مسارات الحياة لا تلبث إلا أن تسافر بك عبر أزمنة مختلفة، تختلط بأناس كثر تقترب من بعضهم تنفر من آخرين توثق عرى الصداقة.. تتوق.. تقلق.. وهكذا هي إرهاصات الموقف حين يمحورها الانتماء. السمو مرتبة الشرفاء التي لا ينالها إلا أصحاب المبادئ الذين يأسرون الناس بأدبهم وتواضعهم..لقد باتوا قلة في زمن عجيب سرعان ما تتلون فيه الجلود حسب ما تقتضيه المصلحة. ولأن للفرح لحظته الخاطفة فبالكاد نفرح بلقاء هولاء حتى تعاجلنا الأيام بصدمة فقدهم ولا راد لقضائه سبحانه. ومابين جمعتّين توارى عن الأنظار في لجة الحياة بحارُ برع في مد أشرعة الوفاق فكان ربانا ماهراً، لقد أرسي بالقلوب نحو مرافئ الملاذ والأمان فإذ بوقع القدر أكبر من أن نتحمّله، كنا نقستم الحزن بعد أن أجمع كل من عجت بهم مقبرة أمنا حواء بلسان حال القائل وداعا أبو غنوة.. إنه ألم يعتصر المشاعر التي أسُرت في قيد نُبلك يا محمد صادق دياب. لقد كنت الأمل الذي يمدنا بالتفاؤل والحياة، لقد حملت أعباء مدينتك التي أحببت (جدة) على كتفيك لتنثر البهاء تباشير فرح فأحببناها من حبك لها، كنت عاشقها الأصيل الذي ينسج الحروف في وصفها كبائع التف الناس حول بضاعته، أتذكر أنني عرفتك من خلال زاويتك العتيقة في ملحق الأربعاء (اربعويات) كنتُ من فرط التعلق بما تكتبه في حينه أن انتظر مجيء بائع الجرائد عند الرابعة فجرا لأشتري الجريدة واطرب إلى ذلك العزف الكتابي..وتمضي السنون وأتعرف عليك عن كثب ويسكنك الوله الممتد بمعرفتك لتكسر كل الحواجز والهالات وتكون نعم الأب ونعم الأخ والصديق..لقد توثقت عرى المودة بك دون أي تعقيد لأنك ببساطة أدركت بأن العظمة الحقيقية هي في مكنون الذات وليست في المظهر الزائف فما أصعب فراقك بعد أن خطفك الموت ونحن في غمرة الفرح بك ووالله إنا على فراقك لمحزونين وإن الكلمات لتعجز عن ترجمة ما يخالج الذات من لوعة حيال فقدك الأليم فاللهم يا كريم.. محمد صادق بين يديك أرحمه واحسن نزله في جنات النعيم، جازه بمقدار محبة الناس له أكرمه بالحسنات ونقه من الذنوب سبحانك لا يحمد على مكروه سواك (إنا لله وإنا إليه راجعون). [email protected]