ارتفاع معدل البطالة في استراليا إلى 4.1% في شهر أبريل الماضي    أمطار متوسطة وأتربة مثارة على الشرقية ونجران وأجزاء من الرياض    النفط يرتفع بدعم من قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    إطلاق جامعة طيبة لمعرض "مكين" الهندسي    سمو محافظ الطائف يرعى حفل افتتاح المجمع القرآني التعليمي النسائي    الأهلي يتحدى الهلال والاتحاد يبحث عن «النصر»    الاتحاد في مأزق الخليج.. نقاط الأمان تشعل مواجهة الوحدة والرائد    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    «عكاظ» تنشر الترتيبات التنظيمية للهيئة السعودية للمياه    برعاية ولي العهد.. انطلاق الملتقى العربي لمكافحة الفساد والتحريات المالية    قمة عادية.. في ظرف استثنائي    صفُّ الواهمين    «الصحة» تدعو حجاج الداخل لاستكمال جرعات التطعيمات    مخاطر الألعاب الإلكترونية على الأمن المجتمعي    معاً لمستقبل عظيم !    71 فناناً وفنانة في معرض «كروما» بجدة    حل وسط مع الوزراء !    محاولة يائسة لاغتيال الشخصية السعودية !    أمير تبوك: ليالي الحصاد والتخرج من أسعد الليالي التي أحضرها لتخريج أبنائي وبناتي    «هاتريك» غريزمان تقود أتلتيكو مدريد للفوز على خيتافي في الدوري الإسباني    نريدها قمة القرارات لا التوصيات    شتلات شارع الفن    معرض"سيريدو العقاري"أحدث المشاريع السكنية للمواطنين    وزير الاستثمار: الاقتصاد السعودي الأسرع نموا وجاذبية    في قمة مواجهات الجولة 32 من «روشن».. ديربي الرياض بروفة نارية لنهائي كأس الملك    توثيق من نوع آخر    خطوة جادة نحو رؤية وزارة الرياضة    القيادة تهنئ رئيس الباراغواي ورئيس وزراء سنغافورة    «حلبة النار»… النزال الأهم في تاريخ الملاكمة    طريق الأمير محمد بن سلمان.. أهم مسار لتنقل الحجاج    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    تعزيز التعاون العدلي مع فرنسا وأستراليا    باكوبن والدقيل يزفون المهندس محمد    عبدالملك الزهراني ينال البكالوريوس    خادم الحرمين الشريفين يصدر عددا من الأوامر الملكية    السفير الإيراني يزور «الرياض»    السلطات الفرنسية تطارد «الذبابة»    بوتين يصل إلى الصين في زيارة «دولة» تستمر يومين    إنتاج الصقور في الحدود الشمالية    "الدرعية" تُعزز شراكاتها الاقتصادية والسياحية    استمرار الجسر الجوي الإغاثي إلى غزة    «الحر» يقتل 150 ألف شخص سنوياً    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    سقيا الحاج    دعوة عربية لمجلس الأمن باتخاد إجراءات سريعة توقف العدوان الإسرائيلي    « سعود الطبية»: زراعة PEEK لمريض عانى من كسور الجبهة    لقاح جديد ضد حمى الضنك    مختصون يدعون للحدّ من مخاطر المنصّات وتقوية الثقة في النفس.. المقارنة بمشاهيرالتواصل الاجتماعي معركة خاسرة    5 منافذ في الشرقية تستعد لاستقبال الحجاج    المزروع يشكر القيادة بمناسبة ترقيته للمرتبة 14    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة في سباق للمجد.. الجمعة    نائب أمير الشرقية يستقبل منتسبي "طويق"    رئيس جمهورية المالديف يُغادر جدة    وزير العدل يلتقي رئيس المجلس الدستوري في فرنسا    أمير تبوك يثمن للبروفيسور " العطوي " إهدائه لجامعة تبوك مكتبته الخاصة    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    أهمية الاختبارات الوطنية «نافس» !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوقاية والتغذية أفضل علاج . انتشار الانفلونزا ينشر التهاب السحايا
نشر في الحياة يوم 15 - 01 - 1996

لم يعد ازدياد حالات الانفلونزا خلال فصل الشتاء مقتصراً على احتمال انتشارها بشكل وبائي فحسب، بل أصبح يهدد بنقل أمراض خطيرة قاتلة اذا اهمل تشخيصها وتأخر علاجها مثل مرض التهاب السحايا الدماغية Meningitis. وقد جاءت التقارير الواردة عن حالات مماثلة في انحاء مختلفة من بريطانيا لتؤكد ذلك. اذ ساهم انتشار الانفلونزا في قصور جهاز المناعة عند الصغار والكبار وجعلهم أكثر عرضة لمرض التهاب السحايا، فتضاعف عدد الحالات وتوفي بعضها نتيجة تأخر علاجها بالمضادات الحيوية بعد تغافل تشخيصها. وقد لعب تشابه اعراض مرضي الانفلونزا والتهاب السحايا الدماغية دوراً كبيراً في ذلك.
