النفط يرتفع والذهب يلمع    "كواي" ابتكارات عالية التقنية تعيد تعريف التفاعل عبر مقاطع الفيديو القصيرة    ديربي النصر والهلال.. فوز أصفر غائب في الدوري منذ 3 سنوات    كيف جاءت نتائج 13 مواجهة بين الاتحاد والخليج؟    وقاية.. تقصّي الأمراض الخطرة وإعداد خطط الطوارئ    القمم العربية.. ثمانية عقود من التعاون المشترك للدفاع عن القضايا والحقوق العربية    السعودية: ندين محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا.. نرفض كافة أشكال العنف    الرياض تستضيف النسخة الثالثة من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي    اختتام الاجتماع الوزاري الثاني لمنتدى الحياد الصفري للمنتجين بمشاركة الدول الست الأعضاء بالرياض    ولي العهد يصل المنامة لرئاسة وفد المملكة في القمة العربية    أمانة الشرقية تؤكد على المنشآت الغذائية بضرورة منع تحضير الصوصات داخل المنشأة    الكشافة تُدرب منسوبيها من الجوالة على "مهارات المراسم في العلاقات العامة"    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تحتفي بالفائزين بجائزة "تاج"    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    أمير القصيم يسلم "بشت" التخرج لأبناء طالب متوفى    نائب أمير الشرقية يستقبل وزير الاقتصاد والتخطيط    «الأرصاد»: رياح شديدة السرعة على عددٍ من محافظات منطقة مكة المكرمة    أمير المدينة يرعى تخريج البرامج الصحية ويترأس اجتماع المحافظين    مدرب الأهلي يخضع فيغا لاختبارات فنية تأهباً ل"أبها"    خارطة طريق سعودية – أمريكية للتعاون بالطاقة النووية    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    النفط يرتفع بدعم من قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    سمو محافظ الطائف يرعى حفل افتتاح المجمع القرآني التعليمي النسائي    إطلاق جامعة طيبة لمعرض "مكين" الهندسي    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    قمة عادية.. في ظرف استثنائي    برعاية ولي العهد.. انطلاق الملتقى العربي لمكافحة الفساد والتحريات المالية    الأهلي يتحدى الهلال والاتحاد يبحث عن «النصر»    صفُّ الواهمين    «عكاظ» تنشر الترتيبات التنظيمية للهيئة السعودية للمياه    «الصحة» تدعو حجاج الداخل لاستكمال جرعات التطعيمات    محاولة يائسة لاغتيال الشخصية السعودية !    نريدها قمة القرارات لا التوصيات    «هاتريك» غريزمان تقود أتلتيكو مدريد للفوز على خيتافي في الدوري الإسباني    71 فناناً وفنانة في معرض «كروما» بجدة    حل وسط مع الوزراء !    تعزيز التعاون العدلي مع فرنسا وأستراليا    باكوبن والدقيل يزفون المهندس محمد    عبدالملك الزهراني ينال البكالوريوس    شتلات شارع الفن    معرض"سيريدو العقاري"أحدث المشاريع السكنية للمواطنين    السلطات الفرنسية تطارد «الذبابة»    توثيق من نوع آخر    «حلبة النار»… النزال الأهم في تاريخ الملاكمة    استمرار الجسر الجوي الإغاثي إلى غزة    إنتاج الصقور في الحدود الشمالية    "الدرعية" تُعزز شراكاتها الاقتصادية والسياحية    «الحر» يقتل 150 ألف شخص سنوياً    السفير الإيراني يزور «الرياض»    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    سقيا الحاج    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    خادم الحرمين الشريفين يصدر عددا من الأوامر الملكية    « سعود الطبية»: زراعة PEEK لمريض عانى من كسور الجبهة    لقاح جديد ضد حمى الضنك    مختصون يدعون للحدّ من مخاطر المنصّات وتقوية الثقة في النفس.. المقارنة بمشاهيرالتواصل الاجتماعي معركة خاسرة    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«قنبلة الغذامي» تلاحق الليبرالين
نشر في الحياة يوم 02 - 01 - 2011

فجّر - المفكر السعودي المعروف - عبدالله الغذامي الساحة الفكرية قبل أسبوعين عبر محاضرته التي ألقاها في جامعة الملك سعود، وكانت بعنوان «الليبرالية الموشومة»، وكعادته كان جريئاً في طرح أفكاره، وراجت المحاضرة بشكل كبير، وتناقلتها المواقع الالكترونية، وكتب عنها زملاء عديدون في زواياهم الصحافية.
