صعّدت أنقرة خلافاً مع واشنطن، إذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن مسؤولي بلاده سيقاطعون اجتماعات مع السفير الأميركي، فيما اعتبر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم أن بلاده لا تحتاج إذناً من الولاياتالمتحدة لملاحقة الأتراك قضائياً، وحضّها على أن تكون «أكثر عقلانية». وكانت الولاياتالمتحدة جمّدت منح تأشيرات الدخول في تركيا، إلا تلك المرتبطة بالهجرة، بعد توقيف موظف تركي في القنصلية الأميركية في إسطنبول الأسبوع الماضي، واتهامه بالتجسس والسعي إلى إطاحة الحكومة التركية. واتخذت أنقرة تدابير مشابهة، واستجوبت موظفاً آخر في القنصلية، للاشتباه بارتباط زوجته وابنته بجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، المقيم في الولاياتالمتحدة منذ العام 1998 والذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي. ودعا أردوغان واشنطن الى عزل سفيرها في أنقرة جون باس، إذا اتخذ قرار تجميد التأشيرات، مضيفاً أن الحكومة التركية لن تستقبله في جولته الوداعية قبل مغادرته أنقرة في غضون أيام، بعد تعيينه سفيراً في كابول. وتابع خلال زيارة الى بلغراد: «لم نعد نعتبره ممثلاً للولايات المتحدة في تركيا». وحمّل أردوغان الولاياتالمتحدة مسؤولية الخلاف، مؤكداً أن توقيف الموظف التركي استند إلى أدلة عثرت عليها الشرطة تُظهِر أن «هناك ما يدور في قنصلية (أميركا في) إسطنبول». وسأل: «كيف تسلل هؤلاء العملاء الى القنصلية؟ إذا لم تقم (الولاياتالمتحدة بوضعهم هناك)، فمَن وضعهم؟ ليست هناك دولة تسمح لمثل هؤلاء العملاء بتشكيل خطر» عليها. أما يلدرم فوصف قرار تجميد منح التأشيرات ب «تناقض سافر»، وزاد خلال لقائه التكتل النيابي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم: «تركيا ليست دولة قبلية وسنردّ بالمثل. ندعو الولاياتالمتحدة إلى أن تكون أكثر عقلانية، وتجب طبعاً تسوية القضية بأسرع وقت». واعتبر أن سلوك واشنطن «لا يليق» بحليف، وسأل الأميركيين: «مَن تعاقبون؟ إنكم تجعلون مواطنينا ومواطنيكم يدفعون الثمن. هذه ليست رصانة. لا تمكن إدارة دولة بقرارات انفعالية». وأكد أن تركيا «دولة قانون» وأن العمل في البعثات الأميركية لا يمنح متهمين ومرتكبي جرائم «امتيازات»، متسائلاً: «هل علينا طلب إذن» من الأميركيين لملاحقة هؤلاء؟ وتابع مخاطباً واشنطن: «هل طلبتم إذناً عندما رميتم نائب الرئيس التنفيذي لمصرفنا الرسمي خلف قضبان؟»، في إشارة الى توقيف نائب مدير عام «بنك خلق» المملوك من الدولة التركية محمد حقان أتيلا في الولاياتالمتحدة، في آذار (مارس) الماضي، لاتهامه بمساعدة إيران على الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة عليها. وسأل يلدرم: «هل هذا تصرّف يليق بتحالف أو صداقة؟». وزاد مخاطباً الأميركيين: «لماذا تواصلون إيواء فتح الله غولن، زعيم المنظمة التي نفذت المحاولة الانقلابية؟ هل يتماشى ذلك مع علاقة التحالف بيننا؟». وشدد على أن «التحالف يعني أن نكون معاً في الأيام الجميلة والصعبة». وكان السفير الأميركي في أنقرة جون باس أعلن أن مدة تجميد خدمات التأشيرات في تركيا ستتوقف على المحادثات بين الحكومتين في شأن توقيف موظفين أتراك في السفارة الأميركية. وأضاف أنها ستتوقف أيضاً على «التزام الحكومة التركية حماية منشآتنا وموظفينا في تركيا»، مشيراً الى أن السلطات التركية لم تقدّم أي دليل يدين الموظف الموقوف من القنصلية الأميركية في اسطنبول، والى أنه لا يستطيع الوصول إلى محام. وتابع أن توقيفه «أثار تساؤلات عما إذا كان مسؤولون يستهدفون عرقلة التعاون الطويل الأجل بين تركياوالولاياتالمتحدة». الى ذلك، أفادت وكالة «دوغان» الخاصة للأنباء بشنّ الشرطة التركية عملية لتوقيف 70 عسكرياً، بينهم ضباط، اتُهموا بالارتباط بجماعة غولن، علماً أن 62 منهم من سلاح الجوّ.