وضع اقتصاديون ورجال أعمال سعوديون آمالاً عريضة على قمة مجلس التعاون الخليجي التي اختتمت أول من أمس في الرياض، وأكدوا أن إرادة وعزيمة القادة قادرة على إزالة جميع المعوقات التي تسهم في انسيابية التعاون بين القطاع الخاص في الدول الست، وتعزيز البيئة الاستثمارية الخليجية بما يسمح بإقامة تكتل اقتصادي يصمد أمام كل العواصف على غرار الاتحاد الأوروبي. وأعرب رئيس اللجنة الصناعية في الغرفة التجارية الصناعية بغرفة جدة المهندس إبراهيم بترجي، عن ثقته الكبيرة بأن تقود قمة الرياض إلى نتائج إيجابية لمصلحة دعم مسيرة دول وشعوب دول المجلس، موضحاً أن التوقيت الذي أقيمت فيه القمة بالغ الأهمية نظراً للتطورات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة، وهو ما يحتم الأخذ في الاعتبار تفعيل دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- التي طالب بها قادة دول المجلس في قمة سابقة بضرورة الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد. وشدد بترجي على أهمية الملفات التي تبحثها القمة والتي تنتظر قرارات فاعلة يترقبها أبناء الخليج لتعزيز الصف الخليجي ومجابهة كل التحديات الإقليمية والعالمية المحدقة. من جهته، أشار الاقتصادي سيف الله شربتلي إلى أن القمم الخليجية السابقة حققت الكثير من تطلعات أبناء دول المنطقة، غير أن القمة الحالية ستحقق إضافات جديدة على مسيرة التكامل الخليجي المشترك، لاسيما في المجال الاقتصادي، إذ يتوقع أن تغدو الدول الخليجية كتلة اقتصادية مهمة في زمن التكتلات المشهودة الكبرى بما يحقق مصلحة جديدة من مصالح أبناء دول المجلس، فالكتلة الخليجية ستتفاعل بكفاءة مع كل التكتلات الاقتصادية العالمية والإقليمية وتؤتي ثمارها في إحدى قنوات التعاون الخليجي الرئيسة. وأضاف: «وفقاً لتأكيدات الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، فإن حجم التبادل التجاري بين دول المجلس وصل 146 بليون دولار في العام الماضي، بعد أن كان لا يتجاوز 6 بلايين دولار فقط قبل 30 عاماً تقريباً، وهو الأمر الذي يؤكد الشراكة الحقيقية بين القطاع الخاص في الدول الست من أجل مواجهة التحديات، لاسيما بعد التسهيلات التي وضعتها دول المنطقة، ومنها منح المواطن الخليجي حرية ممارسة النشاط الاقتصادي في كل دول المجلس من دون استثناء لناحية التنقل والإقامة والعمل والحصول على حقوق التأمين والتقاعد وممارسة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية وتنقل رؤوس الأموال وشراء العقار وتداول الأسهم وتأسيس الشركات، والحصول على الخدمات الحكومية كافة مثل الصحة والتعليم وغيرهما». بدوره، لفت المستثمر محمد يوسف إلى أن دول المجلس أنجزت السوق الاقتصادية المشتركة والاتحاد الجمركي، وهي ماضية في الحصول على اعتراف دولي به. كما أنشأت المجلس النقدي الخليجي، وسيتم إنشاء بنك مركزي وعملة نقدية موحدة، بحسب المتفق عليه، وحققت الكثير من تطلعات الاقتصاديين على رغم الظروف الصعبة والأمواج العاتية التي تواجه المنطقة. وقال يوسف: «إن دول المجلس أنجزت مشاريع استراتيجية كبرى تمثل ركائز وحدتها وتكاملها الاقتصادي، إذ تم الانتهاء من مشروع الربط الكهربائي الخليجي، الذي يكفل إمكان نقل الطاقة الكهربائية بين دول المجلس في حالات الطوارئ لتحقيق التكامل المنشود، ويجري العمل حثيثاً على استكمال مشروع سكك الحديد الذي يمتد من الكويت شمالاً إلى مسقط جنوباً»، مؤكداً أنه خط حيوي سيكون له أثر بارز في مجال انتقال الأشخاص والبضائع بانسيابية بين دول المجلس. وشدد الاقتصادي غازي آبار على أن مشروع الخط الحديدي بين دول مجلس التعاون الخليجي الذي يجري تنفيذ المرحلة الأولى منه بداية من العام المقبل 2016، يمثل «حلماً كبيراً لجميع أصحاب الأعمال والمستثمرين في المنطقة، إذ بدأت دول الخليج في تنفيذ المراحل الأولية من المشروع العملاق المنتظر، وأقرت الدول الأعضاء كراسة المواصفات الفنية الشاملة لتنفيذ المشروع لمرحلة إعداد التصاميم الهندسية التفصيلية». وأوضح آبار أن مشروع الربط الخليجي بسكك الحديد يمثل فرصة مواتية لانتعاش اقتصادي مرتقب يقوم فيه القطاع الخاص بدور محوري، إذ قدّر مسؤولون خليجيون حجم الاستثمارات المالية فيه بنحو 250 بليون دولار خلال الأعوام ال10 المقبلة، وقد أبرمت دول المجلس الاتفاق على تشغيل القطار عند تدشينه على تسيير رحلات البضائع أولاً، ومن بعدها سيتم تسيير رحلات للركاب، إذ إن الخط الذي سيتم إنشاؤه وضع في الاعتبار أن يكون بمقدوره تسيير رحلات ركاب وبضائع في الوقت نفسه. وأكد أن مشروع القطار سيسهم في رفع وتطوير التبادل التجاري بين دول الخليج، وتوفير فرص عمل مباشرة لشباب دول المجلس الخليجي، وتعتبر المملكة والإمارات أول دولتين في الخليج من حيث المبادرة بوضع تصورات وتصاميم المرحلة التفصيلية لمشروع القطار.