ومن المتوقع ان يزداد عدد الاصابات مع اتساع موجة البرد والصقيع التي تجتاح الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية وبعض دول حوض البحر المتوسط نتيجة اضطراب الأحوال الجوية والبيئة فيها.
ونظراً لامكانية الحد من المضاعفات الخطيرة لانتشار الانفلونزا ومرض التهاب السحايا وسهولة اتخاذ الاجراءات الوقائية الكفيلة باحتوائها، لا بد من اطلاع القارئ على حقائق هذين المرضين.
الانفلونزا
من اكثر الأمراض شيوعاً ومن أشدها عدوى. تنتشر بشكل وبائي فتصيب مجموعة كبيرة من الناس في آن واحد، خصوصاً في فصل الشتاء، الا انها حاضرة دائماً ويمكن انتشارها في أي وقت خلال العام.
تنتقل الانفلونزا من شخص الى آخر عن طريق العطس والسعال عندما تتطاير قطرات تحمل الفيروس من فم أو انف انسان مصاب ويتنشقها انسان سليم فيصاب بالعدوى وتظهر عليه أعراض المرض بعد يوم أو ثلاثة أيام من تاريخ اصابته بها. وغالباً ما تظهر تلك الأعراض بشكل فجائي فتؤدي الى ارتعاش وأوجاع عامة في الساقين والذراعين والظهر والمفاصل اجمالاً. ويمكن ان يصاب المريض بصداع وآلام في العيون وجفاف في الحلق وسيولة في الأنف. وأحياناً تظهر اعراض أخرى تصيب الجهاز الهضمي فتؤدي الى التقيؤ والاسهال. وترتفع درجة الحرارة عند المريض وتدوم أعراض الحمى بين يومين وخمسة أيام تاركة المريض ضعيفاً يعاني من التعب والارهاق والاكتئاب. وقد يبقى السعال مستمراً لأسبوع أو اسبوعين بعد اختفاء الأعراض الأخرى.
يلعب جهاز المناعة دوراً أساسياً في مواجهة المرض والتخفيف من حدته وأعراضه، وهذا ما يجعل البعض أكثر احتمالاً وأقل تعرضاً للعدوى من غيره. وهناك أشخاص لا يصابون بالانفلونزا بتاتاً على رغم احتكاكهم بالمصابين. كما ان الانسان مؤهل لاكتساب مناعة ضد الانفلونزا عندما يكون الفيروس المتسبب بها مشابهاً للذي تسبب في اصابتهم بها سابقاً. اذ يتعرف جهاز المناعة عليه ويمنعه من التكاثر والانتشار داخل الجسم.
اما الفيروس المتسبب بالانفلونزا فهو معروف ويمتاز بخصوصية التغيير المستمر من عام الى آخر بهدف خداع انظمة الدفاع الجسدي المواجهة للمرض. وتحدث عملية تغيير أكبر مرة كل 30 أو 40 عاماً تؤدي الى ظهور نوع جديد من الفيروس يختلف كلياً عما سبق، وينتشر بشكل وبائي شامل في مختلف أنحاء المعمورة. بينما تعود أنواع سبق ظهورها الى الانتشار ما يعطي الأشخاص الذين سبق واصيبوا بها مناعة وحصانة ضدها.
التلقيح ضد الانفلونزا
تزداد خطورة مرض الانفلونزا عند اصابة الرئتين بأحد الأمراض الجرثومية وهي لذلك تتسبب في مقتل عشرات الآلاف سنوياً في الظروف العادية، ومئات الآلاف سنوياً عندما تتحول الى وباء. وقد أدى وباء الانفلونزا الاسبانية بين عامي 1918 و1919 الى مقتل 20 مليون شخص، أصيب معظمهم بمرض ذات الرئة Pneumonia بعد الانفلونزا، أي ما يعادل عدد القتلى الذين سقطوا خلال الحرب العالمية الأولى. وفي عام 1957 تسببت الانفلونزا الآسيوية في مقتل مليون شخص، بينما أدت انفلونزا هونغ كونغ عام 1968 الى مقتل 700 الف شخص.
