مع دخول المظاهرات الشعبية العارمة وغير المسبوقة في العراق يومها الرابع، بات من الواضح تماماً أن الشارع العراقي الغاضب يريد أن يضع حداً لحالة الفساد والفقر والبطالة والبؤس الاجتماعي والتدخلات الإيرانية السافرة في شؤون البلاد، التي تعد جزءاً أساسيا في ما أفضى إليه واقع العراق اليوم، ما دفع آلاف المدنيين إلى الخروج في مظاهرات حاشدة امتدت إلى مناطق عدة في العراق. ولا يخفى أن شرارة هذه الاحتجاجات اندلعت بعد قرار إبعاد القائد العسكري الفريق عبدالوهاب الساعدي، الذي يحظى باحترام شعبي واسع، باعتباره أحد القيادات العسكرية المهمة التي قادت عمليات تحرير العراق من إرهاب «داعش»، وهو ما أثار الغضب في أوساط الشارع العراقي بعد انتشار التقارير التي تتهم فصائل تابعة لميليشيا الحشد الشعبي بالتدخل لإبعاده من قوات مكافحة الإرهاب بأوامر من إيران، وبالتالي فإن الدوافع الاقتصادية ليست العامل الوحيد لحالة الغليان في الشارع العراقي، الذي يؤمن بأن هذه التدخلات هي الحلقة الأم في سلسلة التبعات السلبية الأخرى من فساد وفقر وبطالة وتردٍ للأحوال المعيشية والأمنية، ولذلك توسعت رقعة المظاهرات لتمتد من بغداد إلى مناطق عدة أبرزها كركوك شمالاً، وديالى شرقاً، وبابل وواسط وكربلاء في وسط العراق، وجنوباً في ميسان وذي قار والقادسية والنجف والبصرة والمثنى، وهي انعكاسات لمطالب عادلة ستتحقق وتفرج أسارير المواطن العراقي بقطع دابر التدخلات الإيرانية التي لم تقدِّم للعراق سوى التطرف الطائفي والإرهاب والفوضى.