بالأمس نشر خبر عن مهاجمة نمل أبيض لما يقارب من 300 فيلا بجامعة الملك عبدالعزيز، ولو علقنا هذا الخبر بجزئيته هذه، وتساءلنا ما الذي يمكن أن يقال عن هذه المهاجمة قبل 5 سنوات تقريباً؟ ولأن لدينا الخبرة لما كان يقال سابقاً، فسيخرج أناس لتبرير هذا الهجوم بأنه سحر أو جن أو عين، وهذا التبرير كان شاملاً لأي ظاهرة غير اعتيادية، وإذا كانت الظاهرة شملت أماكن أو أناساً كثرا، فإن ما يقال يتسع ليصل الحكم بأنه عذاب أرسله الله ليذكر عباده بما يقترفون من معاصٍ، ولكون العذاب يعم فليس هناك من ملجأ لمن لم يعصَ. وهل تتذكرون انتشار الحكم (حكم العذاب) إزاء ما حدث من زلزال في العيص وما حدث مؤخراً من ظهور صرصور الليل في الحرم المكي، وازداد التقول بأنه إشارة عذاب ومع مواصلة سياحة صرصور الليل إلى أماكن ومدن أخرى توقف الحكم لوصول صرصور الليل إلى رحلته الأخيرة.. وصادف ظهور النمل الأبيض بجامعة الملك عبدالعزيز أننا انتقلنا من محطة الكلام (الساهي على رأي الإخوة السودانيين) فلو أن آذان الناس لا تزال مفتوحة لكل ما يقال سابقاً لسمعنا أن مسؤولي جامعة الملك عبدالعزيز خرجوا فرادى وزرافات يبحثون عن الرقاة لطرد النمل الأبيض قبل استيلاء الجن على تلك الفلل، ولأن عدد الفلل كبير فسيجد المسؤولون في الجامعة عنتاً في إيجاد أو توفير 300 راقٍ! هذا التصور يمكن حدوثه قبل سنوات قليلة، إلاّ أننا نحمد الله بأنه تم تجفيف عقول الناس مما كان حادثاً بالتعلق بمقولات ليس لها أي معنى، وهذا يدل على تقدم الوعي الاجتماعي ليكون باحثاً عن المسببات الحقيقية لظهور أي تغير طبيعي. وبالعودة إلى خبر ظهور نمل أبيض في الفلل الجامعية التي سلمت لهيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز قبل أشهر، سنجد أن السبب في ذلك وجود أخطاء هندسية تمثلت في خلل فني أدى إلى ظهور النمل الأبيض بسبب ارتفاع ضغط الماء في نظام التبريد للتكيف المركزي، وهذا أدى إلى تدفق المياه داخل الفلل، وبناءً عليه فإن ذلك الخلل مكّن النمل الأبيض من سكن الفلل متجاوراً مع الأستاذة والأكاديميين. والأخطاء الهندسية عمّت البلاد، وأرهقت العباد، فليس هناك أي مشروع يقام إلا وتكبدت المشاريع الكبيرة أو الصغيرة الويلات مما يحدث. ويبدو أن الجن ترقوا وظيفياً، ولبسوا طاقية الإخفاء فلا يظهرون إلا خلف الأخطاء الهندسية حتى إذا تم لوم المقاول كان عذره أن حدوث الخلل الفني «غصب عني».. ولهذا فإن كل المشاريع يحدث فيها أخطاء هندسية ونقبل بها من نفس باب «غصب عني».