتطورات المتسارعة على ملفه، اقتصرت فقط على الدائرة الصغيرة المحيطة بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأن من يدير الموضوع في شكل رئيسي هو جهاز الاستخبارات العامة. وفسر مسؤول أردني حرص بلاده على سرّية ملف الطيار بأنه «على درجة عالية من الحساسية، والتكتم عليه للحفاظ على حياة الرهينة». وقالت صحيفة الرأي الناطقة باسم الحكومة أمس إن «الجهات الرسمية لن ترد ولن تعلق على أي أخبار تتداولها وسائل إعلام وهي أخبار غير محددة المصدر وغير منسوبة لجهات محددة» في إشارة إلى خبر عملية الإنزال. وأضافت الصحيفة أن «أي مستجدات أو معلومات تتعلق بالطيار الأردني معاذ الكساسبة ستعلن في الوقت المناسب والطريقة المناسبة». وأوضحت أن «جهود الدولة متواصلة منذ اللحظة الأولى في ما يخص الطيار، عبر غرفة علميات متكاملة تتابع القضية بأبعاد ديبلوماسية وأمنية وعسكرية على كافة الصعد وأن هذا الأمر مستمر منذ البداية وفي كل وقت». وليس من السهل التنبؤ بخطوة الأردن المقبلة في شأن تحرير طياره. ويرى بعض الساسة أنه في حال تأكدت علمية الإنزال، وتأكد وجود مشاركة أردنية فيها، فإن ذلك يعد مؤشراً عملياً على أن الأردن لم يعد يراهن على الوساطات أو المفاوضات، بدليل أنه بدأ ينجر إلى الخيار العسكري. في حين يرى ساسة آخرون أن لدى عمان مساحة واسعة للعمل على كلا المسارين (التفاوضي والعسكري). وبحسب الفريق الثاني، فإن بإمكان المملكة الوقوف أمام أشكال متداخلة من العمل والجهد لإطلاق الطيار، بمعنى أن يكون هناك مسار مواز للخيار التفاوضي. وكانت المقابلة التي أجراها تنظيم الدولة مع الطيار الكساسبة أخيراً، ألقت بظلال ثقيلة على عائلة الطيار، وعلى مطبخ القرار الرسمي في عمان، عوضاً عن الشارع المتلهف لأي أخبار من شأنها إنهاء معاناة الكساسبة، فالجميع في المملكة باتوا يترقبون مصيره الغامض. ومنذ أيام، ترفض عائلة الطيار الكساسبة بشدة التعليق على مصير ولدها، بعد أن طُلب منها رسمياً عدم الإدلاء بأي تصريحات، «حفاظاً على سرية المفاوضات وسلامة ولدها». وقال جواد شقيق الكساسبة ل»الحياة»: «لا نستطيع التعليق، ولا نملك شيئاً سوى الدعاء». وكان رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة أكد في وقت سابق أن «جهات مختصة» تعمل «بصمت» للإفراج عن الطيار الأردني. وسقطت طائرة حربية أردنية مشاركة في عمليات التحالف الدولي في 24 الشهر الماضي قرب مدينة الرقة، في أول حادثة من نوعها منذ بدء غارات التحالف ضد داعش في سورية قبل 3 أشهر. وأعلن التنظيم في حينها انه اسقط الطائرة بصاروخ حراري. لكن الأردن نفى أن تكون طائرته أسقطت ب «نيران» تنظيم «الدولة الإسلامية»، مؤكداً انه لا يمكن تحديد سبب سقوط الطائرة في الوقت الحالي لعدم إمكانية الوصول إلى حطام الطائرة أو الطيار.