«التعليم» تحدد ضوابط تقييم أداء المديرين والمعلمين    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج دورة الضباط الجامعيين    هاتفياً.. ولي العهد يعزي رئيس إيران المؤقت في وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته ومرافقيهم    توثيق النجاح    مدير عام تعليم جازان يعتمد حركة توزيع المعلّمين والمعلّمات الجدد    مستقبل الطيران.. موقع السعودية !    التعديلات الأخيرة على تنظيم العمل المرن    «تعليم عسير» و«منشآت» تُطلقان سوق رواد الأعمال بمشاركة 30 طالباً وطالبة    ارتفاع الصادرات غير البترولية    الربيعة: المملكة دعمت القطاع الصحي في المنطقة بأكثر من 1.4 مليار دولار    المملكة ترحب بقرار «العدل الدولية»    «الوزارية العربية» تشدد على الاعتراف بالدولة الفلسطينية    واتساب يختبر ميزة لإنشاء صور «بAI»    فلسطين والعالم.. لحظة اختبار تأريخية    إسرائيل.. استعمارية حاقدة    عزى هاتفياً رئيس السلطة بالإنابة في إيران.. ولي العهد وماكرون يبحثان تطوير التعاون ومستجدات غزة    الهلال يتوج بكأس الدوري الأقوى في ليلة احتفالية مميزة    صراع الهبوط يشعل الجولة الأخيرة    «كاسترو» والموسم القادم    المنشآت الرياضية في المدينة المنورة    أكد حرص القيادة على راحة الحجاج.. أمير الشمالية يتفقّد الخدمات في« جديدة عرعر»    عفوا.. «ميكروفون الحارس يزعجنا» !    «مجرم» يتقمص شخصية عامل نظافة ل20 عاماً    الماء (3)    ضبط (17030) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    رمز الضيافة العربية    عرض فيلم " نورة " في مهرجان كان    حلقة نقاش عن استعدادات "رئاسة الهيئة" لموسم الحج    يطلق عروسه بسبب لون عينيها    "جامعة الحدود الشمالية" في خدمة الحجيج    «مبادرة طريق مكة».. تأصيل مفهوم خدمة ضيوف الرحمن    مبدأ لا حياد عنه    مختصون ينصحون بتجنّب القهوة والشاي قبله ب 3 ساعات.. «النوم الصحي» يعزز الطاقة والتوازن في الحج    تحمي من الأمراض المختلفة.. استشاري: لهذه الأسباب تكمن أهمية «تطعيمات الحج»    طريقة عمل حساء الدجاج بالكريمة    باريس سان جيرمان يهزم ليون ويتوج بكأس فرنسا في ليلة وداع مبابي    كأس الملك.. هلالي أم نصراوي؟!    «سكوبس» العالمية تصنف مجلة «الهندسة» بجامعة الملك خالد ضمن قواعدها العلمية    أجانب الشباب تكملة عدد    ولي العهد يعزي محمد مخبر هاتفياً في وفاة رئيسي وعبداللهيان ومرافقيهما    الجدعان يشارك في "اجتماع وزراء المالية" لمجموعة السبع    حماية السلاحف    أولى رحلات "مبادرة طريق مكة" من المغرب تصل المملكة    السفير الألماني يزور «الرياض»    برازيلي يقتل والديه ويحرق جثتيهما    الدفاع المدني: تمديد التراخيص متاح عبر «أبشر أعمال»    ضبط مبتز سوري    عملية قلب مفتوح تنقذ حياة حاج بنغلاديشي    حضور سعودي في اختتام "كان السينمائي"    نجوم يتنافسون على «جائزة الدانة» في البحرين    مدير تعليم الطائف يعتمد حركة توزيع 395 معلماً ومعلمة    أمير تبوك يرعى حفل تكريم مدارس الملك عبدالعزيز النموذجية    عبدالعزيز بن سعد يزف خريجي جامعة حائل    العمير تزور مديرة الثانوية الخامسة في جازان للإطمئنان على صحتها        المجالس الأدبية والفنية في القرن ال19    ولي العهد يعزي رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة في إيران بوفاة الرئيس ووزير الخارجية ومرافقيهما    خريجو «خالد العسكرية»: جاهزون للتضحية بأرواحنا دفاعاً عن الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سد النهضة» يلحق الضرر بالمصالح المائية لمصر والسودان لا يحالفها ويتوسط لدى أثيوبيا
