«هيئة العقار» تُعلن بدء التسجيل في عشرة أحياء مستفيدة من السجل العقاري في الرياض    للمرة الخامسة على التوالي.. خيسوس يتسلم جائزة أفضل مدرب لشهر مارس    القبض على مواطن في جدة لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    صافرة يونانية تقود لقاء الهلال والفتح في الجولة 29 من دوري روشن    نائب أمير منطقة تبوك يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة بمناسبة إنجازات مستهدفات رؤية المملكة ٢٠٣٠    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    ولي العهد يهنئ رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة بذكرى يوم الاتحاد لبلادها    «الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    أخو الزميل المالكي في ذمة الله    «الطيران المدني»: تسيير رحلات مباشرة من الدمام إلى النجف العراقية.. ابتداء من 1 يونيو 2024    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    كيسيه يعلق على الخسارة أمام الرياض    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    جوارديولا: الضغط يدفعنا إلى الأمام في الدوري الإنجليزي    إصابة حركة القطارات بالشلل في ألمانيا بعد سرقة كابلات كهربائية    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    وزير الشؤون الإسلامية يعقد اجتماعاً لمناقشة أعمال ومشاريع الوزارة    أستراليا تقدم الدعم للقضاء على الملاريا    أمريكا: اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان    فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    "زرقاء اليمامة" تعيد الأضواء ل"مركز فهد الثقافي"    65.5 مليار إجمالي أقساط التأمين ب2023    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    إصابة مالكوم وسالم الدوسري قبل مباراة الهلال والفتح    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    هوس «الترند واللايك» !    مقامة مؤجلة    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    هيئة السوق المالية تصدر النشرة الإحصائية للربع الرابع 2023م.    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة نظير المستهدفات التي حققتها رؤية المملكة 2030    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    «ألبرتو بُري» يتجاوز مأساته    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    تحول تاريخي    المملكة تبدأ تطبيق نظام الإدخال المؤقت للبضائع    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    فلسطين دولة مستقلة    العين يكشف النصر والهلال!    مقال «مقري عليه» !    مصر تبدأ العمل بالتوقيت الصيفي بتقديم الساعة 60 دقيقة    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي مديري عموم فروع الرئاسة في مناطق المملكة    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروبوت نموذجاً عن صناعة عسكرية ترسمها المعلوماتية
نشر في الحياة يوم 06 - 08 - 2017

في أواخر تموز (يوليو) المنصرم، ظهر على منصة مؤتمر معلوماتي في اليابان، نوع من الروبوت أثار أسئلة متنوّعة. إذ سار مارك ريبارت، مسؤول شركة «بوسطن روبوتكس» ومديرها التنفيذي، قرب روبوت يسير على أربعة قوائم، وسمّاه «سبوت ميني روبوت» Spot Mini Robot، على منصة العرض في مؤتمر «سوفت بانك وورلد 2017» Soft Bank World 2017 المخصّص لعلاقة البنوك مع المعلوماتيّة وشبكات الاتصالات المتطوّرة. وظهر الروبوت ذو القوائم الأربعة بوصفه قادراً على أداء مهمات تتصل بالأمن داخل مقرّات البنوك، إضافة إلى مساعدته الإدارة في ضبط عمل الموظفين الذين يتجوّل الروبوت بين مكاتبهم، فتراقبهم كاميراته ناقلة أداءهم إلى عيون الإدارة!
واستطراداً، لم يفت المهتمّين بالشأن المعلوماتي ملاحظة أن تسمية «ميني» إنما تحيل إلى الروبوت- الأصل، الذي يعتبر «سبوت ميني» نسخة مصغّرة منه. وفي العام 2013، أبرمت شركة «غوغل» عقداً خوّلها شراء «بوسطن داينامكس» التي كانت آنذاك أبرز الشركات الخمس الكبرى في الصناعة العسكريّة الأميركيّة.
وتتخصّص تلك الشركة في التقنيّات الرقميّة والنُظُم الإلكترونيّة والروبوتات وغيرها. وآنذاك أيضاً، انشغلت وسائط الاعلام بالحديث عن الآفاق التي انفتحت أمام «غوغل» في صناعة الروبوت. إذ ذاع صيت «بوسطن داينامكس» عندما ابتكرت روبوت عسكرياً اسمه «بيغ دوغ» Big Dog Robot (= «روبوت الكلب الكبير»)، وهو روبوت يسير على 4 قوائم، ويستطيع مرافقة الجنود في المفازات القاسية غير المعبّدة. ولم يكن روبوت «سبوت ميني» سوى نسخة مصغّرة عنه.
لكن ما مثّل أخباراً سعيدة ل «غوغل»، كان مثار قلق في البنتاغون. وعلى رغم أن «غوغل» أوضحت أنها تلتزم تنفيذ العقود التي وقّعتها «بوسطن داينامكس» مع الجيش والأسطول والمارينز، إلا أنها ألمحت إلى إمكان عدم استمرارها في تبني أعمال عسكريّة في المستقبل.
بقول آخر، حرمت تلك الصفقة البنتاغون من شركة ضمنت لأميركا تفوقاً حاسماً في صناعة «الروبوت المُدار ذاتيّاً» (يُعرف أيضاً باسم «الروبوتات المستقلّة»)، بعد أن كانت حقلاً يتطوّر حصريّاً تحت إشراف البنتاغون، ما ضمن تفوق أميركا في تلك التقنيّات العسكريّة.