كان من أكبر المآخذ على هذا الأكاديمي العتيق؛ غياب العلمية والموضوعية في حكمه على الليبرالية السعودية من خلال بعض أشباح الإنترنت، وهو ما عبّر عنه صراحة د. علي بن ماجد آل شريدة في مقالته بصحيفة الرياض بقوله: «كيف استطاع الدكتور أن يستخدم ردوداً بأسماء وهمية مستعارة في مقال له على موقع غير رسمي كدليل على أن الليبرالية بهذه الهشاشة والسطحية؟» ، لأن أصل المحاضرة كانت مقالة للغذامي قبل عام تقريباً، في زاويته، وكانت بذات العنوان «الليبرالية الموشومة» بعدما استلفت نظره استعداءات مجموعة من الليبراليين في «الشبكة الليبرالية السعودية» على برنامج «البيان التالي» بقناة «دليل» ومطالبتهم الشيخ سلمان العودة بإيقاف البرنامج وحجب مقدمه، لأن ما يعرض فيه -برأيهم– ظلامي وضد التنوير ولا يواكب انفتاح الشيخ سلمان العودة، وعلق د. الغذامي إذ ذاك بأن «تلك المطالبة تناقض مبدأ الحرية والرأي الآخر، وهي نمط ثقافي له تاريخ، ومعجم نسقي طاغٍ، يحتاج إلى مواجهة نقدية لا هوادة فيها لكشف الخلل، وتسمية الأشياء بأسمائها».
غير أن د. الغذامي ردّ على هذه التهمة بأنه لم يحد عن المنهج العلمي أبدا، بل كان ملتزماً به، فعندما أراد الكتابة عن الليبرالية السعودية، لم يجد أمامه أحداً يعترف بأنه ليبرالي، ويصف نفسه بهذا الوصف صراحة، والوحيد الذي وجده –كباحث- يعترف بهذه الصفة هي «الشبكة الليبرالية السعودية» ولذلك تعامل معها.
عدم اعتراف الليبراليين السعوديين بانتمائهم لليبرالية؛ ربما كان لقسوة الهجوم على المصطلح من قبل كثير من خصومها –تحديداً الإسلاميين- الذين كتبوا بشراسة عنها؛ لذلك يلوذ كثير منهم إلى مصلح «التنوير» أو «العقلانية»، وهو ما عبّرت عنه حسناء القنيعير في تعقيبها بذات المحاضرة الشهيرة وقالت: «أنا شخصيًا لا أؤمن بالليبرالية في مجتمعنا ولكن أنا أقول إنهم تنويريون». والزميل د. عبدالرحمن الحبيب أشار إلى «فزاعة المصطلح» وقال في حواره مع «العربية نت» بأن «من روّج مصطلح الليبرالية هو الطرف الآخر، ومشدداً على أن التيارات أطياف عديدة، لكن كونهم تنويريين يحملون هماً إصلاحياً هو المهم».