نشر في الحياة يوم 30 - 01 - 2014

منذ أعلنت أثيوبيا البدء في تنفيذ مشروع سد النهضة في نيسان (أبريل) 2011 - والذي لم يكن لدى مصر أي معلومات مدققة عنه - وحتى الآن لم تتوقف المساعي المصرية الرامية إلى الحفاظ على الحقوق التاريخية والمكتسبة لمصر في مياه النيل. فمع إعلان أثيوبيا اعتزامها البدء في المشروع، سعت مصر للحصول على المعلومات الخاصة به لتقييمها وتحديد مدى تأثيره فيها، فشاركت في أعمال اللجنة الثلاثية (مصر، أثيوبيا، السودان) واستمرت أعمال تلك اللجنة حتى نهاية أيار (مايو) الماضي، ثم دخلت في مفاوضات على المستوى الوزاري للبحث في كيفية تنفيذ توصيات اللجنة نفسها لدراسة آثار السد في دولتي المصب، من خلال ثلاثة اجتماعات بدأت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
على صعيد أعمال اللجنة الثلاثية أو ما تعرف بلجنة الخبراء الدولية، نجد أن الدول الثلاث صادقت على تشكيلها في 29/11/2011، وكان من المقرر أن تنتهي من أعمالها قبل نهاية العام 2012، إلا أن التسويف الأثيوبي في إمدادها بالدراسات الخاصة بالسد أدى لاستمرار عملها إلى سبعة أشهر إضافية.
وعقدت تلك اللجنة ستة اجتماعات، وزارت موقع السد، وثبت من خلال الدراسات المقدمة من الجانب الإثيوبي - رغم قلتها - أن للسد تأثيرات سلبية شديدة في مصر. ولوحظ أن الدراسات المقدمة من الجانب الإثيوبي غير مكتملة وغير دقيقة من الناحية الفنية بشهادة الخبراء الدوليين، بخاصة في مجال الموارد المائية والتأثيرات البيئية والاجتماعية. وأوصت اللجنة بأن تقوم إثيوبيا باستكمال الدراسات الخاصة بالتأثير في الموارد المائية المصرية وتوليد الكهرباء والتأثيرات البيئية والاجتماعية، وسيستغرق ذلك أكثر من عام، ما يُعرّض المصالح المائية المصرية للخطر نظراً لاستمرار العمل في السد على أرض الواقع. وطبقاً للشروط المرجعية لعمل اللجنة فإن قرارات تلك اللجنة غير ملزمة، فضلاً عن عدم وجود أي بند ينص على توقف أعمال تنفيذ السد خلال فترة عمل اللجنة.
أما على صعيد أعمال الاجتماعات الوزارية لبحث كيفية تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، نجد الآتي: خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي دعت إثيوبيا كلاً من مصر والسودان لعقد اجتماع وزاري لوزراء المياه في الدول الثلاث لمناقشة تقرير اللجنة الثلاثية، والذي عقد في الخرطوم يوم 4/11/2013، وفشل الاجتماع في إيجاد حلول لأزمة سد النهضة نتيجة مماطلة الجانب الأثيوبي في التوصل إلى اتفاق حول تنفيذ توصيات تقرير اللجنة الثلاثية، وخلال الاجتماع أبدى الجانب المصري استعداده للمشاركة في بناء وإدارة سد النهضة الإثيوبي حال تحقيق بعض الاشتراطات التي تضمنت عدم الإضرار بالمصالح المائية لمصر والسودان، منها توصيات اللجنة الثلاثية وضرورة تنفيذها، ورفض الجانب الأثيوبي الطرح المصري (سبق أن أعلنت إثيوبيا إمكانية مشاركة مصر والسودان في بناء السد سعياً منها للحصول على بعض التمويل اللازم لإنشائه من دون إعلانها الالتزام بعدم الإضرار بالمصالح المائية لدولتَي المصب) واتفق الوزراء الثلاثة على جولة أخرى من المفاوضات حول توصيات اللجنة الثلاثية تعقد في العاصمة السودانية الخرطوم يوم 8/12/2013 مع تشكيل لجنة فنية مشتركة للتنسيق لتلك الجولة.
