يبدو أن نظام الحمدين الذي يتشدق كذباً وزوراً بحقوق الإنسان بات مفضوحاً أمام المنظمات الدولية المعنية بالحقوق، وممارساته القمعية والعنصرية وصلت إلى أروقة منظمة «الأممالمتحدة»، حتى أضحت الدولة منارة للانتهاكات ومرتعاً للظلم والتمييز العنصري ضد الأجانب. وكشف تقرير مُقرِّرة الأممالمتحدة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري تندايي أشيومي، تمييزاً عنصرياً يمارس ضد غير المواطنين في قطر بمجالات عدة، كالعمل والإسكان وحتى أبسط الحقوق ومنها التنزه، إذ شددت المقررة على أن قطر لم تضع بعد خطة عمل لمكافحة العنصرية. وقالت المقررة «إن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الدوحة لم تتخذ خطوات لتحديد مدى تفشي التمييز القائم على الجنسية»، إذ تأسف المقررة الخاصة لوجود نقص خطير في الوعي لدى السكان ومؤسسات الدولة بشأن ما يشكل تمييزاً عنصرياً محظوراً، مشيرة إلى أن دواعي القلق الشديد في حالة قطر هو الأشكال البنيوية للتمييز العنصري ضد غير المواطنين بسبب الطريقة التي تتآلف فيها بطرق معقدة كالاتفاقات الثنائية، وممارسات استقدام العمالة، وعقود وممارسات القطاع الخاص، وعوامل أخرى لتجعل التمتع بحقوق الإنسان يرتكز بدرجة كبيرة على الأصل القومي والجنسية. وأضافت: «يمثل التصدي للدور الطاغي للأصل القومي والجنسية في تشكيل تجارب ونتائج حقوق الإنسان في قطر تحدياً معقداً للغاية، وفي الوقت نفسه، فإن التمييز وعدم المساواة هما أيضاً نتاجان لسياسات وممارسات القطاعين العام والخاص في قطر»، لافتةً إلى أن الالتزامات الدولية الواقعة على قطر في مجال حقوق الإنسان تتطلب منها اتخاذ إجراءات لمكافحة التمييز، وسن تدابير خاصة تستهدف تحقيق وحماية المساواة العرقية في المجالين العام والخاص، وتتطلب التزامات البلد في مجال حقوق الإنسان قيامه بالقضاء على التمييز في سوق العمل وعلى ممارسات الإسكان القائمة على الفصل أو التمييز، وضمان ألا تنخرط الشركات المفتوحة لعامة الجمهور في ممارسة التمييز العنصري. وذكرت أن عدداً من المسؤولين القطريين أنكروا فكرة وجود العنصرية والتمييز العنصري في قطر ذاتها، ولا يوجد بلد في العالم يمكن أن يدَّعي أنه خالٍ تماماً من العنصرية والتمييز العنصري، كما أن النزعة الإنكارية بشأن وجود العنصرية والتمييز العنصري تشكل خطورة شديدة على تحقيق المساواة وعدم التمييز في الواقع. وتابعت المقررة: «انتشار التنميط العرقي والإثني من جانب الشرطة وسلطات المرور، بل حتى من جانب قوات الأمن الخاصة العاملة في المتنزهات العامة ومراكز التسوق في جميع أنحاء الدوحة، وأفاد أشخاص من جنوب آسيا وأفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى بأنه رُفض دخولهم إلى هذه الأماكن بسبب مظهرهم، وهذه الممارسات تشكل تمييزاً عنصرياً». وأفادت مشاورات مع عمال مهاجرين من جنوب آسيا، وهم العمال الذين يوظَّفون عادةً في الوظائف المنخفضة الدخل، أن جنسيتهم كثيراً ما تعمل كحاجز أمام ارتقائهم إلى وظائف أعلى أجراً، حتى عندما يمتلكون المهارات اللازمة، ما يرجع جزئياً إلى القوالب النمطية