وزير الإسكان يشهد توقيع اتفاقية تطوير وإنشاء 589 وحدة سكنية في ضاحية الفرسان بقيمة تقارب مليار ريال    السعودية ترحب بنتائج تقرير اللجنة المستقلة بشأن أداء "الأونروا"    33 مليون مصل بالمسجد النبوي في رمضان    «الرابطة» تعلن تعديل مواعيد المواجهات للجولات الأربع الأخيرة ب «دوري روشن»    ضبط يمني في عسير لترويجه (20) كجم «حشيش»    في السعودية.. 99% نمو انتشار استخدام الإنترنت.. 44 جيجا بايت استهلاك الفرد في الشهر    الصفدي: السعودية والأردن تعملان سويا لوقف الحرب على غزة    أمير حائل يرفع الشكر للقيادة بعد موافقة مجلس الوزراء على منح المتضررين من أهالي قرية طابة مبالغ تعويضية    وزير الدولة للشؤون الخارجية يودع سفير كازاخستان    "تقييم الحوادث" يفند مزاعم استهداف (منزل مدني) في مديرية الجراحي بمحافظة (الحديدة)    أمير منطقة تبوك يتسلم شهادة اعتماد تبوك مدينة صحية من معالي وزير الصحة    أمير الشرقية: دعم القيادة الرشيدة كان له أكبر الأثر في اكتمال مشروع توسعة وتطوير مطار الأحساء الدولي    بتوجيه أمير عسير.. انطلاق برنامج "حياة" للإسعافات الأولية في مدارس التعليم بالمنطقة    صندوق النقد يدشن مكتبه الإقليمي بالرياض    نائب أمير مكة يزور مقر الأكاديمية السعودية اللوجستية بجدة    افتتاح تطوير وتوسعة مطار الأحساء    إتاحة رخص الأشياب غير الصالحة للشرب إلكترونياً    بمشاركة 65 متدرباً ومتدربة على مستوى المملكة: تدريب المعلمين والمعلمات على منهجية STEAM بتعليم عسير    أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج 7784 خريج وخريجة من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل    أمير القصيم يؤدي صلاة الميت على الفهيد    انطلاق اعمال وورش العمل للمؤتمر السادس عشر للمستجدات في طب الأطفال بمشاركة متخصصين على مستوى المملكة    لجنة الصداقة البرلمانية السعودية الأمريكية في مجلس الشورى تلتقي بوفد من الكونجرس الأمريكي    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    الشورى يطالب بتمكين موظفي الحكومة في ريادة الأعمال    مساعد رئيس مجلس الشورى تلتقي بوفد من كبار مساعدي ومستشاري أعضاء الكونجرس الأمريكي    «الموارد»: 77% نسبة الصلح في الخلافات العمالية.. و4 محاور لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    خادم الحرمين الشريفين يجري فحوصات روتينية في «تخصصي جدة» لبضع ساعات    مبتعثة تنال جائزة تحدي الأمن السيبراني    بمشاركة نائب رئيس الوزراء البريطاني .. الرياض تستضيف مبادرة (great futures) في مايو المقبل    المرصد وحزب الله : إيران تقلص الوجود العسكري في سورية    النائب العام يُقرّ إنشاء مركز برنامج حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    ترشيح "واحة الإعلام" للفوز بجائزة الأمم المتحدة لمشروعات منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات "WSIS 2024"    الأرصاد: الفرصة ما تزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته ال 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14    حارس العين: حاولت تهدئة اللعب بإضاعة الوقت    جيسوس: الحكم حرمنا من ركلة جزاء واضحة    «تأشير» ل «عكاظ»: 200 مركز لخدمات التأشيرات في 110 دول    فائدة جديدة لحقنة مونجارو    علامات ضعف الجهاز المناعي    أمير تبوك: عهد الملك سلمان زاهر بالنهضة الشاملة    أضغاث أحلام    الدرعية تكشف تفاصيل مشروع الزلال    شاهد | أهداف مباراة أرسنال وتشيلسي (5-0)    «خيسوس» يحدد عودة ميتروفيتش في «الدوري أو الكأس»    يوفنتوس يبلغ نهائي كأس إيطاليا بتجاوزه لاتسيو    إشادة عالمية بإدارة الحشود ( 1 2 )    دورة حياة جديدة    مبادرة 30x30 تجسد ريادة المملكة العالمية في تحقيق التنمية المستدامة    تفاهم لتعزيز التعاون العدلي بين السعودية وهونغ كونغ    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يبحثان التعاون والتطورات    طريقة عمل ديناميت شرمب    طريقة عمل مهلبية الكريمة بالمستكه وماء الورد    متى تصبح «شنغن» إلكترونية !    