خلال الجولة الثانية من المفاوضات والتي عقدت في العاصمة السودانية الخرطوم خلال يومي 9/12/2013 - 8، طالبت مصر بتشكيل فريق يضم خبراء دوليين لتنفيذ توصيات اللجنة الثلاثية، مع إيقاف العمل بمشروع سد النهضة لمدة ستة أشهر لحين استكمال الدراسات المطلوبة بتوصيات اللجنة الثلاثية، ورفض الجانب الأثيوبي مشاركة خبراء دوليين في تلك اللجنة وأن تقتصر مهمتها على المتابعة فقط وليس التنفيذ، وكذا رفض إيقاف العمل بالمشروع، وتدخل الجانب السوداني بطرح إمكانية الاتفاق على تشكيل تلك اللجنة من خبراء محليين، مع إرجاء الاستعانة بخبراء دوليين إلى جلسة مفاوضات أخرى تعقد خلال كانون الثاني (يناير) من العام 2014، وتم التوافق حول تشكيل لجنة من الخبراء المحليين في الدول الثلاث بإجمالي (12) خبيراً، بواقع (4) من كل دولة من الدول الثلاث وأن يقتصر دور اللجنة على المتابعة فقط وليس التنفيذ طبقاً للرأي الأثيوبي.
خلال الجولة الثالثة من المفاوضات والتي عقدت أيضاً في العاصمة السودانية الخرطوم - بعد رفض المقترح الأثيوبي باستضافتها تلك الجولة - خلال يومي 4/1/2014 - 3، تركزت النقاشات خلال تلك الجولة حول النقاط العالقة من اجتماع كانون الأول (ديسمبر) والتي تمثلت في نقطتين رئيسيتين، الأولى طلب مصر مشاركة خبراء دوليين إلى جانب الخبراء المحليين من الدول الثلاث لمتابعة الدراسات التي سيتم إعدادها طبقاً لتوصيات تقرير اللجنة الثلاثية لدراسة آثار سد النهضة في دولتَي المصب، وذلك بهدف الفصل في الخلافات التي قد تنشأ بين الخبراء المحليين كوجهة نظر محايدة، أما الثانية فهي المقترح المقدم من الجانب المصري في صورة ورقة مبادئ لتعزيز الثقة بين الدول الثلاث وتتضمن تلك الورقة توفير ضمانات لدولتَي المصب تجاه أي آثار سلبية تحدث نتيجة بناء سد النهضة، وفشلت المفاوضات في التوصل إلى حلول لتلك النقطتين نتيجة رفض الجانب الأثيوبي تدخّل الخبراء الأجانب لحل أي خلافات تطرأ خلال فترة عمل اللجنة، إلى جانب رفضه مناقشة ورقة بناء الثقة المصرية المقترحة.
