من أبرز المشكلات الحالية في منطقة الباحة مشكلة نقص المياه ..لذا لا يخلو حديث في مجلس إلا وكان حديث الماء سيد الموقف ..ويتأوه الأهالي خصوصاً كبار السن إلى ما آل إليه الحال ..إذ كانت سراة الباحة في زمن مضى تنعم بوافر المطر وزاهي الخضرة وصافي الهواء بل أن بعض الأودية الصغيرة كانت دائمة الجريان كوادي قوب الذي ينبع من قرية الطويلة ويمر بقرى بني سعد ، رغدان ، الزرقاء الباحة ، الظفير ..الملد وينتهي في السفوح الشرقية .. قبل أربعين عاماً كان التلاميذ والمعلمون يتجهون وعلى مدار العام الدراسي إلى الوادي الذي يجري ويتثنى بين الشعاب كماء الفضة نقياً صافياً ..ليس به أي تلويث وذلك من أجل الوضوء والعودة إلى المدرسة لأداء الصلاة .. وفي احد المجالس يحاول العم عساف إزاحة الهواء الثقيل الذي جثم على صدره نتيجة ما وصل إليه الحال في الباحة من جفاف وشح في المياه ونجم عن ذلك استغلال البعض الظرف الراهن لبيع صهاريج الماء في السوق السوداء ..أو إرغام الأسر المحتاجة الانتظار لأسابيع حتى يأتي ترتيبها في منظومة السرا والتي تمتد أحيانا إلى شهر .. و في واقع الأمر لم تحقق تلك المشاريع المائية المتمثلة في السدود أي فائدة أبداً .وقدأكد أحد المختصين في علم المياه إلى أهمية المصاطب الزراعية والتي بناها الأجداد على سفوح الجبال في حفظ مياه الأمطار ..وقال في بحث نشره في مجلة علمية بأن سكان الباحة منذ أزمنة غابرة لم يبنوا السدود بل اتجهوا إلى بناء المدرجات الزراعية ..وبالفعل كانت الأرض تختزل مياه الأمطار ولسنوات طويلة ..ودعا في بحثه إلى ضرورة الاعتناء بالمصاطب الزراعية وإعادة ماتهدم منها ..إلا أنه مع الأسف الشديد تعاني من الإهمال الشديد ..بسبب انصراف الأهالي عنها . وبما أن الباحة حالياً تعاني من أزمة خانقة ..ويمكن أن نلحظ ذلك في وجوه الجميع ..فالبعض تمتد به ساعات طويلة في مواقع الشيب كي يظفر بصهريج ماء ..وينتظر بعدها عشرات الأيام .. وعليه أن يحافظ على الماء ..ويستخدمه بالقطارة ..لأنهسيقف تحت لفح أشعة الشمس انتظارا لصهريج آخر ومعاناة أخرى . وزاد من تفاقم المشكلة استقطاب مناطق الاصطياف خلال هذه الأيام أعدادا كبيرة من الزوار والمصطافين .وكذلكشح الماء الذي يكاد يكون ملازماً لكثير من المدن السياحية فمدينة أبها تعاني من ذات المشكلة وأيضا الطائفوجدة ومدن المملكة بكاملها تعاني من مشكلة نقص المياه ..والذي يعد أحد أهم عناصر الاستقرار البشري لأي مكان على سطح الأرض .. وإذا كانت هذه المشكلة ليست مؤقتة بل ملازمة لحياة سكان المملكة فينبغي على وزارة المياه أن تضع خطة مستقبلية لدرء أخطاء مشكلة نقص المياه خصوصاً وأن الجزيرة العربية تعاني من هذه المشكلة بحكم موقعها الجغرافي في النطاق المداري الجاف .. والحلول أوجدها الله في المسطحات المائية التي تحف المملكة من جوانبها ..وهما البحر الأحمر من الناحية الغربية والخليج العربي من الشرق ..وهما نعمتان ينبغي استثمارهما من خلال الإكثار من إنشاء محطات لتحلية المياه المالحة ..إذ لا يمكن أن يصل إلينا مياه عذبة من نهر النيل ..أو من نهري دجله والفرات ..أو أي نهر على سطح الأرض ..لذا فوضع دراسة تستوعب هذه المشكلات المائية ضرورة مهمة ينبغي أن تبادر إليها وزارة المياه والكهرباء ..وتعلن ذلك للجميع حتى لو احتاجت إلى خصخصة المؤسسة العامة لتحلية المياه ..وشارك الأهالي في وضع حل ..لأن نقص الماء ..يعني الهجرة ..بليعني الموت ..ويا أمان الخائفين . انتظار البشرى شكراً للمقام السامي والذي وجه قبل أيام قلائل بأربعة حلول عاجلة لحل أزمة مياه عسير وتخفيف معاناة الأهالي الذين ينتظرون ناقلات الماء لأكثر من ستة أيام . وفي الباحة شقيقة عسير ينتظر المواطنون أيضاً التخفيف من معاناتهم بسبب أزمة المياه الخانقة والتي يمتد انتظار ناقلات الماء إلى قرابة نصف شهر ..فهل من بشرى سارة؟ .