ويشكل كبار السن الذين يتعدى عمرهم الستين نحو 90 في المئة من الضحايا، أما الفئات الأخرى المهددة بالاصابة فهي مرضى القلب والسكري والكلى والربو وقصور المناعة والأطفال الذين يعانون من النزلات الصدرية والأمراض الرئوية. لهذا ينصح بعض الدوائر الصحية بتلقيح كبار السن والفئات الأخرى المهددة ضد مرض الأنفلونزا في بداية فصل الخريف من كل عام لأن لقاح الانفلونزا يوفر 80 في المئة من الحصانة والوقاية ويخفف من حدتها عند الاصابة بها. اذ ان تأثير الانفلونزا لا يقتصر على صحة الانسان فحسب بل يشمل اقتصاد الدول لأنه يتسبب بغياب أعداد كبيرة من الموظفين عن العمل ويحرم المؤسسات والشركات والمصانع كوادر مهنية اياماً عدة، اضافة الى تأثيرها على التحصيل العلمي والثقافي في المدارس والجامعات.
وبينما يخشى بعض الأطباء من ان يؤدي النقص في كمية اللقاح المتوافرة سنوياً ضد فيروس الانفلونزا السائد في ذلك الوقت الى ارتفاع عدد الموتى، تنادي أصوات اخرى بضرورة توخي الحذر والتأني في تلقيح الناس لأن هناك اعتبارات صحية ومضاعفات لا بد من اخذها بعين الاعتبار. فالوقاية أو الحصانة لا تستمر أكثر من 6 اشهر. وفيروس الانفلونزا يغيّر شكله وتركيبه سنوياً، ما يعني تكرار عملية التلقيح كل عام. كما ان سلالة الفيروس تتغير كل 10 سنوات وتكون أكثر فتكاً بالناس لأنه لا توجد لديهم حصانة ضدها.
وعلى الرغم من ان اللقاح يوفر الحصانة لپ80 في المئة من الحالات، غير انه لا يخلو من المضاعفات الصحية الجانبية. لهذا يحظر اعطاؤه للمرضى الذين يتناولون أدوية كابتة للمناعة أو الذين يعانون من حساسية للبيض، لأن لقاح الانفلونزا يحضّر عادة داخل بيض الدجاج. ويعزو الدكتور جون واطسون، اخصائي علم الفيروسات وخبير الانفلونزا في المركز الوطني للأمراض المعدية، صعوبة القضاء على الفيروس المسبب لها، الى عجز الأطباء والباحثين عن اكتشاف الطريقة الصحيحة التي ينتقل بها المرض، والى ضرورة تلقيح كل الناس للوقاية منها. لهذا يحاول العلماء فهم طبيعة عمل البروتينات التي تظهر كالسنابل خارج خلايا الفيروس، لأن جهاز المناعة البشري لا يباشر دفاعه وانتاجه للأجسام المضادة الا اذا تمكن من التعرف على هذه البروتينات. فعندما يغيّر الفيروس شكله يعجز الجسم عن اكتشافه فتلتصق البروتينات التي تغلّف الفيروس بخلايا الجسم وتنقل العدوى الى الأغشية المبطنة للأنف والحنجرة والرئتين.
ويركز الباحثون في مركز "ميل هيل" البريطاني للانفلونزا جهودهم على فهم بروتين "هيماغلوتينين" الأساسي والضروري لوصول الفيروس الى داخل الخلية. فاذا تمكنوا من معرفة طريقة تغيّر شكله سيعطيهم ذلك فرصة لوقف وظائفه وتعطيله. وحتى الآن لا يعرف الا القليل عن أسباب ظهور فيروسات جديدة سنوياً. الا ان الدكتور آلان هاي مدير مركز الانفلونزا البريطاني أكد على وجود أدلة متزايدة تدعم النظرية القائلة ان الطيور البرية تصاب طبيعياً بهذه الفيروسات وتنقلها الى الطيور والدواجن المنتشرة في المناطق الزراعية. وربما يفسر ذلك أسباب ظهور الفيروسات الجديدة سنوياً بين سكان المناطق الزراعية كما هي الحال في الصين.