في ضوء ما سبق نجد أن الجهود المصرية كافة في المسار التفاوضي (سواء خلال أعمال لجنة الخبراء، أو من خلال الاجتماعات الوزارية) فشلت في السيطرة على الطموح الأثيوبي الرامي إلى إلحاق الضرر بالمصالح المصرية في مياه النيل، وأن أثيوبيا من خلال ذلك المسار أرادت خداع مصر وكسب الوقت اللازم لتنفيذ المشروع وجعل السد حقيقة قائمة تحد من خيارات مصر في التعامل معه، كما أنها سعت إلى تحجيم رد الفعل المصري وحصره في مفاوضات لا طائل منها لمصر الى حين فرض أمر واقع على الأرض، كما أنها أرادت استثمار تلك المفاوضات (سواء خلال أعمال لجنة الخبراء، أو من خلال الاجتماعات الوزارية) في تجاوز شرط الإخطار المسبق عن تنفيذ مشاريع تنموية على مجرى النهر، والسعي إلى الحصول على التمويل اللازم لإنشاء السد من خلال إظهار حالة من التوافق مع دولتَي المصب والتي تشترط الجهات المانحة توافقها حول مشاريع التنمية في دول المنابع.
غير أنه يجب أن نشير إلى نجاح مصر في الحصول على معلومات عن السد من خلال أعمال لجنة الخبراء الدولية، والتي رغم قلتها تثبت حتمية تأثر مصر سلباً نتيجة إنشاء السد، وكذا نجاح مصر من خلال التحرك الديبلوماسي النشط لدى المانحين في الحد من قدرة أثيوبيا على توفير التمويل الخارجي اللازم لإنشاء السد، ما يدفع الأخيرة إلى استمرار التواصل مع الجانب المصري من خلال سعيها الدائم للتواجد على طاولة مفاوضات مع مصر (أثيوبيا هي الداعية لتشكيل اللجنة الدولية للخبراء، وأيضاً هي الداعية لعقد الاجتماعات الوزارية الثلاثية).
تحوّل السودان من شريك استراتيجي لمصر يدعم ويعضد الدور الرافض لإنشاء السد - أو على أقل تقدير الحد من تداعياته السلبية - إلى وسيط بين مصر وأثيوبيا، بل وأكثر من ذلك يدعم الجانب الأثيوبي في تنفيذ المشروع (سبق أن أعلن الرئيس السوداني عمر البشير - خلال كانون الأول الماضي - دعم السودان لسد النهضة الأثيوبي)، ما يجعل مصر تقف منفردة سواء تجاه أثيوبيا، أو تجاه دول المنابع، وهو الأمر الذي يتطلب عدم التعويل على الموقف السوداني مستقبلاً.
هناك صعوبة في إثناء إثيوبيا عن تنفيذ السد أو تغيير مواصفاته - بما يقلل أضراره على دولتَي المصب - من خلال المسار التفاوضي فقط. ومن حسن الطالع أن ما يتوافر من معلومات عن السد يشير إلى أن حجم الأعمال المنفذة على صعيد إنشاء السد تمثل نسبة (30 في المئة) وتشمل أعمال التسوية والحفر، أي ليس من بينها أي أعمال إنشائية في جسم السد أو السد المساعد، كما تواجه أثيوبيا تعثراً واضحاً في توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروع.
وارتباطاً بما سبق يمكن القول إن على مصر الاستمرار في التحرك الديبلوماسي لدى المانحين لحرمان أثيوبيا من توفير التمويل اللازم للسد، كما يتوجب أيضاً رفض الجلوس على طاولة مفاوضات مع الجانب الأثيوبي والتي لن تحقق لمصر أي شيء، وكذلك لحرمان أثيوبيا من استثمار ذلك في الحصول على الدعم والتمويل الخارجي للمشروع. وفي تقديرنا أن أثيوبيا ستسعى إلى الحوار مع مصر، وإن لم يكن ذلك حول سد النهضة سيكون حول استئناف نشاط المكتب الفني الإقليمي للنيل الشرقي (الإنترو) والذي جمدت مصر المشاركة فيه ضمن تجميدها المشاركة في أنشطة مبادرة حوض النيل خلال حزيران (يونيو) عام 2010، وهو الأمر الذي يجب أن تنتبه إليه مصر وألا توافق عليه.
وبالتوازي مع ذلك يجب أن تبدي مصر اعتراضها على المشروع في المنتديات الدولية، مع إبقاء الخيارات كافة التي تحافظ على حقوقها في مياه النيل.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.