فيصل بن بندر يرأس اجتماع المجلس المحلي بمحافظة الخرج    أمير الحدود الشمالية: رؤية 2030 حققت لمنطقتنا قفزات نوعية واستثنائية    استثمر في عسير ببلديات القطاع الشرقي    الفيحاء يعود للانتصارات على حساب الطائي في «دوري روشن»    فيصل بن فرحان يهنئ وزير خارجية اليمن بمناسبة توليه مهمات عمله    مريض سرطان يؤجل «الكيماوي» لاستلام درع تخرجه من أمير الشرقية    بريطانيا تعلن فرض حزمة عقوبات جديدة على إيران    «الثقافة» تُعيد افتتاح مركز الملك فهد الثقافي بعد اكتمال عمليات الترميم    "سلطان الطبية" تنفذ دورة لتدريب الجراحين الناشئين على أساسيات الجراحة    تسيير حافلات لدعم الأخضر أمام أوزبكستان    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    تشافي: مشروع برشلونة وراء قرار بقائي في منصبي وليس المال    الذهب ينخفض مع تراجع الطلب واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة    «الإسلامية»: ضبط اختلاسات كهرباء ومياه مساجد في جدة.. لتشغيل محلات ومصاعد وبسطات    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي مديري عموم فروع الرئاسة في مناطق المملكة    نائب وزير الموارد البشرية للعمل يلتقي سفير أثيوبيا لدى المملكة    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    بعد مقتل اثنين من موظفيها .. بلجيكا تستدعي السفيرة الإسرائيلية    النصر يفقد ثنائي الفريق أمام الخليج    الحوثي يقر باستهداف سفن أمريكية وإسرائيلية.. هيئة بريطانية: انفجار قرب سفينة قبالة عدن    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر السادس للبرلمان العربي    الأمير محمد بن ناصر يرعى حفل تخريج الدفعة 19 من طلبة جامعة جازان    مواقع التواصل تحتفي بمغادرة خادم الحرمين الشريفين المستشفى    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس مجلس أمناء جمعية قبس للقرآن والسنة    كاوست ونيوم تكشفان عن أكبر مشروع لإحياء الشعاب المرجانية في العالم    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    "رسائل الأمل" من أطفال السعودية إلى غزة    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    "الجمعة".. ذروة استخدام الإنترنت بالمملكة    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    الأخضر السعودي 18 عاماً يخسر من مالي    الإبراهيم: تشجيع الابتكار وتطوير رأس المال البشري يسرعان النمو الاقتصادي    أدوات الفكر في القرآن    فهد بن سلطان يتسلّم شهادة اعتماد تبوك مدينة صحيّة    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    بيع "لوحة الآنسة ليسر" للرسام كليمت بمبلغ 32 مليون يورو    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    مين السبب في الحب ؟!    مشاهدات مليارية !    لا تستعجلوا على الأول الابتدائي    سوناك وشولتس يتعهّدان دعم أوكرانيا "طالما استغرق الأمر" (تحديث)    النفع الصوري    حياكة الذهب    حجار التعصب تفرح بسقوط الهلال    اللهيبي تُطلق ملتقى «نافس وشركاء النجاح»    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    قطاع القحمة الصحي يُنظّم فعالية "الأسبوع العالمي للتحصينات"    جامعة جازان تحتفي بتخريج 9,597 خريجاً وخريجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمساكية رمضان في عقل المستشار !
نشر في عكاظ يوم 11 - 05 - 2020

انهمر على هاتفي الجوال مقطع مصور لأحدهم، عرّف نفسه بأنه «المستشار أحمد عبده ماهر»، أثار فيه جدلية حول موعد الإفطار في شهر رمضان وملخصه أن الإفطار عند أذان المغرب خطأ وقع فيه الأقدمون واللاحقون لأنهم ذهبوا خلف «السنة» وتركوا «القرآن الكريم» الذي يأمر المسلمين بالقول: «وأتموا الصيام إلى الليل»، عاقداً مقارنة بين مفردة «الإتمام» و«الإكمال» مرتئياً الإتمام «أعلى وأعظم من الإكمال»، وساق لذلك حجة بإيراد الآية الكريمة «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً»، ليصل إلى نتيجة مفادها أن «الإتمام أعلى من الإكمال»، وبناء عليها أسّس لقوله: «إن المولى عز وجل أراد منا أن نتم وليس نكمل الصيام إلى الليل»، وذهب إلى توصيف الليل وما يتبعه من حلول الظلام، وظهور النجوم والكواكب، وأن ذلك لا يتحقق عند المغرب، بما يجعل من الإفطار عند أذان المغرب مخالفاً لمنطوق الآية، والصحيح عنده أن الإفطار يكون عند دخول الليل، وساق لذلك دليلاً بالإشارة إلى أن أذان المغرب إنما ينادي ل«الصلاة» ولا يقول «حي على الشرب أو الأكل»، فإذا ما استجاب الناس لداعي الأذان، وأقاموا الصلاة في ميقاتها؛ فسينقضي من الزمن نحو 25 دقيقة، وقت دخول الليل، ويكون وقت الإفطار قد دخل.