ويبدو ان الهدف الرئيسي للعلماء هو تركيب لقاح قادر على توفير الوقاية والحصانة ضد كل سلالات فيروس الانفلونزا. ويؤكد البروفسور جون أكسفورد من مستشفى رويال لندن ان خطوات عملاقة تحققت ومكنت العلماء من ملاحقة الفيروس المتغير حول العالم 24 ساعة يومياً. ولكن الخبرة الحقيقية تتركز في معرفة أي الأنواع سيكون أكثر فتكاً وعدوى. لهذا يجتمع خبراء الانفلونزا من انحاء العالم كافة في مدينة جنيف في شهر شباط فبراير من كل عام ليقرروا طبيعة الانفلونزا المقبلة في فصل الشتاء وابعاد انتشارها. فهي تبدأ دوماً في الشرق الأقصى ثم تنتشر في البلاد الغربية خلال شهري تشرين الثاني نوفمبر وكانون الأول ديسمبر الى ان تصل الى قمتها خلال شهري شباط فبراير وآذار مارس. ويتم تصنيفها حسب السلالة الفيروسية التي تسببها وهي A او B أو C. أما انفلونزا هذا العام فهي من سلالة A الشبيهة بأنفلونزا العام الماضي.
تساؤلات ومحاذير
يعتقد بعض العلماء ان تلقيح الأصحاء ضد الانفلونزا يضعف مناعتهم الطبيعية لادخاله مواد غريبة الى الجسم بطريقة غير طبيعية عبر مجرى الدم بدل دخولها عبر المجاري الهوائية والرئتين. فالانسان لا يلتقط عدوى الانفلونزا لأنه لم يلقح ضدها، بل لأن جهازه المناعي لا يعمل جيداً. لذا فان من الأفضل ان يبني الانسان مناعته الطبيعية بحسن اختيار الأغذية والأطعمة ومقاومة الضغوط والاجهاد وممارسة التمارين الرياضية.
ويخشى بعض الأطباء وخبراء العلاج الطبيعي من المضاعفات الصحية الخطيرة الطويلة الأمد لتلقيح الأصحاء ضد الانفلونزا، فتأثيرات اللقاح تبقى خامدة داخل خلايا الجسم 20 سنة تعود بعدها لتصيب الخلايا بأضرار جسيمة لا يعرف أحد مداها. وصرّح اخصائي العلاج الخلايا بأضرار جسيمة لا يعرف أحد مداها. وصرّح اخصائي العلاج الطبيعي ليون تشايتو ان كل أنواع اللقاح تغيّر المادة الوراثية وتضعف المناعة الاجمالية للانسان. كما ان اللقاح يزيد حالة مرضى السكري والنقرس وارتفاع ضغط الدم وباركنسون سوءاً. حتى ان الدكتور الراحل البرت سابن، مكتشف لقاح شلل الأطفال، انتقد استخدام لقاح الانفلونزا بشكل واسع لأن 90 في المئة من الذين يلقحون به لا يحتاجونه.
تجدر الاشارة الى ان انواع اللقاح المستخدمة حالياً ضد الانفلونزا هي أكثر نقاء وسلامة من سابقاتها. لذا تنصح الدوائر الصحية بضرورة توفير اللقاح لكبار السن والفئات المهددة حرصاً على عدم تدهور صحتهم واحتمال وفاتهم نتيجة اصابتهم بالانفلونزا. كما يسعى اصحاب المؤسسات والشركات والمصانع الى تعميم فكرة التلقيح ضد الانفلونزا لتفادي غياب موظفيهم وعمالهم عن العمل باجازات مرضية طويلة تؤثر على الطاقة الانتاجية وجودتها.
مستقبل العلاج
يأمل العلماء في مختبرات شركة غلاكسو - ولكوم العالمية ان تؤدي النتائج المشجعة للتجارب الجارية منذ أكثر من عام على دواء جديد يمنع فيروس الانفلونزا من الانتشار داخل الجسم، الى نزول هذا الدواء الى الأسواق خلال عامين. ويمتاز الدواء الذي يعرف حالياً بالرموز GG- 167 والذي تم تصميمه بالكومبيوتر قدرته على ايقاف تكاثر الفيروس وتعطيل الانزيم المسؤول عن عملية توالده داخل الجسم. ما يتيح للمصابين فرصة الخلاص من كافة الأعراض المرضية التي تصاحب الاصابة بالانفلونزا.
