مجمع الخيام الجديد يمهد لهجوم إسرائيلي قريب    بريطانيا تتمسك بترحيل اللاجئين ومنظمات حقوقية تعارض خططها    الفصول تتحول إلى مخيمات للحوثيين    محافظ الدرعية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية سفراء التراث    «سدايا» تفتح باب التسجيل في معسكر حوكمة البيانات لبناء قدرات 80 مواطناً ومواطنة    وكلاء وزارات التجارة بدول مجلس التعاون يعقدون اجتماعهم التحضيري ال58    الخارجية: المملكة تدين استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جرائم الحرب في غزة دون رادع    الادعاء يتهم ترمب بانتهاك حظر النشر في قضية «المال الخفي»    وزير الخارجية ونظيره البحريني يستعرضان العلاقات الوثيقة بين البلدين الشقيقين    غدا.. يوم حافل للطيران بتوسعة وافتتاح مطارين في الأحساء والرس    أمير الرياض يرعى غدًا حفل جائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع في دورتها الثانية    سدوس.. من أقدم المستوطنات البشرية في جزيرة العرب    حملة رقابية على المباني قيد الإنشاء    4 ميداليات لجامعة نورة    العثور على 300 جثة في مقبرتين جماعيتين بغزة    ضبط مخالفين لنظام أمن الحدود في جازان لترويجهما مادة الإمفيتامين ونبات القات المخدرين    معرض برنامج آمن يجذب أطفال المنطقة الشرقية عبر فعاليات توعوية المتنوعة    القصاص من مواطن قتل أخته    الذهب لأدنى مستوى.. انحسار توترات الشرق الأوسط والأسهم تواصل مكاسبها    "تاسي" يواصل التراجع.. و"اكوا باور" يسجل أعلى إغلاق    مجلس الوزراء: منح المتضررين من تصدعات قرية طابة تعويضاً إضافياً أو أرضاً سكنية    الفريق البسامي يستعرض الخطط الأمنية لقوات أمن الحج    ذوو الإعاقة يطالبون بمزايا وظيفية وتقاعد مبكر    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور جامعة جازان    تركيب نصف مفصل فخذ صناعي لسبعيني في مستشفى الملك خالد بالخرج    أمير منطقة تبوك يهنئ جامعة تبوك لحصدها ٦ ميداليات في معرض جنيف الدولي للاختراعات    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي منسوبي فرع الرئاسة العامة بمنطقة جازان    أمير حائل يستقبل مدير فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمنطقة    أبها يكشف إصابة زكريا سامي بالرباط الصليبي    محافظ الأحساء يستقبل قائد لواء الملك عبدالعزيز بالحرس الوطني المعين    تشكيل الهلال المتوقع أمام العين الإماراتي    كريسبو يتحدث عن غياب بونو وميتروفيتش    المجمع الفقهي يوصي بتمكين المرأة بالتعليم    السديس يُثمِّن جهود القيادة الرشيدة لتعزيز رسالة الإسلام الوسطية وتكريس قيم التسامح    غدًا الأربعاء .. افتتاح مطار غرب القصيم بمحافظة الرس    سمو وزير الدفاع يتلقى اتصالا من وزير الدفاع البريطاني    نائب رئيس مجلس الشورى يلتقي النائب الأول لرئيس البرلمان اليوناني    مارتينيز سعيد بالتتويج بلقب الدوري الإيطالي في قمة ميلانو    طرح تذاكر مباراة الاتحاد والشباب في "روشن"    ريادة "كاوست" تحمي التنوع بالبيئة البحرية    ارتفاع في درجات الحرارة على منطقتي مكة والمدينة وفرصة لهطول أمطار بالجنوب    «السيادي السعودي».. ينشئ أكبر شركة أبراج اتصالات في المنطقة    الإعلام والنمطية    دور السعودية في مساندة الدول العربية ونصرة الدين الإسلامي    النسيان النفسي    اختلاف زمرة الدم بين الزوجين    سلسلة من الزلازل تهز تايوان    العين بين أهله.. فماذا دهاكم؟    ماذا يحدث في أندية المدينة؟    أمانة المدينة تطلق الحركة المرورية في طريق سلطانة مع تقاطعي الأمير عبدالمجيد وخالد بن الوليد    مساجد المملكة تذكر بنعمة الأمن واجتماع الكلمة    قصور الرياض واستثمارها اقتصادياً    أمير حائل يفتتح أكبر قصور العالم التاريخية والأثرية    أمير حائل لمدير قطاع الحرف: أين تراث ومنتوجات حائل؟    «البيئة» تُطلق مسابقة أجمل الصور والفيديوهات لبيئة المملكة    الزائر السري    أمير الرياض يرعى حفل تخريج دفعة من طلبة الدراسات العليا في جامعة الفيصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متلازمة استوكهولم
نشر في عكاظ يوم 03 - 08 - 2019

في أحد أيام شهر أغسطس عام 1973 قام بعض اللصوص بالسطو على أحد البنوك في مدينة استوكهولم، وقد تم اتخاذ موظفي البنك وعملائهم كرهائن لعدة أيام، وبعد مفاوضات مضنية تم تحرير الرهائن والقبض على الجناة، غير أن الغريب في هذه الحادثة أن الرهائن رفضوا التعاون مع سلطات استوكهولم لإدانة الجناة، بل قاموا بتوكيل محامين للدفاع عن الجناة، ولقد حير هذا السلوك رجال الأمن والقضاة بالسويد، وقد توصلوا بعد فترة من الدراسة إلى أن هذا التعاطف الغريب من الضحايا تجاه الجناة يمثل ظاهرة نفسية، تنشأ عندما تقتنع الضحية وتؤمن بما يؤمن به الجاني أو المعتدي من قيم وأفكار وخلافهما، ومن خلال دراسة سلوك الضحايا -بصفة عامة- اكتشف المختصون أن الشعور بالتعاطف مع الجناة يصيب نسبة لا بأس بها من الضحايا، مما دفعهم لإطلاق مصطلح «متلازمة استوكهولم» على هذه السلوكيات اللامنطقية.