ولم يكن غريباً أن تمتلك شركة خاصة («غوغل») تعمل في المعلوماتيّة وتقنيّاتها، من الأموال ما يكفي لشراء شركة ضخمة في الصناعة العسكريّة حاضراً، إذ تقدّر القيمة السوقيّة ل «غوغل» بقرابة 400 بليون دولار، ما يفوق ضعفي قيمة 4 شركات أساسيّة التي يعتمد عليها البنتاغون في الصناعة العسكريّة، وهي «رايثون» و «نورثروب- غرومان» و «لوكهيد مارتن» و «جنرال داينامكس». كذلك تملك «غوغل» أموالاً جارية تزيد على 60 بليون دولار، ما يكفل شراءها الشطر الأكبر من أسهم أي من تلك الشركات العسكريّة الضخمة، إذا أرادت ذلك.
من يصنع الأسلحة في القرن 21؟
الأرجح أنه يتوجب على البنتاغون أن يعمل على اجتذاب شركات معلوماتيّة ك «غوغل» إلى الصناعة العسكريّة، إذا أراد استمرار التفوّق الحاسم في التكنولوجيا للجيش الأميركي، وهو ما رفع ذلك الجيش فوق منافسيه عالميّاً لما يزيد على 70 عاماً. في المقابل، لا تملك «غوغل» ومثيلاتها حوافز كافية لدخول تلك الصناعة، لغياب حاجتها إلى عقود البنتاغون. لا أقلّ من القول إن شركة «آلفابيت» (مالكة «غوغل») ممتلئة ماليّاً ومتنوّعة في مجالات عملها، وهو ما يظهر بوضوح في نشاطاتها الممتدة من صنع أقمار اصطناعيّة قوية وصغيرة، وليس انتهاء بمشاريعها لصنع سيارة- روبوت.
أبعد من ذلك، باتت المتغيّرات العالميّة، خصوصاً في التقنيّات المعلوماتيّة، تفرض على البنتاغون أن يتّجه نحو عولمة الصناعة العسكريّة الأميركيّة، مهما بدا ذلك القول مستهجناً للوهلة الأولى، لأن مجموعة ضخمة من التقنيّات ذات الاستخدام العسكري صارت تنتج خارج الولايات المتحدة التي لم تعد لاعباً مفرداً، ولا الأكثر تفوّقاً، في تلك التقنيّات.
ليس الأمر ضرباً من الخيال، إذ يملك عسكريو واشنطن خبرة فعليّة في مجال عولمة الصناعة العسكريّة الأميركيّة، لكنهم لا يندفعون في ذلك الاتجاه بالسرعة التي يفرضها إيقاع التغيير عالميّاً.
ولعل المثال الأبرز على ذلك يتجسّد في الطائرة المقاتلة- القاذفة «إف- 35» F- 35 Joint Striker Fighter، إذ صنعت تلك الطائرة المتطوّرة عبر مشروع شاركت فيه 9 دول هي: تركيا وإيطاليا والدانمارك والسويد والنرويج وكندا وأستراليا وبريطانيا وأميركا.
وساهمت تلك العولمة أيضاً في تخفيف أعباء صناعة تلك الطائرة، إضافة إلى الاستفادة من تقنيّات غير أميركيّة، وتصلح إيطاليا نموذجاً عن ذلك، إذ تملك حكومتها ثُلُث شركة «فينمِكانيكا»، إحدى أضخم شركات الصناعة العسكريّة، التي تملك فرعاً في أميركا يحمل اسم «دي آر أس تكنولوجيز» DRS Technologies يديره ويليام ليين الثالث، النائب السابق لوزير الدفاع الأميركي.
هناك حقيقة أساسيّة وضخمة: يعمل البنتاغون على برنامج لتطوير الجيش تقنيّاً، خصوصاً في المعلوماتيّة، هو الأضخم في تاريخه على رغم التقلّص الجاري في موازنته.
فإذا أراد البنتاغون الاستمرار في التفوّق التقني عليه أن يتنبّه إلى واقعة مزدوجة تتمثّل في أن معظم التطوّر في التقنيّات الرقميّة تحدث ضمن شركات ك «غوغل»، وأن الابتكار في التقنيّات الرقميّة، بما فيها تلك المتصلة بالمجالات العسكريّة، تجري على مستوىً معولم. واستطراداً، لأنها تلاحظ (وتستفيد من) كون تقنيّة الابتكار ذات طابع عالمي، تعمل الشركات الكبرى في المعلوماتيّة والاتصالات على مستوى معولم، وهو أمر يجدر بالبنتاغون التفكّر فيه مليّاً.
تفرض تلك الوقائع على واشنطن تحسين علاقاتها مع «وادي السيليكون» وشركاته، بأبعد مما تفعل حاضراً. ومن اللافت أن البنتاغون بات يعتمد بشكل ضخم على شركات المعلوماتيّة في الحصول على التقنيّات المتقدّمة. ووفق دراسة أجرتها مؤسسة «بوز أند كومباني» في العام 2012، يذهب ثلث إنفاق البنتاغون في المشتريات والخدمات، إلى شركات التقنيّة المعلوماتيّة، ك «ديل» و «آبل». ولعله بديهي القول إن تلك المشتريات ضمنت استمرار التفوّق التكنولوجي للجيش الأميركي، وهو الأساس المكين في تفوّقه الاستراتيجي. في المقابل، لا زال البنتاغون يتعامل مع ذلك الأمر عبر مقاربة تقليدية أدّت إلى نفور الشركات الكبرى في المعلوماتيّة والاتصالات، من الانخراط مع البنتاغون في أعمال الصناعة العسكريّة.
بالاختصار، هناك مرحلة جديدة أمام الصناعة العسكرية الأميركيّة يرسمها تضافر 3 عوامل هي: عولمة الابتكار التقني المتّصل بالأسلحة، وتمرّس شركات المعلوماتيّة بتلك الابتكارات عينها، وتقلّص موازنة البنتاغون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.