قال عدد من المثقفين إن «ملتقى النص» الذي ينظمه أدبي جدة وضع بصمة خاصة في المشهد الثقافي السعودي، إذ إنه لم يستهدف البحث في النص فحسب، وإنَّما تطوير الفكر النقدي في حواره مع النص. وأوضح الدكتور سعد الرفاعي أن ملتقى النص؛ نصٌّ يُقرأ وتاريخٌ يُستعاد، سطع بنجوم، واستنبت أخرى، انطلق فعلاً ثقافيًّا ينشد التميُّز بخطوات مختلفة، وما زال يحصد النجاح تلو النجاح؛ حتى وصل إلى محطته السادسة عشرة. وقال إنَّ أيَّ تأريخ لحركة النقد السعودي، سيكون هذا الملتقى أحد أهم مصادره ومكوناته، كيف لا وهو الذي جمع الأضداد والأنداد، والمختلفين والمؤتلفين على مائدة حوار، اتَّسمت بالجدة والابتكار، والجرأة والانفتاح الذهني في حينها وزمنها، فكانت ريادة وقيادة لنادي جدة الأدبي، الذي ما زال ولم يزل يضع له بصمة خاصَّة به في مشهدنا الثقافي. وخلص للقول: أصدق الدعوات للقائمين عليه في نسخته الحالية، وبالتوفيق والسداد، ونترحَّم -بحب وصدق- على الأستاذ عبدالفتاح أبومدين -يرحمه الله- الذي شهد انطلاقته، ورعى عددًا من دوراته، وبحسب النادي أنْ يكرمه، بتكريمه لصديقه الدكتور عبدالله الغذامي -متَّعه الله بالصحة والعافية. من جانبه، قال الأستاذ بكلية الآداب بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل مصطفى الضبع «لم يعدْ النص منطقة نزاع بين طرفين: الكاتب والمتلقِّي، وإنَّما هو مجال للحوار بين الأطراف المختلفة: (الكاتب - المتلقِّي - الناقد - المثقف - الباحث)، على اختلاف توجُّهاتهم، وهو ما كان في وعي ملتقى النقد، وهو يطوِّر نفسه على مدار دوراته السابقة، لا يستهدف البحث في النص فحسب، وإنَّما تطوير الفكر النقدي في حواره مع النص، وهو ما يستتبع تطوير معطيات الحياة الإنسانيَّة عبر تطوير الوعي الإنساني، فإذا كانت كل معطيات الحياة الماديَّة بمثابة القوة الماديَّة (الهاردوير) المكوِّن للحياة، فإنَّ الأفكار هي نظام التشغيل (السوفت وير)، التي لا تتطوَّر الحياة إلاَّ بها، من هنا يكتسب الملتقى أهميَّته في حوار النص تطويرًا لفكر يُعول عليه في تطوير الوجود الإنساني. وبخطوات واثقة يقترب الملتقى من يوبيله الفضي لدوراته، تحية تقدير لكل المشاركين في التنظيم والإعداد، محافظين على تاريخ مجيد لنادٍ عتيدٍ». وأوضح الدكتورأحمد عسيري أنه منذ أنْ أعلن رئيس نادي جدة الأدبي الأستاذ الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي، عن عنوان ملتقى قراءة النص السادس عشر؛ تأكَّد للجميع أنَّ هناك قراءة معمَّقة ومستوفية لمتطلَّب المرحلة، وبموازاة ما يشهده حراكنا الأدبي الثقافي والمعرفي بشكل عام من تنامٍ مطَّردٍ، وسمة وطنيَّة كما يُراد لها على مرتكزات مستقاة من موروث ثوابت بمعين لا ينضب، جنبًا إلى جنبٍ مع التفاعل الإيجابي البنَّاء مع روح العصر، وبانطلاقة موفَّقة -بإذن الله- في ظل توجيه صائب، وعطاء سخيٍّ لقيادة أولت جُلَّ اهتمامها للوطن والمواطن، واعتبار كلَّ مَن أسهم في نهضتها العمرانيَّة الشاملة. وهنا في هذه التظاهرة الأدبيَّة الثقافيَّة -وبكل تأكيد- نعيش ترجمة حقيقيَّة لجهودٍ تُبذل، يُشكر عليها أدبي جدة (رئيس مجلس إدارة، ولجنة علميَّة، وأعضاء، ولجانًا فرعيَّة مساندة)، لهم جميعًا التقدير والإكبار، وكل التوفيق والسداد، وتميُّز دائم بعونه تعالى. ورأى الأستاذ الدكتور عامر بن المختار الحلواني أن الملتقى يعزِّز فهمًا مخصوصًا للنص، يتَّسم بالحركيَّة والحيويَّة، والتعدُّد والتحول الدلاليين، وذلك هو قدره، إذ لو كان يتضمَّن في ذاته معنى جاهزًا ونهائيًّا؛ لما احتاج إلى هذا العدد من الملتقيات، ولما تغيَّرت دلالته بتغيُّر قراءته في هذه الملتقيات المتعاقبة في الزمن على ثبوت ألفاظه وحروفه. وقال: لقد أثبت ملتقى قراءة النص، أنَّ النص يحتاج إلى قراء محتملين، يخرجونه من حالة الكمون إلى حلة التحقُّق: فمن حواره مع القراء تتولَّد مقاصده، وفي تنوُّع زوايا النظر إليه تنوُّع لدلالته، وفي تفاعل أدوات مباشرته تيسير للدخول إليه، وإسهام في سيرورته. إنَّ القراءة التي يرمي إليها هذا الملتقى قراءة منتجة، متطوِّرة، محررة للرغبة القارئة من القراءات الذاتيَّة والانطباعيَّة والمعياريَّة الجاهزة، والأخلاقويَّة الثابتة.