سامحوني على (التبسط) الزائد في عنوان هذا الموضوع. المبزرة هي اسم جنس ل(البزارين) كما في نجد، أو (البزورة) كما في الحجاز. وفي المنطقة الشرقية والخليج يقال لهم جهال، وواحدهم جاهل. ونعني بهم صغار السن الذين لا يقيسون ألفاظهم قبل أن ينطقوها. ويندفعون، نظرا لطبيعة سنهم وعجلتهم، إلى كلام غير مسؤول أو موزون. وهم لا يؤاخذون غالبا على ما يقولون؛ لأن عقولهم لا تزال غضة لم تنضج ولم تعِ بعد الفرق بين القول الحسن والسيئ. ولذلك يشيع كثيرا قولنا بالعامية: (خلهم عنك بزارين)، أو بالفصحى: دعك منهم فهم جهال. هؤلاء (البزارين) يكتظون في تويتر السعودي اكتظاظا هائلا. والفرق بينهم وبين (بزارين) الشوارع أنهم كبار، ولهم أسماء معروفة ويتبعهم مئات الآلاف، وأحيانا الملايين، من المعجبين. بل ويحسب بعضهم على أنهم من قادة الفكر والمؤثرين في المشهد العام، الفكري والثقافي. ومثل هؤلاء، الكبار سنا والصغار عقلا، لا هم لهم سوى أن يثني السواد الأعظم من مريديهم على وقاحاتهم وتعرضهم بفحش الأقوال والأوصاف لهذا أو ذاك من الناس. وقد عني بعضهم عناية كبيرة بردود فعل هؤلاء المريدين البسطاء الذين يتفرجون على الفكر كما يتفرجون على كرة قدم في الساحة الخلفية للحارة. ولذلك كبرت وشاعت ألفاظ بعينها تدل على (مبزرة) الكبار الذين يطربون لهذه الألفاظ مثل: (نص الجبهة) و(وضعية الميت) و(بووم)، وما إلى ذلك من ردود فعل سوقية لا تدل سوى على نقص في العقل وضيق في الأفق والإدراك السليم. وهذا ما حذرت منه تكرارا وناقشته مرارا في كل مناسبة تطرح فيها مفارقات منصة تويتر وسلوكياتنا التي تجري عليها. وكان مدار هذا التحذير وهذا النقاش أن من الأسماء المعروفة من وقع في فخ الإغراء الجماهيرين وانساق خلف هذا الإغراء إلى الدرجة التي فقد فيها قيمته الشخصية وقيمة ما يطرحه من آراء وأفكار باتت تسجل على أنها مغازلة لرضا الجماهير وتصفيقهم. أي أن هذا (الكبير) الذي يفترض أنه يقف على المنبر ممارسا العقل والحكمة والاتزان في كل ما يصدر عنه جلس في الصفوف المشاغبة التي ينطلق منها الصفير والشتم وقلة الحياء. وهذه ظاهرة تتطلب وقفات لنعرف دوافعها. هل هذه الدوافع مثلا تدل على أوضاع مرضية نفسية عند هؤلاء، أم أن عقولهم أصلا صغيرة، ولم نكن نعرف ذلك إلا بعد أن فضحها تويتر الذي يقبل الحكماء ولا يصد الحمقى؟! أو لعلهم يبحثون عن مجد اجتماعي لم يجدوه إلا في الأصوات النشاز التي توفر لهم الإحساس، ولو زيفا، بهذا المجد؟! كل الاحتمالات واردة. وما يعنيني ويعنيكم هو أن يمارس العقلاء والحكماء أدوارا حقيقية متواصلة في توعية الناس حيال هذا الصنف من كبار تويتر الصغار الذين يؤذون الآخرين ويؤذون الذوق العام بسوء ألفاظهم وتوصيفاتهم، فهم أخطر على هذا الذوق وعلى الأخلاق من أفلام المقاولات والأغاني الهابطة واللوازم اللفظية التي اشتهرت عن العربجية. ولا مانع من وجهة نظري أن يسموا بأسمائهم كلما ارتكبوا قولا قبيحا يدل على انتسابهم إلى حارات الصغار المشاغبين، فكما أننا نحاول أن نقدم للناس قدوات، نتحمل مسؤولية أن نجنبهم مزالق تعاطي الألفاظ السيئة والمسيئة.