هناك أماكن ارتبط وجودها بالأحداث التي مرت بها أو عليها فأعطتها ذلك النوع من الأهمية.. ولهذه الأماكن تكون لها قيمتها بذلك التاريخ الذي سطر بين جدرانها وكون لأصحابها تلك الرفعة من العلو والسمو بقدر ما قدموا من عطاء لمجتمعهم لهذا نجد الأمم تهتم بتلك الأماكن ويحافظوا عليها للرجوع الى قراءة ما جرى تحت أسقفها.. فتتحول تلك الأماكن الى مرجعية لذلك التاريخ.. وفي الأمم خارج عالمنا العربي هناك اهتمام خاص بمنازل أولئك الذي كانت منازلهم مناراً يأتيه العظماء من الناس فتخلد تلك المنازل وتتحول الى متاحف خالدة.. يأتيها الباحثون عن تاريخ تلك المنازل وتلك المدن.. وعندنا مع الأسف من النادر أن تجد محافظة على منازل دارت فيها أحداثاً تاريخية أو سكن فيها رجال لهم مكانتهم التاريخية.. ولعل يأتي في خاطري الآن كرمة أم هانئ في القاهرة وهو فيلا الشاعر الكبير أحمد شوقي وغيره ولكن أين منزل أم كلثوم.. في ابو الفدا أو في طماي الزهايرة أو محمد عبدالوهاب في باب الشعيرية وغيرهم بل أين منزل طه حسين والعقاد.. لا شيء من كل ذلك أما عندنا فلا تسأل.. فقط منزل بيت نصيف الذي نرجو أن يلقى من العناية أكثر اهتماماً.. أما عندنا في المدينةالمنورة لا شيء من تلك البيوتات التي كانت عبارة عن تحف معمارية لكن يتوقف الباحث عند بيت آل الخريجي الذي كان ملتقى الملوك والأمراء والرؤساء.. في موقعه المميز بجانب مسجد الغمامة ذلك البيت الذي لا أعرف من خلف هدمه والتخلص منه وقد دفنت بهدمه كل ذلك التاريخ الذي شهده بأولئك العظام من الرجال الذين كانوا يأتون إليه.. وكم جرت داخله من حوارات ونقاشات.. بين أهل الرأي والكلمة الأمر الذي كان يحتم المحافظة عليه وتحويله الى متحف يطلق عليه مسمى "متحف آل الخريجي" للقاء الملوك والأمراء.. وان تزين جدرانه بصورهم التاريخية.. خلال زيارتهم للمدينة المنورة وتلك الاحتفالات التي كانت تقام لهم داخل ذلك البيت أو تحت عرائش العنب في بستان "الخريجية".. كما كنا نطلق عليها. لكن كل هذا لا يمكن حدوثه الآن بعد أن تم ازالة ذلك البيت التاريخي وذلك البستان الذي تحول الى ما يشبه – الخربة – لقد اصبحت زروعاته كأنها اعجاز نخل خالية.