لنتخيل فقط، أن عمر الزهراني توسد سريره الوثير أول من أمس في بيته الذي دفعت فاتورته المخابرات القطرية، وتحت أنظار أجهزة الأمن الكندية، معتقدا أن السعوديين الذين بقوا على ولائهم للأسرة الحاكمة وقادتها وملوكها أكثر من ثلاثمائة عام سيستبدلونه بالإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب وبقية أئمة الدولة السعودية، مرورا بالإمام عبدالله بن سعود، الذي بذل روحه فداء لشعبه بعد قيام المحتل العثماني بتدمير الدرعية، وليس انتهاء بالملك عبدالعزيز القائد والمجاهد الفذ، الذي قضى ثلثي عمره ليوحد هذه البلاد تحت راية واحدة، وأبنائه البررة من بعده الذين خاضوا المعارك تلو المعارك، وتصدوا للمؤامرات لحماية وطنهم وشعبهم من استعمار الأيديولوجيات والتيارات الشيوعية والماركسية والقومجية، مرورا بالفارسية وليس انتهاء بالإخوانية اليوم، وأنهم سيخرجون للشوارع حاملين صوره وهاتفين باسم المرشد وأردوغان وحمد بن خليفة.. يا لسخرية الزمن. وإذا كان هناك من يعتقد أن «عمر عبدالعزيز الزهراني ومضاوي ويحيى وسعيد بن ناصر» هم أعداؤنا فهو مخطئ تماما، هم ليسوا سوى منتجات رخيصة في سوق الخيانة، أعداؤنا الحقيقيون هناك في كندا والدوحة وإسطنبول وطهران وشقق لندن الباذخة التي اشتراها الفقيه والمسعري بأموال الغاز الحرام. مشروع عمر الزهراني بدأ العام 2015 تحت مسمى النحل الإلكتروني، وبتمويل من عضو الإخوان ذي الميول التركية الذي زاره وموله وبارك له خطته، المشروع تأجل بعد تعثر طرق التمويل وانكشاف شبكتها، اليوم تستعجل قطر وتركيا وكندا في إطلاقه قبيل الانتخابات الأمريكية. هم ليسوا أول قافلة الخيانة.. ففي العام 1993 أعلن محمد المسعري وسعد الفقيه عن تأسيس ما يسمى بلجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية، وللطرفة فقد كان تنظيم «الإخوان السروري» في ذلك الوقت يهرب من مسمى «حزب» باعتباره اسما تغريبيا، وذهب إلى مسمى «لجنة» التي حضر مراسم تأسيسها مناديب من السفارات الغربية.. نعم هي نفس السفارات التي يتهمون الدولة السعودية بالتعامل معها.. تخيلوا ذلك فقط. عبدالله العودة الذي بشر بالمثلية، وهي تعبير مخفف «للواط» في اللغة العربية، يقدم نفسه ووالده كمدافعين عن الحريات والحقوق، نسي عبدالله أشرطة والده التي كانت أساس أدبيات القاعدة وداعش والإرهابيين، ليس في السعودية فقط بل في العالم أجمع. وإذا كان سلمان العودة قد توارى بعد قضائه محكوميته العام 1997، خلف بعض الشعارات الرنانة والتسامح الأملس محاولا التجمل وتقديم نفسه بشكل مختلف، إلا أن موقع «الإسلام اليوم» وبوابة «البشير للإخبار» التابعين له وغيرهما الكثير من الأشرطة الصوتية والعديد من المنصات التي كان يديرها أو يمولها أو يشرف عليها، كانت هي من ينشر التطرف وتحرض على العنف وتدافع عن الإرهابيين وتمجدهم وتؤلب الشارع السعودي على مظاهر الانفتاح. العودة الصغير يظن أن السعوديين ينسون، وكل ما نقوله له: إن نسيت أو نسي أبوك أو طائفتك التي تؤويك فلن ننسى أنكم من مهد الطريق لتفجير العليا 1995، والخبر 1996، والبارجة كول 1999، وبرجي التجارة 2001، وإرهاب الزرقاوي والبغدادي، وقتل المئات بين 2003 - 2005، إثر عمليات القاعدة في المدن السعودية. ولن ننسى أن والدك فزع قلبه عندما غادر أحد إخوتك للقتال في العراق ليطبق ما يقوله أبوك، لم يكن يعرف أخوك الغر أن خطاب «العودة الكبير» هو للتصدير فقط، وأن تعليم أبنائه على حساب الدولة السعودية في الخارج أهم عنده من العراق منذ الآشوريين وحتى اليوم، إنها ميكافيلية العودة التي لا يعرفها إلا المقربون منه. اليوم يختفي عبدالله العودة وعمر الزهراني ومضاوي الرشيد ويحيى عسيري وسعيد بن ناصر خلف شعارات الدولة المدنية وحريات اليسار والشاذين، بينما هم في حقيقة الأمر «انكشاريون جدد»، مهمتهم هدم الدرعية الثالثة بدلا من قطر وإيران وتركيا. كاتب سعودي massaaed@