وعلى رغم عدم وجود علاج شامل للانفلونزا فان الوقاية تبقى أفضل سبيل لحماية الجسم من خطر الفيروسات والجراثيم. ومن الضروري هنا ان يشارك مريض الانفلونزا في عملية الوقاية هذه فيبدأ بالخطوة الأولى لحماية الآخرين من العدوى وذلك بأن يغطي انفه وفمه بعازل اثناء العطس أو السعال وان يمتنع عن تقبيل الآخرين أو مصافحتهم اذا كانت يداه لامستا أنفه أو فمه. كما ان التسلح بالغذاء الجيد الطازج المكون من الخضار والفاكهة والتأكيد على تزويد الجسم بما يحتاجه من فيتامينات ومعادن ضرورية لجهاز المناعة، يساهم في الوقاية من الانفلونزا مهما كان نوعها أو سليلة الفيروس المسبب لها.
التهاب سحايا الدماغ Menigitis
السحايا عبارة عن ثلاث طبقات نسيجية رقيقة تغطي الدماغ وتحوي بين طبقتيها السفليين سائل النخاع الشوكي الذي يغذي الدماغ ويحميه من الخطر. وتمتد السحايا لتغطي الحبل الشوكي الذي يسبح عادة مع الدماغ في سائل النخاع الشوكي.
يصاب الانسان بمرض التهاب السحايا عندما تدخل جرثومة من خارج الجسم الى مجرى الدم عن طريق الأنف أو الحنجرة وينقلها الدم بدوره الى سائل النخاع الشوكي، ما يؤدي الى اثارة السحايا ويتسبب باحمرارها وانتفاخها. وقد تدخل الجرثومة مجرى الدم من جراء التهاب داخلي متواجد في الجسم كالخراج.
وهناك مجموعة من الناس معرضة للاصابة بهذا المرض أكثر من غيرها، كالأطفال الذين يولدون بالسنسنة المشقوقة أو انكشاف الحبل الشوكي، والأشخاص الذين يتعرضون لكسور في الجمجمة أو قاعدة الأنف، وغيرهم ممن يعانون من ضعف الأجهزة الدفاعية داخل اجسامهم، كالمصابين بمرض اللوكيميا ومتعاطي العقاقير القوية المضادة للسرطان. كما يتعرض الأطفال الخدج الذين لم تتجاوز أعمارهم السنة الواحدة للاصابة بهذا المرض بنسبة 16 حالة لكل 100 الف طفل، بينما لا تتجاوز نسبة الاصابة 3 أعشار بين كل 100 الف من الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم الپ25 سنة.
تظهر أعراض المرض خلال ساعات من الاصابة به، ويشعر المريض خلالها بصداع شديد وآلام حادة في العينين كلما واجه الضوء وترتفع حرارته كأنه مصاب بالحمى، كما تتمالكه رغبة كبيرة في الخلود الى الراحة والانعزال في غرفة مظلمة مع المعاناة من اوجاع في الظهر والمفاصل ويشكو المصاب احياناً من تصلب الرقبة والغثيان والتقيؤ، كما يصاب بالاضطراب والدوران وربما نوبة عصبية. كما يحاول الاستلقاء على جنبه وساقاه منحنيتان وملتصقتان. أما الأعراض الرئيسية عند الأطفال فهي الحمى والتقيؤ وعدم الرغبة في تناول الطعام والهياج العام والخلجان. وأول ما يبحث عنه الطبيب أثناء فحصه للمريض هو ظهور علامات أو مؤشرات معينة تدل على وجود التهابات مصدرها السحايا. فتصلب الرقبة مثلاً يشير الى وجود التهاب يحيط بالدماغ ويمتد الى الحبل الشوكي. وشعور المريض بالألم عند محاولة تحريك وضع ساقيه اثناء الاستلقاء، سواء كان ذلك بتمديدهما أو ثنيهما، يدل على ان الالتهاب قد أصاب الحبل الشوكي. كما يقوم الطبيب بفحص خلفية العين للتأكد مما اذا كان العصب المتصل بها قد أصابه الالتهاب أيضاً.
