أظهرت بيانات أولية أمس نمواً أقوى من المتوقع لاقتصاد منطقة اليورو في الربع الثالث من السنة، إذ فاقت الأرقام الفرنسية توقعات السوق وأفلتت ألمانيا من الركود. وأفادت تقديرات مبدئية لمكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي «يوروستات» بأن اقتصاد ال18 دولة التي تستخدم اليورو نما 0.2 في المئة خلال الربع الثالث من السنة بعد زيادة نسبتها 0.1 في المئة خلال الربع السابق. وعلى أساس سنوي، سجلت المنطقة نمواً بلغ 0.8 في المئة في الربع الثالث، أي من دون تغير عن الربع الثاني، بينما كانت توقعات السوق تشير إلى زيادة 0.7 في المئة. ونما الناتج المحلي الألماني 0.1 في المئة خلال الربع الثالث من السنة، وفق أرقام موقتة صدرت أمس، ما جنّب الاقتصاد الأول في أوروبا الانكماش. ولفت الخبير الاقتصادي في مجموعة «أي أن جي إل» كارستن برزيسكي إلى أن «مع هذا النمو الضعيف الذي جاء مطابقاً للتوقعات، يكون أداء الاقتصاد الألماني أضعف من أداء الاقتصاد الفرنسي، الذي نما 0.3 في المئة». ولفت مكتب الإحصاءات الفيديرالي إلى أن إجمالي الناتج المحلي الألماني تراجع في الربع الثاني 0.1 في المئة، مراجعاً بذلك إيجاباً أرقامه السابقة البالغة سالب 0.2 في المئة. ولو كان أداء الفصل الثالث سلبياً، لكانت ألمانيا دخلت «انكماشاً فنياً» مع تسجيل فصلين متتاليين من التباطؤ الاقتصادي. وصحّح خبراء الإحصاءات الألمان مرة جديدة أرقام الربع الأول، فرفعوا النمو خلاله من 0.7 إلى 0.8 في المئة بعد تصحيح أول في آب (أغسطس) الماضي. ودعم الاقتصاد خلال الصيف التجارة الخارجية واستهلاك الأسر، في حين أعلن مكتب الإحصاءات، الذي سينشر الأرقام المفصلة في 25 الجاري، أن «الأسر زادت إنفاقها الاستهلاكي في شكل جوهري، بينما سجلت الصادرات نمواً أسرع من الواردات على صعيد التجارة الداخلية». وراجعت الحكومة ومعظم المصارف والمؤسسات في الأسابيع الماضية توقعاتها لنمو الاقتصاد هذه السنة، إذ باتت برلين تتوقع 1.2 في المئة نمواً، والمؤسسات الرئيسية وصندوق النقد الدولي 1.3 في المئة. ويُستبعد أن يكون العام المقبل أفضل، إذ تراوح التوقعات بين 0.8 في المئة لمصرف «دويتشه بنك» وألمانيا 1.3 في المئة. وسجلت فرنسا في الربع الثالث الماضي نمواً بلغ 0.3 في المئة مقارنة بالربع الثاني، في أداء يفوق التوقعات بقليل، وفق أرقام رسمية صدرت أمس عن «المعهد الوطني للإحصاءات والدراسات الاقتصادية». وكانت توقعات «بنك فرنسا» تشير إلى نمو نسبته 0.2 في المئة، فيما كان معظم الخبراء أكثر تشاؤماً. وفي المقابل، خفض معهد الإحصاءات أداء الاقتصاد الفرنسي خلال الصيف معلناً تراجع الناتج المحلي في الربع الثاني 0.1 في المئة بعدما كانت التقديرات السابقة تتوقع استقراراً. واعتبر وزير المال الفرنسي ميشال سابان في بيان أن التوقعات الحكومية لنمو اقتصادي بمستوى 0.4 في المئة هذه السنة تعززت بعد إعلان أرقام الربع الثالث»، معتبراً في الوقت ذاته أن «النشاط يبقى أضعف من أن يسمح باستحداث وظائف». إلى ذلك تخشى الولاياتالمتحدة من «عقد ضائع» بالنسبة إلى الاقتصاد الأوروبي، ودعت قادة المنطقة إلى اتخاذ «خطوات حازمة» لوقف تراجع النشاط في القارة التي تسجل مؤشرات جديدة للتباطؤ. وأعلن وزير الخزانة الأميركي جاكوب لو في كلمة أن «العالم لا يمكنه احتمال عقد ضائع في أوروبا»، مؤكداً «ضرورة أن تقوم السلطات الوطنية والمؤسسات الأوروبية الأخرى بخطوات حازمة للحد من أخطار انزلاق المنطقة إلى تراجع أكبر». وكانت الدول الصناعية والناشئة ال20 الكبرى، حددت هدفاً لها في شباط (فبراير) الماضي يتمثل في زيادة الثروات العالمية اثنين في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة. ورأى لو أن «البنك المركزي الأوروبي لا يمكنه وحده ضمان العودة إلى نمو قوي»، مشدداً على أن «الطلب الداخلي في منطقة اليورو يبقى أدنى بأربع نقاط مئوية من مستواه قبل الأزمة المالية عام 2008-2009». ودعا لو في أوروبا إلى «اعتماد نهج شامل يجمع بين دعم السياسات النقدية بل الهيكلية أيضاً وعلى صعيد الموازنات»، موضحاً أن «في دول مثل إيطاليا التي تُعدّ أقل قدرة على المنافسة بنيوياً، وفرنسا التي يحد من النمو تصلب سوق الوظائف فيها وغيره من العوامل، يجب أن تعمل السياسات على تسريع الإصلاحات البنيوية»، منتقداً «سياسة التقشف المتبعة في أوروبا». وحذر من أن الولاياتالمتحدة «لا يمكنها تعويض النمو الضعيف في القوى الاقتصادية الكبرى، سواء في أوروبا أو في اليابان».