استنكر مجلس إدارة نادي جازان الأدبي بشدة التصريحات التي أدلى بها، الشاعر أحمد بهكلي، عقب استقالته الأسبوع الماضي من مجلس الإدارة، حين قال إن أعضاء المجلس ينادون «بما يرفضه المجتمع وبالحرية غير المنضبطة أو المحدودة»، مؤكدين «أن منطلقاتنا في مجلس الإدارة نابعة من قيم المجتمع وثوابت الدين والوطن». وأثارت استقالة البهكلي وأيضاً الدكتور مهدي حكمي، بعد أقل من ستة أشهر على اعتماد وزارة الثقافة والإعلام مجلس الإدارة المنتخب رسمياً، ردود فعل قوية، واعتبرها مثقفون تأليباً للمجتمع على النادي ومجلس إدارته الشاب، مطالبين في استطلاع ل «الحياة» إعطاء الفرصة لهؤلاء الشباب، الذي يمثلون، في رأيهم، طموحات أدباء وكتاب المنطقة، بعد سنوات من الهيمنة لشخصيات كبيرة السن. وقال مجلس الإدارة ل«الحياة»: «نحن نعمل في مجلس إدارة منتخب يمثل الأطياف الثقافية الحاضرة كافة في المشهد، ونشكر الزملاء والزميلات في الجمعية العمومية على ثقتهم وانتخابهم، ونثمن للجميع وعيهم وممارستهم لأدوار الجمعية وواجباتها». وأضاف البيان: «نحن أيضاً نقدر الجهود الفاعلة للزميلين أحمد البهكلي والدكتور مهدي حكمي في صياغة قرارات المجلس ورسم خطط النادي وبرامجه، وقد تفاجأنا باستقالتيهما وحاولنا ثنيهما عنها، مع احترامنا الكامل لقراراتهما واختياراتهما». من جهة أخرى، أوضح الشاعر إبراهيم زولي أن من الإشكالات البارزة «في ثقافتنا العربية، تلك الجدليّة بين المثقف والإداري، بالأمس القريب كان أكثر أعضاء المجلس الحالي من المثقفين، الذين كانوا يرون في المجلس السابق ممارسات غير ثقافية، ويطالبون بشفافية بين المجلس وعموم مثقفي المنطقة...الشفافية المالية، والأدبية، وقد كان ديدنهم، ونحن معهم آنذاك ألا نخاف وألا نستسلم لليأس، وألا نسكت عن الخطأ. فما الذي حدث بعد انتخابهم ووصولهم إلى مجلس الإدارة...!؟». وقال زولي: «الذي يتراءى لي أن للكرسي غواية من الصعب تفاديها، ومقاومتها». هذا بخصوص النادي كمؤسسة لا تنفصل عما يحدث داخلها من انشقاقات عميقة وبنيوية. البهكلي دخل النادي بذهنية القائد، والانتخابات لها شروطها، والغالبية هي التي تصنع القرار كما تقول اللائحة. وعندما قال البهكلي في حوار معه «أن هناك أصواتاً تنادي «بما يرفضه المجتمع وبالحرية غير المنضبطة أو المحدودة» هذا القول فيه كثير من التجني والمجازفة، ثم أن النادي لم يقم بأي نشاط حتى تاريخ استقالته، والظاهر أن المسألة لا تتجاوز خلاف تيارين بعيداً عن التهم، والتأليب الذي لا يخدم الثقافة بأي وجه من الوجوه، وآمل ألا نحمّل استقالته أكثر مما تحتمل. ونقول له: شكر الله سعيكم». تشويش وعرقلة فيما أشار الشاعر الدكتور محمد حبيبي إلى أنه في حال صح «ما يثار عن استقالة أحمد البهكلي بكل ما له من خبرة وتجربة من مجلس أدبي جازان، فإن ذلك لا يعد خسارة للمجلس، بل للوسط الثقافي. وكم أتمنى لو أنها لا تصح». وقال: «إننا نتفهم المكاسب الإعلامية لعضو أو عضوين من المغمورين بأي نادٍ، ممن تكسّبوا الأصداء الإعلامية باستقالاتهم الفردية. لكن البهكلي غني بمنجزه واسمه عن هكذا مسلك وقد بات علماً وقامة. وهذا ما يدعو للحيرة لدى ربط خبر الاستقالة بالكيفية التي تم بها إشاعة وتداول الخبر، بخاصة أن من جاءت الاستقالة تحفظاً على آليتهم الإدارية من جيل الشباب. الذين هم في أمسّ الحاجة للحكمة والحنكة، بحسب منطق الاستقالة». وأضاف حبيبي: «إنه مهما سلمنا جدلاً بمسوغ ضعف قدرات المجلس الشاب الإدارية، على حد وصف عبارات استقالة الأستاذ القدير أحمد البهكلي. وأياً كانت مبررات