تزايدت الضربات العسكرية ضد الوجود الإيراني في شمال وشرق سورية منذ بداية العام الجاري، وعلى الأرجح فإن الولاياتالمتحدة هي الجهة التي تنفذ الضربات ما لم تكن إسرائيل، وفي كل الأحوال تؤكد هذه الضربات أن إيران لم تعد آمنة في سورية كما كانت منذ سنوات. وقد بينت التكتيكات الإيرانية الأخيرة في سورية أنها فعلا بدأت تعيد انتشار قواتها، لتفادي الضربات الجوية على مقراتها، إذ نقلت مليشيات فاطميون وزينبيون من البوكمال إلى دير الزور، فيما غيرت العديد من مقراتها في الأسبوعين الماضيين. وفي حلب وبحسب مصادر سورية متطابقة، فإن القوت الروسية أخذت مواقع للمليشيات الإيرانية بعد ضربات موجعة في ريف حلب خلال الشهر الجاري. في الوقت ذاته، يكثف التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة، من تواجده في سورية منذ بداية العام، وتعزز واشنطن من وجودها في شرق الفرات حيث تنتشر إيران على الضفة الأخرى من النهر، وإن صح ما تردد في الآونة الأخيرة من أن التحالف طلب من قوت سوريا الديموقراطية الاستعداد لمواجهة عسكرية مع طهران، فإن إيران لن تتمكن من البقاء طولا على الأقل في دير الزور. إلى جانب الضعف الإيراني في سورية وتزايد وتيرة الضربات، ثمة هزائم أخرى في لبنان، فهيمنة حزب لله على قرار الحكومة اللبنانية، يعني في الوقت ذاته سيطرة إيرانية على الإرادة السياسية اللبنانية، يأتي هذا في ظل وضع اقتصادي متردٍّ في لبنان سببته الأوامر الإيرانية لحزب الله، فيما تعالت أصوات الطبقة السياسية اللبنانية بضرورة كف يد إيران من لبنان لما لها من دور في تخريب الحياة ولسياسية والاقتصادية. بكل تأكيد ما يجري في لبنان له انعكاسات على الوضع في سورية والعكس صحيح، إذ إن كلفة الوجود الإيراني في المنطقة وخصوصا في سورية ولبنان لم يعد النظام الإيراني قادرا على تحملها، أضف على ذلك الوضع الاقتصادي المتهالك في إيران، وليس بعيدا أن يجري تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، بعد الهزائم المتتالية في سورية والعراق واليمن ولبنان.