رابطة العالم الإسلامي تدين استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم الحرب الشنيعة    الأرصاد: الفرصة ما تزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    اللجنة الوطنية للأسماء الجغرافية تعقد اجتماعها التاسع في الجيومكانية    جامعة الفيصل تضخ 200 خريجاً وخريجة للقطاع الهندسي    توسعة وتطوير مطار الأحساء الدولي ومطار الرس    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته ال 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14    جيسوس: الحكم حرمنا من ركلة جزاء واضحة    "سيبرانيو المستقبل".. تجربة الأمان والحماية الرقمية    حارس العين: حاولت تهدئة اللعب بإضاعة الوقت    «تأشير» ل «عكاظ»: 200 مركز لخدمات التأشيرات في 110 دول    محافظ الزلفي يطلق حملة الدين يسر    «التعليم»: اعتماد حركة النقل الداخلي للمعلمين    «السياحة»: «الممكنات» يخلق استثمارات تتجاوز 42 مليار ريال و120 ألف وظيفة    متشائم مسؤول عن الذكاء الاصطناعي    فائدة جديدة لحقنة مونجارو    علامات ضعف الجهاز المناعي    المطبخ العالمي    مبادرة 30x30 تجسد ريادة المملكة العالمية في تحقيق التنمية المستدامة    إنسانية دولة    شاهد | أهداف مباراة أرسنال وتشيلسي (5-0)    «خيسوس» يحدد عودة ميتروفيتش في «الدوري أو الكأس»    في انطلاق بطولة المربع الذهبي لكرة السلة.. الأهلي والاتحاد يواجهان النصر والهلال    الهلال يستضيف الفيصلي .. والابتسام يواجه الأهلي .. في ممتاز الطائرة    يوفنتوس يبلغ نهائي كأس إيطاليا بتجاوزه لاتسيو    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يبحثان التعاون والتطورات    حضور قوي للصناعات السعودية في الأسواق العالمية    مجلس الوزراء: 200 ألف ريال لأهالي «طابة» المتضررة مزارعهم وبيوتهم التراثية    تفاهم لتعزيز التعاون العدلي بين السعودية وهونغ كونغ    مكافحة إدمان الطلاب للجوال بحصص إضافية    وزارة البيئة والمياه والزراعة وجولات غير مسبوقة    أضغاث أحلام    الدرعية تكشف تفاصيل مشروع الزلال    تأثير الحياة على الثقافة والأدب    السعودية تستضيف الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي    معادلة سعودية    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان هاتفيا العلاقات الاستراتيجية بين البلدين    إشادة عالمية بإدارة الحشود ( 1 2 )    دورة حياة جديدة    أمير تبوك: عهد الملك سلمان زاهر بالنهضة الشاملة    القوات الجوية تشارك في "علَم الصحراء"    طريقة عمل ديناميت شرمب    طريقة عمل كرات الترافل بنكهة الليمون    طريقة عمل مهلبية الكريمة بالمستكه وماء الورد    أتعبني فراقك يا محمد !    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة 45 من طلبة جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    مجلس الشيوخ الأمريكي يمرر حزمة مساعدات أوكرانيا    الشرطة تقتل رجلاً مسلحاً في جامعة ألمانية    عبدالعزيز بن سعد يناقش مستقبل التنمية والتطوير بحائل    الشورى يدعو «منشآت» لدراسة تمكين موظفي الجهات الحكومية من ريادة الأعمال    سورية.. الميدان الحقيقي للصراع الإيراني الإسرائيلي    متى تصبح «شنغن» إلكترونية !    هيئة التطوير والأمانة تناقشان البنية التحتية في الشرقية    سعود بن نايف يشدد على تعريف الأجيال بالمقومات التراثية للمملكة    محافظ الأحساء يكرم الفائزين بجوائز "قبس"    مركز التواصل الحكومي.. ضرورة تحققت    أمير الرياض يستقبل عددًا من أصحاب السمو والفضيلة وأهالي المنطقة    أخضر تحت 23 يستعد لأوزباكستان ويستبعد مران    الإعلام والنمطية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يلاحقك الخوف أينما كنت!
