يستطيع نادي دبي للصحافة أن يسعد إذ بات منتداه السنوي للإعلام العربي الأكثر استقطاباً للإعلاميين العرب كمّاً ونوعاً، مشرقاً ومغرباً، وكذلك للحضور المتنوع الذي يزداد عاماً تلو آخر، وتميزه مشاركة طلاب الإعلام في جامعات مثل جامعات الشيخ زايد والشارقة وعجمان الذين يبدون أكثر شغفاً وحماسة – بطبيعة الحال – من ديناصورات المهنة ومن بعض أسمائها ووجوهها المستهلكة. وحبذا لو يتيح لهم نادي دبي المشاركة بفعالية أكبر في أنشطة المنتدى، ويخصص لهم جلسة أو أكثر من جلساته لنستمع إليهم ونصغي لآرائهم وأفكارهم، بحيث لا يقتصر تبادل الحوار معهم على أروقة المؤتمر والتقاط الصور التذكارية. حضور طلاب الإعلام الجامعيين جلسات المنتدى يزيده شباباً ونضارة على نقيض بعض المداخلات المعتصمة بالحرص والقانون والمصالح القومية العليا فيما هي تُضمر رغبات دفينة في كبت الأصوات، وكم الأفواه، وحنيناً عارماً الى إعلام «استقبل وودّع»، الذي بات ينتمي الى عصر منقرض لكن البعض يحرص عليه ويتمسّك به. حسناً، الشباب يزيد الأمر نضارةً وفتوّة، والمنتدى نفسه لا يزال فتياً لما يبلغ عقده الأول بعد، وهو سوف يفعل بعد عام حين يحتفل بمرور عشر سنوات على انطلاقته. فهل يفلح نادي دبي للصحافة في محاكاة فتوّته الزمنية بفتوّة إبداعية تقلب الطاولة رأساً على عقب وتخلط الأوراق وتخلق نوعاً من تبادل الأدوار، مثل أن يجلس على منصة المتحدثين مجموعة من الطلاب المشار إليهم أعلاه ويطرحوا رؤيتهم للإعلام العربي وأسئلتهم عليه وطموحاتهم إليه ومن خلاله، أو مجموعة من الناشطين على صفحات تويتر والفايسبوك وسواها من وسائل الإعلام البديل الذي تجاوز بالفعل لا بالقول وبالتطبيق لا بالتنظير كل آرائنا وأفكارنا ومماحكاتنا حول الإعلام العربي وحاله وأحواله، بل من الممكن أن يطلب المنتدى مشاركة نخبة من المواظبين على حضور جلساته من غير المتحدثين الرسميين ليصعدوا في سنته العاشرة الى منصته ويقولوا ما لديهم ويسجلوا ملاحظاتهم عليه من خلال متابعاتهم لفعالياته على مدى تسع منصرمة، ولو شاء النادي الذهاب أبعد من ذلك باستطاعته استضافة شريحة أو عينة (لا أحبذ هذا المصطلح) من المشاهدين والقرّاء للإصغاء إليهم أيضاً ما لديهم ولمعرفة إذا كان الجمهور حقاً عايز كده! مسألة أخرى جوهرية حبذا لو يسارع نادي دبي للصحافة الى طرحها في جلسات منتداه، وقد فاتته طيلة تسع مضت، وهي مسألة الإعلام الثقافي أو الثقافة في الإعلام أو البرامج الثقافية في التلفزيون والصفحات الثقافية في الجرائد. لنسمها ما نشاء لكنها حقاً معضلة «عويصة» وكبيرة من الكبائر أن تكون الثقافة في آخر أولويات الإعلام المرئي، أو أسيرة الدائرة المغلقة وإخوانيات الصفا في الإعلام المكتوب، فلماذا لا يكون نادي دبي للصحافة السبّاق الى طرح هذه القضية على بساط البحث لأن أمة لا تقيم وزناً لثقافتها ومثقفيها ولثقافات العالم جمعاء لن تكون على بساط ريح التقدم والتطور والازدهار، بل ستظل أمة في مهب ريح الأزمات والمحن. سنة عاشرة مقبلة من عمر منتدى الإعلام العربي في دبي، ننتظر منها الكثير من المغاير والمختلف واللا مكرر واللا مألوف لنستطيع القول عشر سمان. أملاً في ارتقاء الإعلام العربي الى مستوى المساهمة في خروج العرب من سنواتهم العجاف وهذا لن يحصل إذا ظل «العقل العربي» معطلاً أو مهملاً لمصلحة عصبيات وغرائز سلبية كثيرة. هذه بعض أفكار واستنتاجات من الدورة التاسعة لمنتدى الإعلام العربي نضعها برسم نادي دبي للصحافة وبتصرفه وهي، أي الأفكار المطروحة، لا تزعم لنفسها صفة نصائح ولا يبتغي صاحبها ناقةً أو جملاً في صحراء مهنة لن تخضّر إلا باحترام عقول الناس. كل الناس.