سعود بن نايف يشدد على تعريف الأجيال بالمقومات التراثية للمملكة    محافظ الأحساء يكرم الفائزين بجوائز "قبس"    أتعبني فراقك يا محمد !    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة 45 من طلبة جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    أخضر تحت 23 يستعد لأوزباكستان ويستبعد مران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابني سبّاك .. ابنتي كهربائية
نشر في عكاظ يوم 04 - 09 - 2020

يحكى من باب الطرفة والتندر أن زمن الطفرة المالية في التسعينات أغرى بعض المترفين باستقدام عمالة مخصصة لأداء حصة المشي نيابة عنهم، وربما استقدم آخرون من مُحدثي النعمة عُمالا لتقديم خدمات لوجستية بما فيها كتابة مقالات صحفية وتأليف كتب ووضع اسم الكفيل المُسْتَقدِم عليها.
سبقت هذه الطفرة المباغتة وغير المتدرجة، أزمنة كان المواطن السعودي سيّد موقفه في كل شأن من شؤون حياته، والمرأة صنو الرجل في ذلك، إذ ليس هناك عجز عن أداء المهام الجسام ولو نسبياً فالحاجة أم الاختراع، ولا صعب ولا مستحيل أمام إرادة الحياة.
تحنُّ أجيال من الرعيل الخمسيني لتلك الأيام التي كانت فيها صحة إنسان القرية جيدة بحكم النشاط البدني الإجباري، كون المعيشة اليومية تقوم على رب الأسرة وزوجته وأولاده بمن فيهم الأطفال، وما زلتُ أذكر بإكبار دور ابن قريتنا الراحل محمد عبدالله الفقيه -رحمه الله- في تمديد أسلاك الكهرباء في منازلنا الشعبية عام 1395 هجرية بجهود ذاتية.
اندفعنا مع الطفرة للاستقدام غير المقنن فزاد عدد الوافدين دون انتباه لما يترتب على ذلك من خلل في التركيبة السكانية وخطر على الهوية وإضعاف لغتنا العربية باللغات الوافدة التي غدونا نردد مصطلحاتها بشيء من الإعجاب والتباهي، ولربما كان استقدام البعض عبثيا أو محاباة لبعض الوافدين العاملين لديه أو أسرهم، أو استرزاقا بالفيز، والبعض تجاوز حاجته من العمالة المنزلية الثابتة والمتحولة وعمالة المؤسسات الحقيقية والوهمية.
لسنا حسادا لأي جنسية شاركتنا ولا تزال تشاركنا في مكاسب مراحل تحولاتنا التنموية ونقول لهم (عليكم بالعافية) وأهلنا كانوا يرددون (اللهم أعطنا واعط منا). ولسنا بصدد العتب لبعضنا واللوم والتقريع، فالخطط والبرامج المستقبلية تحتاج مجموعات عمل وطنية مؤهلة ومبدعة، والشباب السعودي المُعد إعداداً جيداً أثبت جدارته وسيثبتها أكثر كلما منحناه الثقة.
ليس ببعيد عنا الزمن النابض حياةً بسواعد سعودية تبنت ثقافة الإنتاج وأبدعت في الزراعة والرعي والتجارة والاحتطاب والنقل والبناء والنجارة والذبح والسلخ وبيع كل المستلزمات الضرورية والتحسينية والحلاقة والختان وحتى الخدمة في المنازل، إما وفق آلية تبادل المنافع أو بأجرة، وكان القرويون والقرويات يخدمون بعضا في المزارع والبيوت بكل تباهٍ ورفعة رأس.
واشتهرت في القرى ظاهرة الإرضاع بحكم أن النساء ينطلقن للعمل بعد ولادتهن بأيام وتوكل أمر إرضاع صغيرها لأقرب جاراتها، ولذا تجد لأحدنا أمهات عدة ممن كان لهن الفضل في حضانته لساعات يومية أحيانا تغدو نهاراً.