هناك شعور عام لدى جلّ الليبراليين بأن خصومهم لا يكتفون بتشويه المصطلح، بل لديهم موقف عدائي من أية فكرة قادمة من خارج المجتمع، وهو ما كتبه الزميل مشاري الذايدي في مقالته «الليبرالية السعودية.. هل المشكلة في الاسم؟» وأبان بأن هؤلاء الخصوم متربّصون لأي فكر قادم، وقال: «لنطرح وصف الليبرالية، لنلقه في النار، ولنأت باسم آخر، مثلا: التنوير، الوسطية، التحديث، الإصلاح الوطني، العقلاني، العصراني، أي اسم آخر، وستجد بعد فترة أن ذات الخصوم الذين شوهوا المصطلح الأول سيشوهون المصطلح التالي».
الخصوم الذين يقصدهم الزملاء، هم في الغالب جمهرة المفكرين والباحثين الإسلاميين الذين تصدوا لفكرة وأصل الليبرالية، وربما كان حديث الغذامي في محاضرته ونفيه وإصراره بعدم وجود ليبرالية حقيقية في السعودية، هو تحوّل كبير وانعطافة تاريخية في هذه المعركة بين الإسلاميين وخصومهم الليبرل؛ فالغذامي ليس محسوباً على الإسلاميين، بل كان خصماً إلى وقت قريب، وأطلقوا عليه لقب «عبدالشيطان» إبان معركته في الحداثة، والرجل لن يجامل هؤلاء على حساب تاريخه العريض، فهل كان خصوم الليبرالية على خطأ، وهم يستشهدون بآبائها المؤسسين لها منذ ثلاثة قرون، والذين وضعوا لها قواعدها وأسسها؟! الزميل عبدالرحمن الراشد أتانا -بكل هدوئه وابتسامته في وسط المعركة- ليعرف لنا الليبرالية: «هي مفهوم إنساني بسيط يؤمن بحرية الاختيار فقط، وهذه الحرية تضيق وتتسع وفق رؤية كل فرد.. فإن اختارت الأغلبية أن تكون محافظة، فهذا حقها وخيارها، وإن فضلت العكس، فالأمر لها. هي هكذا فقط بكل بساطة».
أيعقل أن نترك تراث ثلاثة قرون بدأت فيها الليبرالية، ونغض الطرف عن عرابيها ومؤسسيها، بل وممارساتها، ونحتكم إلى بعض الأقوال الفردية التي ربما تتباين في ما بينها لو جمعناها، ومعظم هؤلاء الذين انحازوا لليبرالية؛ هم من الأكاديميين والمطالبين بالعلمية في تناول المفاهيم والمصطلحات.
المصطلح إذا أسقطناه محلياً؛ ما زال هلامياً غير واضح المعالم، ويجب على هؤلاء المستميتين بالدفاع عنه؛ تحريره وتفصيله سعودياً كي يتناولها الباحثون الخصوم ويحاججوا بها، بدلاً من رفع العقائر والبكاء على أن الخصوم هم من شوّه الليبرالية.
أختم بأنني كتبت لمرات كثيرة، أن مرتكزات الحرية وحقوق الإنسان وجلّ مبادئ وقيم الليبرالية، هي موجودة في الإسلام، وإن كان الليبراليون السعوديون مخلصين في تعميم هذه القيم في مجتمعنا السعودي، ومهتمين بالإنسان فعلاً وحريته وحقوقه، فعليهم تقديمها عبر مبادئ الإسلام، وإلا فستظل مجرد نخبة في الذاكرة الشعبية - بما صوّرهم الزميل عبدالرحمن الوابلي في الحلقة الأشهر من طاش ما طاش عن الليبرالية- لا همّ لها إلا الكأس والجزء الأسفل من المرأة.
ويقيناً لدي، بأن تلك القيم ستروج في مجتمعنا بفعل هذه العولمة وأدوات الاتصال والميديا، ولكن بعد أن تؤسلم، وتقدّم للمجتمع على أنها من الإسلام، بمثل ما فعلنا مع بعض آليات الديموقراطية التي كان للشرعيين منها موقف، ثم انقلب وباتت تمارس دون أية إشكالية، وهذا لصالح الطرفين والمجتمع.
* إعلامي سعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.