ساءت أحوال العديد من المستشفيات الحكومية في معظم مناطق المملكة، وأصبحت في حاجة إلى إعادة نظام من قلب المسئولين وتغيير شامل في منظومة الأداء، لأن يد الإهمال والفساد لم تترك أي شيء إلا وطالته بل وانتشرت فيه وتوغلت بكافة أركانه؛ فالمستشفيات بداخلها حالة من اللامبالاة والاستهتار بأرواح البشر. فالمريض لا يبحث سوى عن دواء يعالجه، وليس أن يترك في مستشفى حكومي ويكون محكوم عليه بالإعدام مقابل مسلسل من آلاف الجرائم التي ترتكب في حقه، حيث أكدت أرقام القضايا الطبية المنظورة والأحكام الصادرة بحقها خلال السنوات الأخيرة أنها بلغت 1165 قضية، وأنه خلال الأربع سنوات الماضية أصبح هناك زيادة في الأخطاء الطبية بنسبة 30%. وقد أكدت مصادر مطلعة أن الهيئة الصحية الشرعية بجدة استقبلت خلال الأشهر الستة الماضية ما يقارب 26 قضية "خطأ طبي"، ولكن أصدرت الهيئة أحكاماً بالتعويض المادي في 5 قضايا منها 4 وفيات وقضية خطأ طبي تسبب في فقدان منفعة لسيدة سعودية. وأيضاً مجمل الأخطاء الطبية المرتكبة ضد السيدات في غرف الولادة تتجاوز نسبة 27%، وأن الأسباب تتفاوت بين نقص الأوكسجين عن الجنين أو استخدام ما يعرف "بجهاز الشفط" أثناء الولادة مما يتسبب في وفاة الأجنة أو حصول إعاقة مستديمة لهم، حيث عرضت على اللجنة الشرعية خلال الأشهر الماضية قضايا أخطاء طبية ارتُكبت في حق سيدات في غرف الولادة، وأصدرت اللجنة الشرعية تعويضات مالية تتراوح بين 10 آلاف و100 ألف ريال، إلى جانب أن هناك قضية بلغت القيمة التعويضية فيها ما يقارب 150 ألف ريال كحق خاص. وأيضاً الممرضات كان لهم دور في هذه الأخطاء الطبية، حيث ذكرت اللجنة الشرعية الطبية بجدة أنها تلقت خلال الخمسة أشهر الماضية قضايا ارتُكبت في حق 12 مواطنة من قِبل ممرضات وممرضين في مستشفيات خاصة ومعظم هذه الأخطاء ارتكبت داخل غرف الولادة، وذلك لتوظيف ممرضات غير مصنفات للعمل ضمن الكادر المخصص لإجراء العمليات الجراحية ورغبة منهم في تقليص الالتزامات المالية على إدارة المستشفى، وتكون هذه الأخطاء نتيجة زيادة جرعة التخدير أثناء إجراء عمليات شفط دهون وتغيير مسار المعدة، وعمليات التجميل. كما استقبلت الهيئة الشرعية ما يقارب من 2 إلى 5 قضايا أخطاء طبية مرتكبة من قِبل أطباء جراحين متخصصين في التجميل، تسببوا في حدوث أضرار نفسية وفقد منفعة لإحدى السيدات، إلى جانب حدوث حالتي وفاة نتيجة عملية سحب دهون من سيدتين أخريين. في البداية، أوضح زهير العسيري، عضو الهيئة الصحية الشرعية بالرياض إن الخطأ الطبي ليس بسبب الطبيب أو الممرضة فقط، فقد يكون خطأ منشأة، وقال "إذا أردنا الطبيب أو الممرض أن ينتج إنتاجاً جيداً لابد من توفير بيئة جيدة، لذلك لابد من النظر في البيئة الطبية المناسبة لممارسي المهنة، وأن الهيئة الصحية أغلب قراراتها الصادرة في حق أشخاص وليس في حق منشآت". بينما قال أحمد بن إبراهيم المحيميد، المستشار القانوني المتخصص في قضايا الأخطاء الطبية، "لا توجد لدينا محاكم متخصصة في الأخطاء الطبية مثل الدول الغربية وبعض الدول العربية، ونظام ممارسة المهن الصحية نص اختصاصها ضد الأطباء والممارسين وليس ضد المنشآت، لذلك هناك متضررون رفعوا شكاوى ضد المستشفيات وردت الشكوى لعدم الاختصاص، ومن خلال خبرتي كعضو في الهيئة الصحية الشرعية هناك إشكالية كبيرة في التواصل، فمن الإجراءات المتبعة لابد من مواجهة المدعي بالمدعى عليه، ويحصل تضارب في المواعيد، وعدم الحضور وهذا سبب من الأسباب".