حط الفنان العالمي ياني الرحال في مهرجان قرطاجبتونس في تموز (يوليو) الماضي، كمحطة أولى ضمن جولة فنية له في أفريقيا والعالم العربي. وحفلة قرطاج تعد استثنائية لأنها الأولى للفنان العالمي اليوناني الأصل في المنطقتين المذكورتين. وأمام الإقبال الكبير على الحفلة، قبل بإحياء سهرة ثانية، وفي كلا الحفلتين، اضطر إلى العودة للمسرح أكثر من مرة تحث تأثير التصفيق المتواصل للحضور الذين توجه إليهم بالقول: «أنتم جمهور صعب للغاية». وقالت مديرة المهرجان في دورته ال50 سنية مبارك ل «مدرسة الحياة»، إن استضافة ياني «تعد حلماً استطاعت تونس تحقيقه على رغم الظروف الأمنية الصعبة التي تعرفها البلاد»، مشيدة بعمل فريق المهرجان في هذا السياق. وغص المسرح الأثري لقرطاج بأكثر من 8 آلاف متفرج أظهروا حماسة نادرة للعرض، فتجاوبت معهم الفرقة التي مدّدت العرض نحو ساعة كاملة. وعلى رغم الوضعين الأمني والاقتصادي اللذين يوصفان بالصعبين حالياً في البلد، اصطف الناس في طوابير طويلة قبل ساعات من موعد بدء الدخول إلى المسرح لضمان المعقد. وقال الصحافي صابر سميح إنه استمتع بالعرض الذي «انتظرته طويلاً كما انتظره غيري، ووجود الفنان العالمي ياني بتونس في ظل العمليات الإرهابية ي الشمال الغربي للبلاد أمر إيجابي، ويؤكد مدى تمسك التونسيين بالحياة والفرح ومواصلة حياتهم اليومية من دون خوف». وأكد صحبي الجلاصي، وهو أب لطفلين اصطحبهما إلى قرطاج قبل ساعات من انطلاق العرض وانتظر طويلاً عند باب الدخول ليحين دوره، أنه «سعيد للغاية برؤية ياني وجهاً لوجه وعلى أرض تونس تحديداً، وسعادتي أكبر لأن الفنان العالمي أكد أنه سيعيد الكرة مرات وسيقدم عروضاً مستقبلاً في تونس نظراً لما لمسه من ترحيب من الجمهور». وقالت الطالبة فريال لبان إن موسيقى ياني رافقتها أثناء المراجعة أيام الامتحانات، «وحفزتني على الدراسة، وسعادتي لا توصف بمشاهدتي الموسيقي المفضل لدي على المسرح، وسأحضر طبعاً عروضه المقبلة التي وعد الجمهور بها». وكان ياني أطرب الجمهور بأدائه وتحكمه بكل نوتة في عرضه الذي تضمن عزفاً منفرداً وجماعياً ساحراً سافر بالحاضرين في عوالم من الحلم. وخاطب الجمهور مرات عدة وإن بكلمات قليلة ليؤكد أنه سعيد بالترحاب الذي لقيه مند دخوله إلى تونس، ومعتذراً عن تأخره في المجيء إليها. وأجمع المشاهدون بعد العرض على أنه لم يكن عادياً بل زرع فيهم حباً للحياة وأعطاهم أملاً. ويمكن القول إن ياني كان فعلاً قائداً، تحكّم بفرقته وجمهوره ببراعة ساحر، وحرص على بثّ ثقافة الحب والسلام في مقابل ثقافة العنف والعداء.