جيلي ومن سبقه إبان الفترة الدراسية يعود من المدرسة وقبل تناول وجبة الغداء يؤدي واجباته العملية زراعة ورعياً وخدمة لبيته وبعض موظفي وأساتذة تلك المرحلة، يبدل ملابسه في السيارة كونه يحتفظ بثوب الشغل تحت المرتبة ولا يروح البيت ولا يتغدى بل يحوّل في مزرعته ويبدأ العمل حرثا وجنيا وغرسا وقطفا حتى المغرب ثم يتناول طعامه بعد المغرب ويصلي العشاء وينام لينطلق بمحصوله للسوق بعد صلاة الفجر ثم يلتحق بالدوام.
حياة الإنتاج كرامة للنفس وبهجة للروح وتعزيز للقدرات وعفة لليد، كما أن أزمنة الإنتاج نادرة الجرائم بل لا تكاد تُذكر، خصوصا السرقات والتزوير والتهريب وتلويث الأطعمة والأشربة، كما أن المودة بين أفراد المجتمع قائمة، والنفوس مرتاحة، بحكم تفريغ الطاقات السلبية أولاً بأول بتعفية الأرض أو نقل الحجارة أو مطاردة الأغنام، وكل إنسان منهم يباتُ مستشعراً راحة البال والضمير، وكما في الأثر (مَنْ بات كالاً من عمل يده بات مغفوراً له).
من أخطاء الماضي إهمالنا للمهن والحرف، وترويج مصطلح (العيب) والاستعابة من موروث الأسلاف، وإيكال البعض مهنة أهله لوافد إمّا (متقن) فيثري منها وهذا نادر أو (غشيم) يتعلّم فينا، وبعض الصنايعية دخلوا حالة من النرجسية فيغضب لو نسبته لمهنته وحرفته التي مارسها قبله آباء فضلاء وأجداد كرام، واستعاض بالاقتراض من البنوك التمويلية الصناعية وسلّم الخيط والمخيط للعمالة وكبّر المخدة مكتفياً بوضع اسمه على اللوحة مسبوقاً أحياناً بلقب شيخ!
ربما أمّنت مواردنا القائمة على الريع النفطي في ما مضى حياة رخاء، لكنها جلبت معها متاعب جمة على مستوى صحتنا وثقافتنا وتركيبتنا المجتمعية وأخلاقنا، ناهيكم عن تأثير الوافدين على اقتصادنا بالمبالغ التي تحول للخارج في عقود مضت بما يوازي ميزانيات مليارية، ولعلنا استفدنا من الدروس وسلّمنا بمقولة (لا يبني الديار إلا أهلها).
آن أوان اعتمادنا على أنفسنا وتأسيس ثقافة العمل وإعلاء شأن المهن وتكريم الحرفيين ماديا ومعنويا وطرح مئات المهن ضمن المهن الممولة، وتصنيفها ضمن الوظائف برواتب مجزية بل ومغرية، ولن أتذمر شخصياً من توجه ابني للدراسة التقنية واختيار مهنة السباكة مثلاً، أو تخصص ابنتي في الكهرباء، وكذلك الأحفاد والحفيدات. ولا أغفل ما نحن بصدده من إنتاج معرفي ومهاري تضطلع به مدارسنا وجامعاتنا وكلياتنا التقنية.
معظم أو كل شعوب العالم يعتمدون على أنفسهم في كل ما يتصل باحتياجاتهم وكمالياتهم عدا الضرورات التي لا غنى عن استقدام المختصين بها، ونحن لو اعتنينا بذواتنا وتبنينا مع دولتنا سياسة تمكين المواطنين فلربما خلال عقد واحد نعود لمجتمع إنتاج وتتقلص أعداد العمالة الوافدة. حينها لن نخشى خيانة ولا نخاف غدراً ولا نتوجس من عبث ولا نُصاب بتسمم ولا نتعرض لأخطاء فادحة كون أبناء وبنات الوطن سيعملون بقلوبهم وعقولهم وأيديهم ومشاعرهم بمحبة وانتماء، وهذا ما سيوسع الفارق بين الشرب باليمين، والشرب من أيدي الآخرين.
كاتب سعودي
Al_ARobai@


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.