ان اكتشاف حالات التهاب السحايا عند الأطفال ليس بالأمر اليسير، اذ يحتاج الطبيب الى مساعدة الأمهات لمعرفة التغيرات الطارئة على تصرفات اطفالهن. أما الاشارات التي تظهر على الأطفال عادة فهي بروز أو نتوء الجزء الطري من الجمجمة مع تصلب الرقبة واسترخاء الجسد. وبمجرد الاشتباه بحالات الاصابة بمرض التهاب السحايا يستحسن نقل المريض مباشرة الى المستشفى حيث يجري له بعض الفحوصات الطبية كتحليل الدم وتصوير الجمجمة والصدر بالأشعة. أما أهم فحص للتأكد من وجود مرض التهاب السحايا فهو تحليل سائل النخاع الشوكي وذلك بأخذ عينة من أسفل ظهر المريض، اذ يقوم الطبيب المختص بوخز أسفل العمود الفقري بأبرة خاصة يسحب فيها سائل النخاع الشوكي الذي يكون صافي اللون في الأحوال العادية السليمة ويتعكر لونه أو يصيبه الغبش في حال اصابته بمرض التهاب السحايا. عندها تنقل العينة الى المختبر لتحديد نوع الجرثومة المتسببة به. كما انه من الضروري التمييز بين الالتهاب السحائي الذي تتسبب به الفيروسات وذلك الناتج عن الجراثيم.
فالنوع الأول الذي تتسبب به الفيروسات اكثر شيوعاً وأقل خطراً، اذ تقتصر اعراضه على ما يشبه النزلة الوافدة يرافقها صدا شديد مع بعض الأعراض الأخرى التي لا يتطلب علاجها استخدام المضادات الحيوية بل يكتفي المريض بالتزام الراحة وتلقي الرعاية المنزلية.
أما النوع الثاني الذي تتسبب به الجراثيم فيظهر بأشكال عدة، أولها تسببه المكورات السحائية ويهاجم الجسم بطريقتين احداهما خطيرة جداً تصيب الانسان بصورة مفاجئة وتؤدي الى الصدمة والصداع والطفح الجلدي الذي ينتشر فوق الجسم كأنه كدمات. وقد يؤدي هذا النوع الى وفاة المريض خلال 12 ساعة اذا لم تتم معالجته بسرعة. أما الطريقة الثانية التي تهاجم فيها المكورات السحائية الجسم فتؤدي الى اعراض شبيهة بنزلات البرد لمدة يوم أو يومين يليها صداع شديد وتقيؤ مع طفح جلدي. ويمكن التعرف على هذا النوع من الجراثيم أثناء تحليل سائل النخاع الشوكي، وأفضل علاج له هو المضادات الحيوية وبالذات البنسلين. ونظراً لاحتمال انتقال المرض بالعدوى يستحسن تحصين الأشخاص الذين يحتكون بالمريض عن طريق اعطائهم جرعات من المضادات الحيوية اللازمة.
أما الشكل الثاني للمرض فتتسبب به جرثومة ذات الرئة ويصيب الأشخاص الذين تعدت أعمارهم الپ45 سنة وهذا النوع من التهاب السحايا خطر لأنه يحدث اعاقة دائمة عند 25 في المئة من المصابين. ويمكن علاج هذا النوع من التهاب السحايا بالمضادات الحيوية ولا يحتاج الأشخاص الذين يحتكون بالمريض الى التحصين بها.
وتتسبب الانفلونزا المستديمة في اصابة الانسان بالنوع الثالث من التهاب السحايا الجرثومي الذي يؤثر على الأطفال دون سن الرابعة، وهو شبيه بالأنواع الأخرى الا انه لا يتأثر بالبنسلين ويحتاج علاجه الى مضادات حيوية اخرى. وهناك نوع رابع مهم ونادر يعرف بالتهاب السحايا السلي أو الدرني وهو منتشر بين المهاجرين الذين يفدون من المناطق الموبوءة بمرض السل. وأكثر الناس عرضة لهذا المرض هم الأطفال وكبار السن الذين يعانون من سوء التغذية. أما أعراضه فما زالت غامضة ولا تظهر الا بعد أسابيع عدة عندما تتدهور صحة المريض بسرعة ويتعرض للاعاقة الجسدية أو الموت اذا لم يعالج فوراً. وقد يتطلب علاجه تناول المضادات الحيوية لفترة طويلة ربما وصلت الى سنة كاملة.
ان حصر خطر مرض التهاب السحايا يتطلب دقة في التشخيص وسرعة في العلاج. كما ان الشفاء منه ممكن في أغلب الأحيان. ولكن هناك 6 في المئة من الحالات التي يموت فيها المريض أو يصاب بعاهات خطيرة كالصمم والتخلف العقلي أو الصرع بعد فترة طويلة من تماثله للشفاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.