نوادر الطيور    وزير المالية يعقد مؤتمراً صحفياً للحديث عن النتائج الرئيسية لاجتماعات اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية    المرور بالشمالية يضبط قائد مركبة ظهر في محتوى مرئي يرتكب مخالفة التفحيط    وفاة الممثل المصري صلاح السعدني    الرئيس اليمني: الحوثيون أنشأوا مصانع محلية للألغام بالاستعانة بخبراء إيرانيين وحزب الله    النصر يقلبها على الفيحاء.. والطائي يتغلب على الرياض    أخضر الصالات يتغلب على أستراليا برباعية    النصر يفقد لويس كاسترو في 4 مباريات    قبل لقاء الاتحاد..صالح المحمدي مدربُا لفريق أبها    أمير عسير يتفقد مراكز وقرى شمال أبها ويلتقي بأهالي قرية آل الشاعر ببلحمّر    وزير المالية رئيس اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية يعقد مؤتمراً صحفياً    ضيوف الرحمن يخدمهم كل الوطن    وزارة الخارجية تعرب عن أسف المملكة لفشل مجلس الأمن الدولي    شباب السودان بين أحلام محطمة وأمل لا يخبو    سوء التغذية يهدد الأجيال الجديدة في أفغانستان    المملكة ضمن أوائل دول العالم في تطوير إستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي وفقًا لمؤشر ستانفورد الدولي 2024    الرمز اللغوي في رواية أنثى العنكبوت    بطاقة معايدة أدبية    مدير الجوازات يتفقد جوازات مطار البحر الأحمر    شركات الطيران تغير مساررحلاتها بعد هجوم إسرائيل على إيران    "الرياض الخضراء" يصل إلى عرقة    اكتشاف خندق وسور بجدة يعود تاريخهما إلى القرن 12 و13 الهجري    السديري يفتتح الجناح السعودي المشارك في معرض جنيف الدولي للاختراعات 49    إخلاص العبادة لله تشرح الصدور    أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله    مساعد وزير الدفاع يزور باكستان ويلتقي عددًا من المسؤولين    كلوب: ليفربول يحتاج لإظهار أنه يريد الفوز أكثر من فولهام    "الأرصاد" ينبه من هطول أمطار غزيرة على منطقة مكة    متحدث الأرصاد: رصد بعض الحالات الخاصة في الربيع مثل تساقط البرد بكميات كبيرة.    الجامعة السعودية الإلكترونية تشارك ب 3 اختراعات في معرض جنيف الدولي    احتفاءً بقرار الأمم المتحدة بتخصيص عام 2024 «السنة الدولية للإبليات».. السعودية تشارك في مسيرة الإبل بباريس    نجران: إحباط تهريب 58 كيلوغراما من مادة الحشيش المخدر    بينالي البندقية يعزز التبادل الثقافي بين المملكة وإيطاليا    "أبل" تسحب واتساب وثريدز من الصين    الزبادي ينظم ضغط الدم ويحمي من السكري    «CIA» تحذّر: أوكرانيا مهددة بخسارة الحرب    إعادة ترميم قرية آل مساعد بقبيلة آل عمر بلحمر شمال مدينة أبها    السينما في السعودية.. الإيرادات تتجاوز 3.7 مليار ريال.. وبيع 61 مليون تذكرة    الحصيلة (18) ميدالية متنوعة .. شباب وناشئي التايكوندو يلتهمون الذهب الخليجي    الشاب محمد حرب يرزق بمولوده الأول    النفط يقفز 3%    مسح أثري شامل ل"محمية المؤسس"    فوائد بذور البطيخ الصحية    اليوم الجمعة .. نهائي كأس العالم للترويض    «استمطار السحب»: 415 رحلة استهدفت 6 مناطق العام الماضي    بريطانيا تحظر شراء الهواتف لمن هم دون ال16    «المظالم»: 67 ألف جلسة قضائية رقمية عقدت خلال الربع الأول من العام الحالي    «الشورى» يناقش تقارير الأداء السنوية لعدد من الأجهزة الحكومية    كريسبو للهلاليين: راح آخذ حقي    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    الفقر يؤثر على الصحة العقلية    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب .. فشل مشروع الدولة القومية
نشر في عكاظ يوم 03 - 12 - 2019

ما هذا الذي يحدث في العالم العربي، هذه الأيام. هناك حالة من عدم الاستقرار العنيف تسود الكثير من المجتمعات العربية؛ في سوريا، العراق، لبنان، اليمن، ليبيا، السودان، هناك عنف خطير في الشارع وصل بعضه إلى جحيم الحرب الأهلية، كما حدث ويحدث في سوريا واليمن وليبيا. في المقابل: هناك حراك مجتمعي عنيف رافض للنظام، يكاد يطيح بالدولة، في العراق ولبنان. يقابل، كل ذلك شحن مجتمعي يتقد تحت الرماد، منتظرا التعبير عن غضبه وسخطه من الأوضاع التي تسود الكثير من الدول العربية. كل تلك المشاهدات التي تجتاح الدول العربية، بدرجة متفاوتة من العنف، تعكس فشلاً بنيويًا ووظيفياً لتجربة الدولة القومية الحديثة في العالم، التي عاصرت نظامي عصبة الأمم والأمم المتحدة في النصف الأول من القرن العشرين.
الدولة القومية الحديثة في العالم العربي، تأخر ظهورها ثلاثمائة سنة عن ظهورها في أوروبا، عام 1648، بعد وضع الحروب الدينية أوزارها هناك.. والإقرار بسيادة العروش القائمة، على أسس علمانية، وتنصيب الدولة القومية الحديثة، في أوروبا، بوصفها المعبر الأساس لهوية الشعوب، وعن حقها في تقرير مصيرها، بالرغم من عدم تجانسها المجتمعي، دينيًا وعرقيًا وطائفيًا.. وجعل إرادة تلك الشعوب الحرة، أساسًا حصريًا للنخب والمؤسسات السياسية الحاكمة.
