فكّر في آخر الأيام، فكر في اللحظة التي تسبق النوم بقليل، فكّر في خُلاصة الأشياء، في الوقوف على منتهاها، في علامات النهاية والوصول من سباق مريع وطويل واستغرق أياماً، فكّر في اللحظة التي شقّ بها أذان الفجر سكون العتمة، فكّر في اللحظة التي تغمض فيها عينيك وتقول الحمدلله لحدوث ما تمنيته طويلاً، فكّر في الخلاص. لا تنفكّ عنه، فكّر في النزوح، في الهجرة، وعندما تستيقظ في أول الصّباح فكّر في الثانية عشرة ليلاً، وفي أول العلاقات فكّر في آخرها، عند المنعطف الأول من سباق ما، فكّر في شارات النهاية تغزو عينيك. اجعل كل حياتك تتعلق بالخاتمة، بما يُستفاد، بالمحصلة النهائية من كل شيء، لا تتعلق بالتفاصيل، لا تتعلق بالوجع في أول الأشياء وبواكيرها، لا تصاب بالحماس كثيراً فالحماس آفة. لكن انتبه ان تمت أيضاً وتدخل في دوامة من عادية الأشياء وفقد جدواها، كن في المنتصف، هل تستطيع؟ لا، أعني تجاوز المنتصف بكثير، إن نصف مآسي العالم تكمن في المنتصف، المنتصف هو الصّداع الذي يشق رأسك إلى نصفين، اجعل محور حياتك حول الهدف. لا شيء أسهل من الاستسلام لكن احذر أن تفعل، إن أجمل مافي الاستسلام لحظته الأولى حين تتلاشى كل الأشياء وترجع إلى الوراء وتشعر لوهلة بأن هناك باحة في صدرك. لا تستلم، سرعان ما سيتحول إلى ألم وتذكير مستمر كم أنت منهزم. لا أحد يحب الهزيمة، لا أحد يحب أن تتوقف قدماه عن الجري في الميل الأخير من مارثون الحياة، لا أحد يحب أن يقعد. تعرف، أظن أنك يجب أن تكتفي بهذا. وتفكر في آخر الأيام، فكّر بالآخر، بالأخير من كل شيء يا صديقي. فكّر بالآخِر. وتجاوز البدايات. استمر بالتخطي، تخطى كل شيء، المهم وغير المهم، الذي تمنيت حدوثه والذي لم يحدث. أرجوك لتكن عينك على آخر الأيام. هذا أقصى ما أستطيع أن أمنحك إياه كمواساة في مثل هذه الأوقات الحرجة. الكاتبه / مياسم