يُعد الشيخ محمد آل دقاس شخصية اجتماعية ذات طابع فريد ولد بقرية المشايعة التابعة لمحافظة بني حسن الواقعة على بعد أربعين كيلومترا شمال غرب منطقة الباحة لازم والده المعروف باستقامته وحبه للخير بين أبناء قريته فتنقل بين مناطق المملكة مع والده الذي كان شغوفاً بالتجارة حتى حط به الرحال بمدينة الطائف فأصبح من رجالات الأعمال بها وقد تعلم الشيء الكثير من والده منذ طفولته ولم تكن حياته عادية يميل فيها إلى اللهو واللعب فعندما تتحدث إليه تجده وكأنه شاب في مقتبل العمر تميز بفصاحة لسانه وطلاقة حديثه لا يتحدث إلا بعلم ولا يكتب إلى حقيقة ولا يصمت إلا لحكمة ولا يعلو بحديثه فوق أقرانه اتصف باللين والتواضع وحب الخير عاش الماضي بزمنه الجميل وعانق الحاضر بتطوره الفريد ورسم للمستقبل ملامح في وجه الطريق عرف بحكمته وحنكته وميوله للسياسة الاجتماعية. نهج بفكره من مدرسة الفكر والخيال وبنى فيها مساحات اجتماعية حول الحلم إلى واقع بعد أن أصبح في وجه السراب تناقلته أجيال الشباب وعانق بفكره أطراف السحاب أنه الرجل الذي لا يشبه رجلا فقد ملأ قلوب وأذهان الناس بما يحمله من أدب وفكر وحكمة يمتلك من السرد في الحديث ما يعجز الكتاب في جمع كل ما يسرده من إبداعات وجماليات وما يجسده من واقع الحكايات وفن الكتابات وتركيب الجمل التي لا يكاد أن يطلقها إلا وهي في مكانها من غير ترتيب أو سابق أوان حديثه حديث القلب إلى القلب والحكمه طريق الناس إليه تجتمع من غير ميعاد أو ترتيب مواضيعه وأحاديثه ما يسأله الناس فلكل سؤال جواباً شافياً كافياً فقد لا تضيق ضائقة أو تضيع مسألة إلا ويجدون لديه حلاً فقد جمع قلوب مشتتة وأصلح جماعات متفرقة وسطر بعلاقاته أجمال حكايات لم تجمع له مؤلفات سواء في أذهان الناس التي أصبحت تستنير من عمله قاعدة للبيانات ومرجع لأصحاب الكتابات لم يأخذ حقه في أعلام الورقيات أو المرئيات ليصل ما أتصف به من جماليات ولكن أخذ حقه في قلوب الناس ورسم طريقه في شفاه الملايين من غير تكلف أو مثقلات نسجت من بلاغاته غايات الناس لا تخلوا المجالس إلا وأصبح حديث الناس كان متقبل الرأي محب للنقد الهادف البنّاء محترماً قيمة الأخر معالجاً للقضايا الاجتماعية معادياً للثقافة المهزومة المليئة بالضجيج والمناكفات اللفظية والاتجاهات الفكرية المفضوحة التي تتحدث بلغة إنتقادية وبثقافة إقصائية التي تتجاوز قيم ومفاهيم ومعايير أسس الطرح والتلقي التي ليس لها هدف إلا إثارة البلبلة والانتقاد التعسفي بعيداً عن المعالجة أو إبداء الرأي وتنشر ثقافة التعصب المقيت في المجتمع من أجل تحقيق مصالح شخصية أو النيل من الأخر أو الانتقاص من حقه فمن مقولاته الجميلة في فن الحوار (ليس بالضرورة بان الحوار يعني تطابق الأفكار بقدر ما يعني إتاحة الفرصة للأخر لكي يشرح موقفه وفكره وما يؤمن به بأسلوب حضاري سلمي وكذلك لا يعني احترام الرأي الأخر التسليم بصوابه أو إطلاق الاعتقاد والإيمان به بقدر ما نعني توفير فرصة للنقاش الهادف البنّاء دون احتمال حصول أثار سلبية معاكسة وتبديل الرأي أو الاقتناع به ولا يمكن أن تكون الآراء القاصرة أو العنف اللفظي أو الجسدي أو الفكري تعطي تقدماً في حل المشاكل وإنما تعطي الأمر أكثر تعقيداً وتفكك للروابط الاجتماعية ) . فمهما تحدثت أو كتبت أقلامي قد يحار بي الدليل في اختيار الكلمات أو العبارات أو الجمل فيما أصف لجانب هذه الشخصية الفذة وأن كنت أختزل في مخيلتي كلمات أظن أنني قد أجيد في وصفه أو استطيع أن أعطيه حقه ولكن عندما أفرغ من الكتابة وأرى صفحاتي قد امتلأت في وصف جوانب تلك الشخصية أجد الكلمات و العبارات تتدفق وتتزاحم من جديد حقاً أنها شخصية رمزيه تستحق الاحترام والتقدير وسوف تظل في الأذهان يخلدها التاريخ ويستذكرها أجيال المستقبل لعلهم يؤمنون أنهم يعيشون في ارض عاش فيها (أبا أحمد) ويبقى رمزاً يقتدي به الأبناء و الأجيال ويفتخرون بأنهم أحفاد تلك الأرض التي عاش فيها سنوات مديده بين عثرات السنون العجاف و قسوة الزمن ولين أحبابه . عمدة حي مدائن الفهد