أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، خطة طموحة من شأنها خفض العجز المالي التراكمي للولايات المتحدة بنحو أربعة تريليونات دولار. وتضمنت الخطة للمرة الأولى اقتطاعات ضخمة في تمويل البرامج الصحية الموجهة للمتقاعدين، لكن شملت في المقابل زيادة ضرائب «السوبر» أثرياء وحجب الإعفاءات الضريبية أو سد ثغراتها، فضلاً عن الوفر المحقق من إنهاء حرب العراق وخفض القوات في أفغانستان. وأوضح أوباما في كلمة في حديقة البيت الأبيض، أن اقتراحات خفض العجز المالي المتوقع أن تساهم في إعادة الاستقرار إلى أسواق المال، عبر تهدئة مخاوفها إزاء أزمة ديون سيادية فاحشة تهدد الاقتصاد الأميركي في المدى البعيد وربما المتوسط، ستوفر تمويلاً كافياً لخطة التوظيف التي أعلنها الأسبوع الماضي، ويأمل في أن تؤمن 1.9 مليون فرصة عمل وتخفض معدل البطالة واحداً في المئة من مستواه القياسي الحالي البالغ 9.1 في المئة. وإضافة إلى نحو 900 بليون دولار من خفوضات العجز المالي التي أسفر عنها اتفاق رفع سقف الدين الفيديرالي بداية الشهر الماضي، كشف أوباما عن خطة لتقليص العجز بمقدار ثلاثة تريليونات دولار في عشر سنوات، من ضمنها 540 بليوناً من تمويل برامج الرعاية الصحية الدوائية والعلاجية، وتوفير نحو تريليون دولار من حربي العراق وأفغانستان. وعلى رغم عدم اتضاح ما إذا كان أوباما ضمن تأييد حزبه الديموقراطي ذي التوجه الاجتماعي للاقتطاعات الضخمة المقترحة في برامج الرعاية الصحية، ناهيك عمن يوصفون بالليبراليين الذين يشاركونهم بعض توجهاتهم، يبدو مؤكداً أن خطة البيت الأبيض مقبلة على مواجهة تحديات أصعب من جانب الجمهوريين المسيطرين على مجلس النواب. لكن أوباما الذي يعاني من تراجع ملموس في شعبيته مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، ربط بين بند تقليص الإنفاق على البرامج الصحية، وبين موافقة الكونغرس على تطبيق إصلاحات ضريبية، يؤمل أن تضمن لموازنة الحكومة الفيديرالية مداخيل تصل قيمتها التراكمية إلى 1.5 تريليون دولار مساهمة في خفض العجز المالي، الذي يُخشى أن يصل إلى 7 تريليونات دولار منذ الأزمة المالية، نصفه بين عامي 2012 و2021 بحسب أحدث تقديرات الكونغرس. وتشمل الإصلاحات المقترحة خفض معدلات الجباية الضريبية في مقابل إنهاء الخفوضات التي أقرها الرئيس السابق جورج بوش عامي 2001 و2003، لتوفير 800 بليون دولار من رصيد العجز المالي، إضافة إلى سد الثغرات الضريبية وإلغاء الإعفاءات بما ينسجم في نهاية المطاف مع «قاعدة (المستثمر المخضرم وارن) بافيت» الذي يسخر من حقيقة أن أثرياء أميركا يدفعون ضرائب أقل من أبناء الطبقة الوسطى وفق مبدأ النسبة والتناسب. وشدد أوباما، على أن الإصلاحات الضريبية التي اقترحها لن تبدأ قبل عام 2013. وأشار إلى أن اقتراحاته تصب في هذا الهدف عبر تأمين التمويل اللازم لخطة التوظيف التي أعلنها الأسبوع الماضي. وتضمنت الخطة التي أعلنها أوباما في جلسة مشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس، حزمة من الخفوضات الضريبية والإنفاق الحكومي، لحفز الشركات على التوظيف أو تجنب تسريح العمال وكذلك إطلاق عدد كبير من مشاريع البنية التحتية. وتعتزم الخطة المقترحة إنفاق 140 بليون دولار لتمويل مشاريع البنى التحتية، لكنها خصت في الوقت ذاته الشركات الصغيرة، التي تمثل نحو 98 في المئة من عدد الشركات الأميركية وتعتبر أهم مصادر التوظيف. إذ رصدت مبلغ 70 بليوناً على شكل اقتطاعات في ضرائب الأجور لتشجيع أرباب العمل على التوسع في استخدام اليد العاملة وأقله الحفاظ على القوى العاملة لديهم.