الاختلافات المشروعة معهم وآلية عملهم، فإن ذلك مدعاة للتوقف عن القيام بمزيد من الإرباك لخطواتهم، طالما وقد منحوا الثقة. فمثل هذه الأحكام القاطعة، التي ربما هي من قبيل اختلاف وجهات النظر في الرؤى بين الأجيال. قد تستثير مستقبلاً ردود فعل بآثار رجعية، بما يخرج بالخلاف عن إطار ما عرفت به سلاسل أدباء المنطقة من ميزات وخصوصية في التعامل بين الأجيال. وعليه فمن غير الإنصاف وتكافؤ الفرص أن يستوي الحكم في بضعة أشهر على أداء مجلس وليد بما يشوش على الثقة بأعضائه، ويعرقل مسيرته، وننسى أن مجالس بعضها أخذ فرصه الطويلة جداً في تراكم خبراتها الإدارية على مدى دورات وعقود من السنوات. ولم يصاحب سيرها سوى كل حسن ظن. وما دامت لا توجد لدينا إدارات مختصةٌ دارسةٌ لفن إدارة العمل الثقافي؛ فستظل إدارة المنبر حقاً مشاعاً للجميع؛ وللأكثر وفرة في الوقت والجاهزية، ومن حق كل مثقف ومثقفة أن يخوض غمار تجربة إدارة العمل الثقافي؛ ويعطى فرصته الكاملة». وأكد الدكتور محمد حبيبي أن «من حقهم علينا أن نتقبل الأخطاء أياً كانت. من دون إبداء بادرة هز ثقة واحدة في وسائل الإعلام من أحد أعضاء المجالس تجاه زملائه. أو في ما بين مجلس سابق ولاحق. إنه لمن المخجل أن يقرأ الناس في كل مكان تصارع أعضاء مجلسين بهما 19 مثقفاً ومثقفة على مكافأة شهر. والأكثر خجلاً أن تبسط حجج كل طرف عبر وسائل الإعلام. ولو التجأ حكماء المجلسين لحسن النوايا، والابتكار في الأفكار لكان التنازل وتبرع كلا المجلسين بموضوع الخلاف لمصلحة مشروع ثقافي مشترك يعلن للجميع، أجدى وأفضل لجبين المنطقة العالي بتاريخها الثقافي من هكذا تهافت على افتعال الخلافات المعيقة للعمل الجاد المثمر». منظومة تسود فيها روح الجماعة وقال الشاعر علي الحازمي إنه لم يرغب منذ البداية الخوض «في أمور تتعلق بنادي جازان وبنتائج الانتخابات، التي دار حولها الكثير من الجدل وما أعقب ذلك من خلاف طويل بين أعضاء المجلس وبين رئيس النادي السابق، إضافة إلى اختلاف وجهة نظر البعض من أعضاء الجمعية العمومية حول سياسة النادي وخططه المستقبلية لإدارة شؤونه»، معتبراً أن كل هذه الصراعات «بلا شك تؤثر في جمالية المشهد الثقافي في منطقة جازان، وكم كنت أتمنى أن يعطى المجلس الجديد الوقت الكافي لتقويم عمله وخططه المتعلقة بأنشطة النادي مع الأخذ في الاعتبار أن عليه تقبل تلك الملاحظات، التي أشار إليها بعض أعضاء الجمعية العمومية في ما يتعلق ببعض الأمور التي تخص طرق الصرف المالي، وتقليص عدد اللجان العاملة بالنادي»، مشيراً إلى أن كل هذه الأمور «ممكنة الحل ويستطيع الأصدقاء في نادي جازان الأدبي تجاوز خلافاتهم، متى ما نظروا بعين الاعتبار لمصلحة النادي الأدبي الذي أمامه بلا شك الكثير من العمل والجهد، لأخذ مكانته المرموقة بين أندية المملكة الأدبية». وتطرق إلى الاستقالة فقال: «هي توسع في رأيي دائرة الخلافات والتي طالت هذه المرة المجلس نفسه، حقيقة أستغرب كثيراً من عدم تقبل البعض لوجهة النظر الأخرى وعجزه التام عن العمل وفق منظومة تسود فيها روح الجماعة، وتلغي كل مظاهر الذاتية والأنا والرأي الواحد، من قبل بشروط الانتخابات منذ البداية وقام بترشيح نفسه لدخول المجلس كان عليه بالضرورة أن يتحلى بتلك الروح المتفانية، وأن يبدي استعداده التام لتقبل رؤى الآخرين المختلفة حول العمل الثقافي، ومع كل ذلك سنظل على إيمان تام بأن المثقفين في منطقة جازان قادرين على تجاوز كل ما يقف في طريقهم، الأمر الذي سيمكنهم في الأخير من إيجاد تلك الحلول اللازمة لمواصلة الركض من جديد».