شهدت الجلسة الثانية، من ملتقى قراءة النص في دروته ال16، التي أدارها الدكتور حسن النعمي، بفندق الدار البيضاء جراند قاعة الإليزيه مشاركة الدكتور حسن حجاب الحازمي بورقة حملت عنوان «الرؤية السردية في رواية (ما تبقى من أوراق محمد الوطبان) لعبة الشكل وتمويه المعنى»، إذ قدمت الورقة مقاربة لرواية (ما تبقى من أوراق محمد الوطبان) للكاتب السعودي محمد الرطيان، متكئة على مقولات البنيوية السردية التي تنظر إلى الرواية على أنها تقوم على دعامتين رئيسيتين: حكاية وخطاب.. مبرراً اختياره لهذه الرواية لأسباب فنية، تتعلق ببنية خطابها الروائي، الذي اجتهد الكاتب في تشكيله بصورة تبدو مفارقة للمألوف، وَنزّاعة لإرباك المتلقي، وطامحة للتجديد على كافة مستويات الخطاب، فالرؤية السردية تتكئ على أكثر من راوٍ، بل إنها تتسع لتشمل الكاتب والناشر مع أنهما شخصان حقيقيان يفترض أنهما خارج الخطاب الروائي، والبنية الزمنية متشظية ومربكة تحتاج إلى قارئ يقظ يلتقط مفارقاتها ويعيد ترتيبها، وصيغ الخطاب متعددة ومتنوعة فمن خطاب الكاتب الماثل في العتبات، إلى خطاب السيدة تاء التي تستهل الرواية، وتختمها. من جهة أخرى، تحدثت الدكتورة بسمة عروس عن سردية عبده خال بين التمثيل الواقعي والانزياح وهي دراسة في التحولات والأشكال. وفي ورقتها الموسومة ب«تحولات الأدب السعودي وإشكالية التحقيب»، تضع الباحثة الدكتورة لمياء باعشن، هدفاً رئيساً يتمثل في محاولة رصد الكتل الزمنية المكونة للأدب السعودي، وفحص الآلية المستخدمة في تقسيم فتراته المتتالية على المحور الدياكروني التعاقبي. كما تعرضت لمياء في ورقتها إلى السؤال الإشكالي الأهم: ما أسباب ودوافع التأريخ للأدب؟ إذ يطرح موضوع التحقيب في تاريخ الأدب إشكالات التأريخ للأدب ومدى صلاحية المفاصل الزمانية لأن تكون تقسيماً فاصلاً بين الأعمال الأدبية، وإمكانية أن يكون هذا الفصل طامساً لجوهر الأدب اللازمني. ولم يفوت الدكتور ماجد الزهراني فرصة الحضور الكثيف لرواية «موت صغير» للروائي السعودي محمد حسن علوان، وحصولها على الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) لعام 2017م، ليجعلها هدفاً لورقته الموسومة ب«(موت صغير) في الوعي العربي.. ألق الانتشار وأفق الانتظار»، لقياس مدى الاهتمام بالرواية السعودية، إذ يقرر الزهراني أن الرواية السعودية المعاصرة احتلت مكانة مرموقة على المستويين العربي والعالمي، لما تحفل به من تطورات فنية وفكرية لفتت الباحثين لسبر أغوار هذه النصوص الإبداعية. وفي ورقته بعنوان «ناقد النص والمنصة: الغذامي وثقافة تويتر» يذهب الدكتور عادل خميس إلى القول بأن الناقد والمفكر عبدالله الغذامي أحد الذين تنبهوا للتغييرات التي جلبها عصر ما بعد الحداثة، ونبهوا على ضرورة أخذ التحولات القادمة بجدية ومسؤولية. ومنذ تحوله إلى مشروعه في النقد الثقافي بداية الألفية الثالثة، وهو يحاول ممارسة ما عزم عليه، متعاملاً مع الظواهر الثقافية المختلفة بوصفها نصوصاً لها أبعادها وسياقاتها الخاصة. مضيفاً: تمثل منصة تويتر واحدة من أبرز محطات الغذامي في العقد الأخير؛ فقد انضم الغذامي إلى قوافل المغردين على موقع تويتر في شهر سبتمبر من عام 2011 الميلادي، ومنذ تلك اللحظة وهو حاضر شبه دائم في هذا العالم الذي يعج بالمغردين. ويرى أن هذا الحضور التويتري المكثف للغذامي يكرس موقفه الذي أعلن عنه سابقاً، كما يمكن القول إن تفاعل الغذامي مع متابعيه ومع عالم تويتر يلخص مسيرة الغذامي في هذا السياق، ويمثل تطبيقاً عملياً لكثير من مواقفه التي أعلن عنها في غير موضع. أما الباحثة الدكتورة أمل التميمي فقد رصدت في ورقتها «تحولات السيرة في الأدب السعودي من الأشكال التقليدية إلى الدراما العالمية»، متسائلة: هل طرأت تحولات على السيرة في الأدب السعودي؟ وتضع الباحثة مشاعل الشريف، موضوع «تحولات القضايا السردية في الرواية النسائية السعودية: قضايا المرأة في روايات أميمة الخميس أنموذجاً»، مشيرة إلى أن بحثتها بهذا العنوان يأتي استجابةً لعنوان مُلتقى قراءة النص السادس عشر، وأنه يندرج تحت محور (الآفاق الجديدة في السرد: الأنواع والتقنيات)، متناولة فيه تحولات القضايا السردية في الرواية النسائية السعودية، قضايا المرأة في روايات أميمة الخميس -بشكلٍ خاصٍ- متتبعة أبرز قضايا المرأة في روايات الخميس التي شكلت سمة عامة. وفي نهاية الجلسة، تداخل عدد من النقاد والأدباء مع الجلسة، وتم تحديد دقيقة واحدة لكل مداخلة، إلاّ أن الدكتور عبدالله الغذامي عندما أمسك بالمايكروفون اعتذر، مبيناً أن دقيقة واحدة لا تكفي.