والأحكام الضمنية من جانب أرباب العمل والآخرين الذين يُلصِقون البنغلاديشيين والنيباليين والسريلانكيين بالأعمال منخفضة الدخل. عمال بلا رواتب لأشهر عدة أوضحت مقررة الأممالمتحدة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري في تقريرها، أن عاملاً في قطاع الخدمات تلقى مرتّب شهر واحد فقط بعد أربعة أشهر من عدم دفع مرتبه، بينما عاملة أخرى، تعمل في الخدمة المنزلية، لم تحصل على أجرها لمدة 10 أشهر، وأكد عامل تشييد، وهو في حالة استسلام، أنه ظل ينتظر أكثر من عام ليحصل على 60 ألف ريال قَطري كأجور متأخرة، حتى بعد صدور حكم عمالي لصالحه. وأعرب عدد من العمال في قطر عن رغبتهم في إبلاغ سلطات العمل عن أرباب عملهم، ولكنهم خافوا أن ينتقم أرباب العمل بإنهاء عقودهم أو باتهامهم زوراً بترك العمل، وهو ما يشار إليه عموماً باسم «الهروب»، وهو جريمة يعاقَب عليها بالسجن، حيث يشير استخدام مصطلح «الهروب» ذاته، حتى لو لم يكن موجوداً في القانون، إلى أوضاع العمل القسرية أو المتسمة بالسُّخرة التي هي الواقع الفعلي في حالة عدد كبير جداً من العمال ذوي الدخل المنخفض في قطر. كما أنه يشير إلى الاعتماد التاريخي على العمالة المستعبَدة والقسرية في المنطقة. المطالبة بإعادة الجنسية ل1200 شخص ووفقاً لمفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، كان يوجد 1200 شخص بلا جنسية في قطر في نهاية عام 2017، ومن بين هؤلاء السكان بعض أفراد قبيلة آل غفران الذين أُبطلت جنسيتهم في عام 1996، ولم تجر إعادتها بعد. وتشير التقارير إلى أن أفراد قبيلة آل غفران الذين لا يزالون عديمي الجنسية يفتقرون إلى وثائق الهوية اللازمة للتمتع بحقوقهم الإنسانية الحيوية، بما في ذلك الحق في التعليم والعمل والسكن والرعاية الصحية والملكية والزواج، كما يؤدّي افتقارهم إلى الوثائق إلى حرمانهم من مجموعة من المزايا الحكومية الممنوحة للمواطنين القَطريين الآخرين، بما في ذلك الوظائف الحكومية والاستحقاقات الاجتماعية. وأوصت المقررة الخاصة حكومة قطر بإعادة جنسية جميع الأشخاص الذين حُرموا منها تعسفاً، بما في ذلك البدون وقبيلة آل غفران. العمال المنزليون.. اضطهاد وانتهاكات وحبس يواجه عدد كبير من العمال المنزليين في قطر، من بين العمال المهاجرين ذوي الدخل المنخفض، وأغلبيتهم ساحقة نساء، صعوبات واضحة وشديدة في قطر، ويواجهون أشكالاً متعددة ومتداخلة من التمييز، بما في ذلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بسبب نوع جنسهم، وجنسيتهم، ووضعية العامل المؤقت الخاصة بهم، ودخلهم المنخفض. وتلقَّت المقررة الخاصة تقارير تفيد بأنه ليس من غير المألوف أن يقوم أرباب العمل -من القَطريين وغير القَطريين على حد سواء- بحبس العاملات المنزليات لديهم في منازلهم الخاصة التي تعمل فيها هؤلاء النساء، وتتعرض الكثيرات منهن لأوضاع عمل قاسية تتمثل في أيام عمل طويلة بشكل مفرط من دون راحة ولا أيام راحة، ومصادرة جوازات سفرهن وهواتفهن المحمولة، وفرض العزلة الجسدية والاجتماعية عليهن، وكذلك، في بعض الحالات الاعتداء البدني أو اللفظي