نشر في عكاظ يوم 20 - 11 - 2019

أزار نفيس الكاتبة الايرانية، صاحبة (أن تقرأ لوليتا في طهران)، كتبت في مدونة نيويورك تايم: كنت كلما استعرت كتاباً من المكتبة المحلية في واشنطن.. أجد في مواجهتي ملصقاً يقول إن (الآخر الكبير يراقبك)، كنت أتساءل إذا كان غيري يتمهلون أمام إيحاء هذه الكلمات الثلاث؟ وما إذا كانوا يفهمون كيف أن العيش في ظل الرقابة يشوه المجتمع؟ فالرقابة تحول منظورك، وأخلاقك، وعلاقاتك بأصدقائك وزملائك، وطلبتك.. ومع كل نادل تقابله أو سائق تاكسي، بل إنها تبدل علاقتك بذاتك، وتكمل الكاتبة: عندما كنت أعيش في (طهران) كنت أدون يومياتي بلغة سرية.. لا أستطيع الآن فك شفرتها، وكنت لكي أكتب عن أقاربي وأصدقائي القابعين في السجون أضطر إلى صوغهم في قوالب روائية، جاعلا من نفسي شخصية مثلهم.. لقد أنشأت أمي شفرة تفصيلية للتهرب من الرقباء أثناء الحديث عبر الهاتف، كانت تقول في مكالمة بالفارسية: إن (السيد مريض)، قاصدة في ذلك أن الأمور لا تسير في صالح النظام، ثم تهمس في قلق (فاهمة.. فاهمة)، دخلت الرقابة عقولنا وقلوبنا مبكراً، أضيف الحجاب إلى الرسومات في كتب الأطفال، وتطور الأمر للدرجة التي صارت ابنة صديقتي التي تبلغ من العمر ثمانية أعوام، تخشى دخول الحمام وحدها، بعد أن قالت لها معلمة التربية الدينية إنه لو مرت بذهنها في الحمام أفكار فسوف تتحول كل شعرة في رأسها إلى ثعبان! المشاهد الغرامية في الروايات تحذف بقسوة، وكلمة (نبيذ) تحذف من قصص همنجواي، كان الرقباء يرفضون أن يكون الأشرار في السينما ملتحين، وأي مشهد لزوج وزوجة في غرفة النوم هو إثم كبير، كان الحنان مخاطرة! لقد كان السبب الحقيقي للرقابة الحكومية هو الخوف، (خوف الدولة من المواطنين)، الحكومات التي تتجسس على شعوبها تريد أن تحصل على المعلومات التي تمكنها من السيطرة لا فقط على أعدائها، بل وعلى الجميع بالاشتباه في الجميع طول الوقت، فكل ما يبدأ بوصفه فعلا سياسيا سرعان ما ينفذ إلى جميع مناحي الحياة، لا يستثني أحدا يصبح العدو الزميل الغريب، أو الجار الجديد الذي يتكلم لغة أجنبية، أو الثلاثة الذين يتهامسون في المترو.. يصبح في كل حقيبة قنبلة، وفي كل سؤال فخ، وكل الأماكن التي ترتاح إليها يعوزها الأمان ومع الأيام يلازمك الخوف «يتخندق»، «يتخندق» تحت جلدك. حتى بعد أن تهرب، وتكون على بعد آلاف الأميال والسنين، تظل تشعر أن عيناً تراقبك، وشيئا ما بداخلك أصابه تلف دائم، بسبب معرفتك الرهيبة بقدرة البشر على القسوة، وبضعفك أنت في مواجهة هذه القسوة. عندما جئت إلى أمريكا هرباً من جحيم الحكومة في (طهران)، ظللت لوقت طويل في حالة جدل، أسبح في بحر حريتي في أن أقول ما أشاء.. ولمن أشاء.. ولكن الجدل لا يدوم طويلاً، لا في العالم الحقيقي ولا الخيالي.. والخوف الذي حسبت أنني تركته وراء ظهري حينما هاجرت، عاد فلحق بي، ولئن كان العنف والمراقبة ضد المواطنين في (إيران) يتسمان بالعنف والسفور، فالأمر هنا مختلف، مختلف كليا.. إذ إننا هنا مهددون باللامبالاة، هنا أخشى سلطان الجهل، جهل الإنسان بثقافته، وتاريخه، وثقافات الغير، وتاريخهم، أنا لا أخشى محنة الحرية هنا، بل أخشى اللحظة التي أكف فيها عن النظر إلى الحرية باعتبارها محنة.. (انتهى كلام أزار نفيس). ما أقسى الأوطان عندما تتحول إلى سجن، يمجد الجهل والإحباط.. ويجعل كل الطرق مسورة، ما أقسى الأوطان عندما تتحول إلى حيطان خرساء تراك تبكي ولا تأخذك بين ذراعيها رغم التصاقك بها، ما أقسى الأوطان التي تكره الحالمين والأحرار، ما أقسى أن تسكن وطنا تسكنه ولا يسكنك، أصبحت (إيران) وطن الإحساس بالظلم والقهر والمهانة والتفرقة.. وكبت الحريات وتكميم الأفواه. يرحل الإيراني عمدا.. ولكن إلى أين؟ عندما يرحل الكائن يموت الذي كان قبل الرحيل ويولد غيره، ذلك وحده يكفي لكي يرحل.. لئلا يكف عن الرحيل!
* كاتب سعودي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.