حذر قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي من أن «القيادة ستكون متشددة في علاقة الضباط والعسكريين بالقيادات السياسية»، وأكد أن «الجيش يخضع لسلطة قيادته فقط، وأن الاتصال بالسياسيين يجب أن يتم بموافقة القيادة، فممنوع الاستزلام لأي مرجعية خارج الجيش، وممنوع أن يمد أي سياسي يده إلى الجيش من خلال أي ضباط أو عسكري». وأشار قهوجي إلى أن «الأسابيع المقبلة ستشهد عملية تفعيل واسعة داخل الجيش على أكثر من صعيد، وخصوصاً لجهة تعزيز الشفافية في إدارته وقمع أي استغلال للسلطة ومكافحة أي محاولة فساد، جنباً إلى جنب مع تفعيل أداء الوحدات العسكرية المنتشرة لتكون في أعلى درجات الجهوز، استعداداً لمواجهة مختلف التحديات». وعقد قائد الجيش أمس في اليرزة، لقاء موسعاً مع ضباط القيادة الكبار وقادة الوحدات الكبرى، عرض فيه توجهات القيادة للمرحلة المقبلة، والقواعد التي على الضباط والعسكريين التزامها في المؤسسة العسكرية، متحدثاً عن الثوابت الوطنية والمبدئية للضباط والمهمات التي تتنظر الجيش في الداخل، وعلى الحدود في مواجهة إسرائيل، والعمل على تطبيق القرار 1701، كما عرض التحديات التي تواجه الجيش إقليمياً ومحلياً. ونوه قهوجي في مستهل كلمته التوجيهية، ب «الجهود التي بذلها قادة الأجهزة والألوية والأفواج والوحدات خلال السنوات الأخيرة، لمكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن وضبط الحدود وتعزيز عمل المخابرات العسكرية»، لافتاً إلى أنه «بفضل هذه الجهود استطاع الجيش تأمين الحد الأدنى من الاستقرار في البلاد». وعزى بالشهداء «الذين سقطوا من أجل وحدة لبنان»، داعياً الجميع إلى «عدم استغلال شهادتهم في سياق أي حملة سياسية أو إعلامية»، ومؤكداً أنه «لم ولن يفرط بدم أي شهيد سقط دفاعاً عن لبنان». وتناول في هذا الإطار عملية عبرا الأخيرة، عارضاً حيثياتها ومشيداً «بتضحيات الضباط والجنود الذين حرصوا على حياة المدنيين، ما كلفهم سقوط المزيد من الشهداء والجرحى في صفوفهم». وقال قهوجي: «لبنان يمر في مرحلة خطيرة ويعيش لحظات حرجة في تاريخه، فيما النار تقترب منه، أثبت الجيش طوال الأشهر الماضية، أنه قادر على منع انفجار الوضع الداخلي باستخدامه جميع السبل السياسية والعسكرية، لكن ذلك لا يعني أن لبنان اجتاز مرحلة الخطر، بل يمكن القول إننا نقترب أكثر فأكثر منها في ظل تصاعد حدة الأحداث في سورية والمنطقة العربية، عدا عن النيات الإسرائيلية الدائمة للنيل من لبنان وشعبه، والاهم أن لبنان مقبل على استحقاقات كثيرة، تدفعنا إلى التنبه والحذر ومواكبتها بحكمة وتعقل». وعرض التحديات التي يواجهها الجيش: أولاً- الإرهاب الذي تصاعد نشاطه أخيراً عبر إطلاق الصواريخ أو تفجير عبوات ناسفة من قبل متطرفين متضررين، أو التحضير لعبوات ناسفة، وآخرها داريا. وتمكن الجيش من ضبط عدد من الخلايا الإرهابية آخيراً، لكن لا تزال هناك خلايا نائمة ويجب العمل بقوة على كشفها، مع الحرص الكامل على حياة المواطنين. ثانياً: الوضع السوري وما يمكن أن ينتج منه من ارتدادات على الحدود اللبنانية والمناطق المتاخمة لها، والجيش يعمل بكل ما في وسعه لضبط تلك الارتدادات. إضافة إلى مشكلة النازحين السوريين التي تتفاقم يوماً بعد آخر وتؤثر في شكل مباشر على أوضاع لبنان. ثالثاً: الحوادث الأمنية المتنقلة، مع ما تحمله من بذور تفلت أمني يشمل كل المناطق». وشدد قهوجي على أنه «في ظل حكومة مستقيلة وفي ظل تفاقم الخلافات والانشقاقات السياسية، فإن الجيش يبقى صامداً وموحداً ومتعالياً على الاستهدافات التي طاولته أخيراً، من أجل مصلحة الوطن، وهو حريص على أن يكون على مستوى الأحداث الخطرة التي يمر بها لبنان، فلا ينزلق إلى متاهات السجالات، لكنه بقدر حرصه على تمتين علاقاته مع جميع القيادات السياسية، لن يسكت عن أي تطاول وأذى يتعرض له لبنان والجيش، متسلحاً بحكمة كافية، كي لا يزيد من عمق الانقسامات الموجودة ضمن المجتمع اللبناني، وكي يبقى الجيش لجميع شرائح المجتمع وطوائفه». من جهة أخرى، تحدث قهوجي بوضوح عن الأشهر الأخيرة التي شهدت بلبلة داخل الجيش وخارجه على خلفية احتمال حدوث فراغ في مركز القيادة. وإذ لفت إلى أن قيادة الجيش تطلق خطة عمل داخلية من أجل تصويب الأمور داخل المؤسسة وخارجها، ذكر الضباط ب «أمر اليوم» في عيد الجيش الذي دعا فيه العسكريين إلى «التزام أوامر القيادة وليس أوامر أي حزب أو طائفة أو عائلة». والتقى قائد الجيش رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مقره.