من جانب أرباب العمل. واستمعت المقررة الخاصة إلى شهادات من عاملات منزليات أبلغن عن حرمانهن من الطعام لفترات طويلة، وإجبارهن بانتظام على العيش على حد الكفاف أو على مخلفات الطعام أو على طعام غير مغذٍ بشكل كافٍ، وكذلك تضورهن جوعاً في بعض الحالات. ولا تزال العاملات المنزليات يواجهن عقبات كبيرة تحول دون تقديمهن شكاوى ضد أرباب عملهن ودون حصولهن على إنصاف في حالات التجاوزات، وذلك بسبب خوفهن من الانتقام أو الاحتجاز أو الترحيل. وعزل العاملات المنزليات يجعل من المستحيل على الكثيرات منهن حتى الوصول إلى آليات العدالة العمالية المختلفة. إمكانية الوصول إلى سُبل الترفيه والثقافة ويشكل الفصل الاجتماعي في الأماكن العامة ومسألة إمكانية وصول المهاجرين ذوي الدخل المنخفض إلى المرافق الترفيهية والثقافية مصدر قلق بالغ في قطر، حيث علمت المقررة الخاصة أن العمال ذوي الدخل المنخفض، وبصورة رئيسية الذكور من أبناء جنوب آسيا أو أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، يمنعهم أفراد الشرطة أو أفراد الأمن الخاص المعيَّنون من البلدية من دخول بعض الأماكن العامة، بما في ذلك مراكز التسوق والشواطئ. ويساور المقررة الخاصة القلق من أن تنفيذ هذه القيود يؤثر على إمكانية وصول المهاجرين ذوي الدخل المنخفض وصولاً غير تمييزي إلى الأنشطة الترفيهية والثقافية على النحو المكفول من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. أجانب يفتقدون الرعاية الصحية يواجه العمال ذوو الدخل المنخفض عقبات شديدة في الوصول إلى الرعاية الصحية، وهو حق من حقوق الإنسان، وفي بعض الحالات، لا يقوم أرباب العمل الخاصون بضمان الحصول على البطاقة الصحية التي يحتاج إليها الموظفون للاستفادة من مرافق الرعاية الصحية العامة. وأفاد عدد من العمال ذوي الدخل المنخفض أنه حتى عندما يكون بحوزتهم البطاقات الصحية المطلوبة، فإن الطوابير الطويلة للحصول على الخدمة يجعل ذلك مستحيلاً، مما يتطلب منهم الوصول إلى المستشفى المعني في وقت مبكر جداً ابتداء من الساعة 2 صباحاً للوقوف في الصفوف إذا كانوا يريدون تلقي العلاج بحلول الساعة 8 أو 9 صباحاً، قبل ساعات العمل، كما أفادوا بأنهم يلقون معاملة تمييزية على أسس عنصرية وعرقية في الحصول على الرعاية الصحية. كما تتسم مسألة صحة وسلامة العمال ذوي الدخل المنخفض في مكان العمل أيضاً بأنها قضية خطيرة، وهو ما يرجع جزئياً إلى الحر الشديد في منطقة الخليج، فالأحوال المناخية في قطر تُعرِّض العديد من العمال، بمن في ذلك العاملون في قطاع التشييد، إلى إجهاد حراري وتعرضهم لخطر مرتفع للإصابة بأمراض مرتبطة بالحر أو الوفاة. وتعزو السلطات القَطرية وفاة مئات الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 25 و35 عاماً في قطر إلى أمراض القلب والأوعية الدموية أو «الوفاة الطبيعية»، بيد أن دراسات بحثية متعددة، بما في ذلك بحوث منشورة في دورية Cardiology (أمراض القلب) في يوليو 2019، أفادت بوجود علاقة قوية بين متوسط المستويات الشهرية لدرجة الحرارة بعد الظهر ووفيات القلب والأوعية الدموية.