يبدو أن متلازمة استوكهولم ظاهرة طفت مؤخراً على السطح على الصعيدين السياسي والاجتماعي، وخاصة بعد انتشار الفوضى في بعض الدول العربية التي أصابتها حمى ما يسمى بثورات الربيع العربي، ولا سيما تلك التي تعاني من التفكك حالياً، فنجد بعض أبناء تلك الشعوب المنكوبة يترحمون بحسرة على حكم زعمائهم الديكتاتوريين، والمعروفين حتى على المستوى الدولي بفتكهم بشعوبهم على نحو دموي مفرط في القسوة، فنفاجأ بمن يترحم على أيام صدام حسين، متجاهلين جرائم التعذيب والقتل التي طالت جميع طوائف الشعب العراقي من سنة وشيعة وأكراد، كما نجد من يتباكى على معمر القذافي الطاغية الذي استخف بشعبه وحرمهم من خيرات بلادهم ومواردها الثرية، واحترف الإرهاب الدولي وقتل المعارضين دون أن يرف له جفن، كما نجد أيضاً من يرى من السوريين ضرورة استمرار نظام بشار الأسد في حكم سوريا، على الرغم من الجرائم التي ارتكبها هذا الأخير في حق بلده.
من المؤكد أنه يصعب تفسير هذا السلوك اللاعقلاني إلا من خلال الاستعانة بمتلازمة استوكهولم، فهؤلاء المترحمون على أنظمة أولئك الطغاة يقارنون حالة العبث والتشرذم الحالية بأيام حكم الطغاة، بمعنى أنهم يوازنون بين السيئ والأسوأ، وكأنهم ممن يستجير من الرمضاء بالنار، غير مدركين أنهم بذلك يسيئون لأنفسهم أولاً وأخيراً، وكأنهم يسلمون للعالم وللتاريخ بأنه لا ينفع لحكمهم سوى الطغاة ومجرمي الحرب، مع أنه بالقليل من الموضوعية وتحليل الأحداث سيكتشفون ببساطة أن تلك الفوضى التي يعانون منها ما هي إلا نتاج لحكم أولئك الطغاة، الذين صمموا نظم الحكم على نحو لا يسمح إلا بوجودهم هم أنفسهم في سدة الحكم، وفي حالة حيازة كاملة لجميع مفاتيح إدارة الدولة، بحيث يتم إجبار الشعب على الاختيار ما بين خيارين اثنين فقط، إما هم أو الفوضى والحرب الأهلية.
لو تأمل هؤلاء المتحمسون لعودة حكامهم الديكتاتوريين قليلاً فسيدركون أن أولئك الطغاة هم السبب الرئيسي فيما يعانونه الآن، ذلك لأنهم كانوا يحكمون دولاً بلا مؤسسات، وهو ما نتجت عنه الفوضى بعد زوالهم إلى غير رجعة، وهو ما دفع بعض الليبيين إلى القول بأن القذافي حكم ليبيا حياً وميتاً، وكذلك ما صرح به صدام حسين قبيل شنقه مباشرة بأن «العراق لا شيء بعدي!» وربما هذا ما حدث بالفعل، ونتج عنه وجود قطاع كبير من الشعب قام بتكييف نفسه مع الظروف بالغة القسوة، وتدريبها على قبول الهوان مقابل الحفاظ على الحد الأدنى من المعيشة.
لا شك في أن جرائم تلك الأنظمة الديكتاتورية فاقت جميع التوقعات، وامتدت آثارها ليس للحاضر ذاته فحسب، بل للكثير من الأجيال التالية، ولا يعلم إلا المولى عز وجل وحده متى ستنتهي، فلم يكفهم قمع شعوبهم وذلهم خلال عقود من الزمن، بل تركوا البلاد في حالة فراغ سياسي ممتد وشامل أغوى الدول راعية الإرهاب -وكذلك المنظمات الإرهابية وميليشيا المرتزقة- للعبث به والانتشار بين صفوفه، ناشرة الفوضى والإرهاب إلى حد بلوغ الحرب الأهلية في بعض الحالات.
لقذ ذهب الطغاة إلى غير رجعة، غير أنه من المؤكد أن حالة التفكك التي تعاني منها تلك الدول الآن ترجع -بصورة كبيرة- لدعم بعض الدول الراعية للإرهاب للميليشيات المسلحة بهدف بسط نفوذها وسيطرتها على تلك الدول، وهي من يغذي الإرهاب مالياً وفكرياً، لكننا نعول على العقلاء والحكماء في تلك الدول لتحكيم العقل والعمل على خدمة مصالح بلادهم، والانتباه للشرك الذي تحاول تلك الجهات الزج ببلادهم فيه، إننا نعول على أولئك العقلاء والمفكرين ليقوموا بأدوارهم في توعية الشعب بحقائق الأمور التي غابت تحت ركام الواقع المر، وتحفيزهم ودعمهم لرفض تدخل المعتدين في شؤون بلادهم الداخلية، لعلهم ينالون بعض الاستقرار والأمان والرفاهية التي طال غيابها عن بلادهم.
* كاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.