هذا ملخص ما قاله «المستشار ماهر»، وقد تعمّدت أن أسقط من تسجيله كل إشاراته الواخزة لمن يتبعون السنة المشرفة، وسخريته ممن ينتهجون هذا النهج، ليقيني أنها ستبعد بنا عن جوهر ما أورده واستند عليه، ولقناعتي أن في ما قاله وساقه حجة له، يمثل عندي حجة عليه، طالما أنه يدعونا إلى القرآن فقط، وأن نُعمل «العقل والمنطق».. واستجابة لدعوته؛ فإني مجادله ب«منطوق العقل» نفسه، فأقول: لئن كان «الإتمام» عنده «أعلى وأعظم من الإكمال»، وأن الكمال درجة دون الإتمام، فإن في إيراده للآية الكريمة «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً»، يكمن حرج بالغ الخطورة، فطالما أن الله عزّ وجل قد «أكمل» الدين برسالة سيدنا محمّد فالحاجة ماسة إلى أن نبلغ «الإتمام» برسالة جديدة، ورسول خاتم، وإلا فإن الرسالة الإلهية ستكون ناقصة ولم يبلغ الدين «التمام»، وعليه فإن حقيقة أن الرسالة المحمدية هي خاتمة الرسالات السماوية ستكون موضع شك عظيم إذا ما اتبعنا «عقل المستشار ومخرجاته».. كذلك ستكون النتيجة وخيمة أيضاً لو ذهبنا معه في فهمه للآية الكريمة «وأتموا الصيام إلى الليل»، فتحديده بداية الليل موعداً للإفطار، أي بعد 25 دقيقة من صلاة المغرب، يخالف منطوق الآية بفهمه أيضاً، فالآية لم تقل «وأتموا الصيام إلى بداية الليل» وإنما ذكرت الليل مطلقاً، وهو ما يعني أن يستوفي الصائم ساعات الليل كاملة في الصيام، فلو أنه أفطر في «مواعيد المستشار» لقطع صيامه، وبقي من الليل شطر لا صيام فيه، ولا آية تحدد موضعه من الأحكام، ولو أنا ذهبنا مع الآية وفق مفهوم «ماهر» لوجب علينا أن «نتم» الصيام إلى الليل حتى نهايته، أي عند الحد الفاصل ما بين الخيطين الأبيض والأسود، فيكون زمن الإفطار حينئذٍ هو زمن الإمساك لليوم التالي من الصيام، وهو ما يعني 24 ساعة -إلا قليلاً- من الصيام، وعلى هذا النحو ستكون إمساكية رمضان لو تبعنا عقل المستشار!!
لقد أجمعت الأمة منذ عهد الرسالة بأن وقت الصيام يبدأ من طلوع الفجر الصادق وينتهي بمغيب قرص الشمس خلف الأفق بالكامل.
كما أن الليل في لغة العرب يبدأ من غروب الشمس، وقال ابن كثير في تفسير الآية محل النقاش إنه يقتضى الإفطار عند غروب الشمس حكماً شرعياً. وأكد ابن عاشور في التحرير والتنوير أن استعمال حرف الجر (إلى) في الآية يفيد التعجيل لما تحمله دلالة هذا الحرف من انتهاء الغاية. إن للقرآن قواعد في التفسير والتأويل تستند أساساً على اللغة العربية لغة القرآن ولا يمكن الخروج عن أطر هذه القواعد، لا بد لك أيها المستشار أن تهتم بدراسة علم الدلالة وهو علم يهتم بدراسة الكلمات من خلال معانيها فالكلمة لها معنى أساسي ومعنى سياقي والسياق هو الذي يحدد معنى الجملة.
المستشار لم يحدد لنا مجال تخصصه الذي نال به مقام «الاستشارية»، لكن من واقع مخرجات «عقله في فهم القرآن» فمن المؤكد أنها لا تتصل بهذا الحقل الذي يفتقر فيه إلى أدنى المقومات، وهي المعرفة باللغة العربية، التي تقوم عليها القراءة السليمة، المفضية إلى الفهم السليم، ولو أنه أتقن «العربية» لما احتاج إلى أن يلوي عنق الآية القرآنية ويستند عليها في تفضيل «الإتمام» على «الإكمال» ليصل إلى نتيجته السقيمة التي انتهى إليها، ولو أنه أيضاً نظر ب«عقل» مفتوح للآية لأدرك أن الإتمام أدنى درجة من الكمال، فكمال الدين في الآية تحقق بالرسالة الخاتمة، وبها «تمت» النعمة في الدنيا، وبقي «كمال» النعمة في الآخرة، بما وعد الله به عباده الموحدين فلو كان «الإتمام» هو الذروة والمنتهى -كما يدعي «المستشار»- فماذا ينتظر المؤمن في الآخرة وقد استوفى النعم ب«تمامها» في الدنيا.
* كاتب سعودي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.