مشكلة الدولة القومية الحديثة، في العالم العربي، أنها خرجت من غير رحمها الشعبي، بعملية قيصرية لحملٍ حدث خارج ذلك الرحم الطبيعي! قليلة هي الدول العربية، التي قامت، بعيداً عن التدخل الخارجي المباشر من قبل المستعمر الأجنبي.. ومرت بتجربة الحراك المجتمعي العنيف، وإن احتفظت بأسس الشرعية التقليدية، بشقيها القبلي والديني. إلا أن هذه المجتمعات نراها أخذت بصدر المعادلة الحديثة للدولة القومية، ولم تتعدها إلى عَجُزِها، مما أضعف تجربة الدولة الحديثة في تلك المجتمعات، دون أن ينتهي بها الأمر إلى تحدي مشروعيتها، بصورة عنيفة، كما حدث في الدول العربية، التي كان للاستعمار دورٌ في رسمِ حدودها.. وفي أحيانٍ كثيرةٍ المساعدة في اختيار وتنصيب نخبها الحاكمة.
هذه الدول التي سبق لها المرور بتجربة الاستعمار والانتداب والوصاية الأجنبية، في العالم العربي.. وخضعت، بعد ذلك لنفوذ وسطوة المستعمر، حتى بعد إعلان استقلالها، لم تنعم باستقرار سياسي يحفز تنمية سياسية واقتصادية واجتماعية مستدامة، تضمن استمرار هذه الدول ونجاح تجربة الدولة في مجتمعاتها. بعض هذه الدول، تعرضت التجربة الديمقراطية الهشة، التي خبرتها في عهد الاستعمار، لاختبارات مصيرية، أظهرت جوانب عدم الاستقرار في مجتمعات تلك الدول، أكثر من البناء عليها وتنميتها. ربما لأن تلك التجربة الديمقراطية في زمن الاستعمار، كانت تعكس في الأساس مصالح المستعمر، وليس بالضرورة إرادة شعوب تلك الدول. وعندما حمل الاستعمار عصاه ورحل، لم تمكن تلك الأنظمة «الديمقراطية» من الصمود، وجرت عملية الإطاحة بها، بسهولة وسرعة.
الانقلابات العسكرية كانت البديل للديمقراطية، جاءت نتيجة لفراغ القوة الذي أحدثه الاستعمار عندما خرج، ولما يقوَ عود الديمقراطية، التي خلفها وراءه في المجتمعات، بعد. تجربة العسكر، في تاريخ البشرية كله، تجربة فاشلة في الحكم، لاعتمادها على المتغير الأمني.. وإقامتها لأنظمة ديكتاتورية مستبدة، تعتمد في شرعيتها على القوة «الغاشمة»، لا على إرادة الناس الحرة.
حتى عندما يختبئ العسكر خلف أنظمة مدنية، تركز على طقوس الديمقراطية وليس على جوهرها، ليبقى العسكر هم المهيمنون الحقيقيون على مقاليد الحكم. حتى عندما تأتي أحزاب «أيديولوجية» إلى الحكم، فإنها تأتي على ظهر دبابة.. أو يرتدي رموزها البزة العسكرية، ليلعبوا دور العسكر والمدنيين في الحكم، والنتيجة تقود إلى الهزيمة كما هو حال تجربة حزب البعث، في سوريا والعراق.
ليس العسكر هم فقط من أجهضوا تجربة الدولة القومية الحديثة في العالم العربي... الاستعمار أيضاً عمل على ترك قوىً مجتمعية تعتمد في مكانتها السياسية على قيم وموروثات اجتماعية ودينية، من شأنها أن تعرقل أي شكل من أشكال التحول الديمقراطي.. أو توفير الضمانات الكافية لاستمرار التجربة الديمقراطية الهشة، التي تركها خلفه. مجتمعات الدول العربية تكاد تتحكم فيها جميعاً قيم القبيلة والطائفة والعشيرة، أقوى من تلك التي ترمز لها الهوية الوطنية الواحدة في مفهوم وواقع الدولة. في النهاية: انعدام الشعور بالمواطنة، حقوقاً وواجبات، يقابله: ولاء لا يتزعزع بالقبيلة والعشيرة والطائفة.
لا عجب، إذن: أن تكون تجربة الدولة القومية الحديثة، في العالم العربي، ولدت بولادة قيصرية لجنين تَكَوّنَ خارج الرحم الطبيعي، يعاني من الهزال والضعف في وظائفه الحيوية، ليبقى، طوال فترة حياته، من ولادته إلى مماته، في «بيئة» غير طبيعية وملوثة، تتقاذفه متطلبات لا يُستجاب لها.. وحياة سياسية لا دورَ له فيها.. واحتياجات تنموية ليس هو مركزها واهتمامها والمعني بها. في الوقت الذي تتقاذف دوله صراعات إقليمية.. ومؤامرات خارجية، تتحكم فيها أنظمة داخلية غير مستقرة ولا كُفؤة ولا فاعلة، تعجز عن تلبية أدنى احتياجاته المادية والإنسانية.
تجربة الدولة القومية الحديثة في العالم العربي، القصيرة وغير المستقرة هذه، علها تعطي بعض التفسير للأحداث التي تعم العالم العربي هذه الأيام، التي تستهدف النظم السياسية القائمة في بعض المجتمعات العربية، غير مدركة لمآل مثل هذا العنف الفوضوي، قد يفضي لانهيار الدولة، نفسها.
* كاتب سعودي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.