= 4 = كيف عرفت هذا يا عم؟ قال ذلك في استحياء. لمحتك وأنت تدور هنا وهناك كأنك تبحث عن مخرج فعرفت أنك تائه مثلي.. أعجبه ذكاء الرجل.. أطال الصمت قبل أن يقول بالفعل لقد تغيرت الأماكن.. فهذه الحركة العمرانية الرائعة أفقدتني كل معرفتي بالأحياء والأزقة والشوارع التي عشت فيها.. سادهما صمت طويل وهما يدبان على الأرض الترابية يده لازالت في اليد المعروقة وخشونتها تشعره بتعب السنين التي عاشها.. تذكر والده كم ذهب معه الى السوق.. ليشتري له ما يعني له من حاجيات.. كان الابن المدلل الذي تلبى كل طلباته.. كان يمسك بيد والده هكذا.. تغالب على دمعة كادت تطفر من عينه.. قطع الصمت العجوز.. أوقف تاكسياً ليحل له المشكلة مرة أخرى ضحك وهو يقول في نفسه كم أنت ذكي أيها الرجل.. وهو يودعه عندما دخل في التاكسي سمعه يقول إلى الحرة الشرقية.. غاب التاكسي في الشارع المزدحم.. بسرعة أوقف تاكسياً آخر.. غاص في وسطه بعد أن أعطى السائق عنوانه.. قائلا .. خلف البقيع. تساءل لماذا لم أعرف من هو هذا العجوز.. إنه أحد البقايا..؟ والى الغد.