إن من الأفكار التي يتم تداولها الان من قبل ذوي الفكر المستقطب من الغرب الليبرالية و العلمانية إتهام المتمسكين بالدين ” بِالرجعية ” ، و هذا يدعنا نتناول شأنهم قليلاً في مختصرات هذا المقال، و في هذا الشأن تحديداً ، فعندما نرى اتهامهم للمسلمين بالرجعية يدعنا نرى كذلك ما آلوا إليه من تقدم و فكر و هل فعلاً هم المتقدمون او الإسلام يؤدي للرجعية ؟ هنالك العديد من الدول تنتهج هذه المذاهب و لم نجد يوماً تطورهم و تقدمهم و ما نحوها من الدول المتحررة و العلمانية ، بل ونجد مستويات الامان هابطة كمثال لندن و فرنسا و عدد من الدول تفتقر للمستويات المطلوبة في تحقيق الغايات التي ينشدها الفرد في قوامة دولة مثالية ، أي أن في نهاية المطاف : انتهاج هذه المذاهب لم يكن يوماً معياراً لتقدم الأمه و تأخرها بتاتاً ، بل و نجد و بكل أسف من العرب من لا يعلم التفريق بين تطور الدول الغربية والاوربية والاسيوية في العلوم و فشلهم الذريع في الناحية الاجتماعية و بعضاً من النواحي الفكرية ، و ليتهم يكتسبون التطور العلمي و يتركون الركض خلف السيئات من المجتمعات الغربية ، هم يضربون لنا مثالاً بتطور الغرب في الصناعة ، ثم لا يأخذ منهم إلا فجورهم و دعارتهم بكل أسف أقول هذا ، إن ادوات التقدم تكمن في تحريك عجلة الأبحاث العلمية والفكرية والأدبية، منها يتم إنتاج الثورات المبتكرة والتي من الواجب الاهتمام بهذه النواحي في أي دولة او عقلية مهما كانت بوادرها ومن الواجب ايضاً الاستقلال الحضاري في هذه المنهجية المتطورة حتى تتميز الحضارة وتعلم حدودها وابعادها وانظمتها، واما عن رجعية المسلمين في واقع الأمر يجيب على هذا الشيخ الدكتور علي الطنطاوي في كتابه مقالات في كلمات قائلا: "أن ترجع هذه الامة إلى سلائقها، سلائق الفطنة و العقل و العزة و النبل و ان تعود الى خلائقها ، خلائق الجهاد و البذل و الصدق في القول و الصدق في الفعل … لا نريد ان نرجع الى ركوب الخيل و نترك السيارة و لا الى القنديل و نهجر الكهرباء و لا الى السيف و ندع القنبلة ولا نكتفي ب ” تذكرة ” داود الانطاكي عن كتب الطب الحديث و لا بالمعلقات العشر عن روائع الادب الجديد لا , و لا نريد الرجوع الى جهل الماضي و خرافاته و اوهامه فان الحضارة قد تتقد و تخبو و تتقدم و تتأخر , و لكن الفكر يتقدم ابدا , و نحن نعرف قيمة الفكر ، إنما نريد ان نرجع الى عقولنا و أسس ديننا و مقومات عروبتنا فنحكمها في كل جديد يعرض علينا فنأخذ اخذ العاقل البصير لا نقلد تقليد الطفل الغرير ” . ومن هذه الحالات عديد يقدم للمجتمع اعتقاد بأن الدين ضد التطور بينما إذا شاهدنا العصور التي كان فيها المسلمون في أوج تمسكهم بالدين كان لا يساويهم أحداً من الحضارات الأخرى في كل وسائل العلوم وبشهاداتهم وكتب مارك جراهام أيضاً في كتابه كيف صنع الإسلام العالم: كان الأوروبيين يرتدون الأقمشة العربية، ويتعلمون من فلاسفة الأندلس، والمسلمين علموا الغرب الأسلوب العلمي في التفكير والمنهج، والإسلام انتشل الغرب من ظلمات القرون الوسطى ووضع أقدامه على عتبات عصر النهضة، وأنصح بالاطلاع على كتاب مارك جراهام، وكذلك الإسباني ألْبَرُو القرطبي سنة (240ه) يتحدث عن أهل ملته من النصارى لولعهم بالآداب العربية في الأندلس، واخذ يتذمر من تصرفات شباب ملته المتأثرة بعلوم الغرب كما نحن نتذمر من شبابنا المتأثر في غيرنا، و لم يقف الأمر عند هذا فقط بل هنالك نصوص عدة و شهادات منهم و وقفات في سرقة كتب المسلمين، و جميع هذا يقدم بأن في الأصل رجعية المسلم هي تقدم كونها تعطي له تمسك و تجعل منه يعود لما قد سلب و نهب منه و يخطو للأمام بكل استقلالية فكرية وثقافية وحضارية، و لم يكن يوماً الدين الإسلامي كمثل الاديان الاخرى ضد الدين بل قدم لها الدعم السليم، و لقد كانت أمة محمد أفضل الأمم في العلوم و لم يكن الإسلام ضدها .. ولنا في هذا مقال اخر مطنب يوضح ما آلت إليه الامور بين الأديان والتطور العلمي. كتبه / مروان بن إبراهيم .