لا تغيب عن ذهن كاتب وصحفي حساسيات المجتمع. ومع ذلك لا يكاد يسلم من زلّة قلم في حقل الألغام المتباينة إلا من كتب الله له السلامة، فأحياناً تأتي إشادة من طرفٍ لا يرضيه شيء. وأحياناً أخرى يأتيه السخط من جهة لطالما رضيت بأي شيء. الكاتب إنسان، يمرّ بمراحل نمو، شأنه شأن البشر في التحرك من طفولة إلى شباب إلى كهولة وشيخوخة لاحقاً، وكذلك المجتمعات، ولذا من الطبيعي أن يظل في الكاتب طفل يكتب ببراءة وشفافية عن مواضيع شائكة. كما فيه مراهق يوقعه أوقات في أزمات فتصيبه نيران عدوة وصديقة. لستُ بصدد حصر مواقف الصحفيين المرهقة ولا منعطفات الكُتّاب الملغمة، بعضها يأخذ إلى التحقيق، وبعضها إلى الملاحقة، وكل ذلك على قلوبهم زي العسل لأسباب منها أنهم يتعلّمون وكل تجربة وإن كانت قاسية إلا أنها مليئة بدروس وخبرات لا تأتي دون لذعات، وأبرز حامٍ المجتمع الواعي الذي ينضج ويتجاوز الكاتب بمراحل ويقرأ بين السطور، مع الأخذ في الاعتبار أن بالمجتمع ذاته ما بالإنسان من طفولة، ومراهقة، ورصد بحُبٍّ وترصّد بكراهية. قال لي مسؤول «كان يمكن أن نكون بخير لو سَلِمْنَا منكم يا مطبّلين» وبحكم التعود على النقد الجائح والجارح، قلتُ لسعادته «أعلمُ أنك لستَ راضيا عن بعض المسؤولين ممن حولك وممن معك، لكن بما أن الجهات الخدمية تعمل وتقود التنمية وإن بإمكانات خفاياها ليست خافية علينا فلا مناص من الإشادة بالإيجابي وإبرازه وهذا واجبنا وجزء من عملنا». قال بنبرة أعلى: أنتم تمدحون الأشخاص وتشيدون بأفراد لا علاقة لهم بالتنمية، ولا صلة بينهم وبين المنجزات سوى تجييرها بأقلامكم لهم، فقلتُ «لتعلم سعادتك أن الكاتب الوطني لا يعنيه صراع بلاط، ولا استقطابات مراكز، ولا يحركه إداري هاجسه أمني، ولا مسؤول حسه مدني، فالصحفي شخصية مستقلة مرجعيتها رئاسة تحرير، وسلاحها مهنيتها، وليس بالإمكان أن أتحامل على مسؤول إيجابي دون مبرر، ولكني أتناول قصور أدائه بكل شجاعة وأتحمل تبعات ذلك». انتبه للغته التعميمية ولهجته الحادة فتلطّف وقال «لم أقصد العموم، والإعلام اختلط فيه الحابل بالنابل، تعال خلّنا نأخذ صورة مع بعض نوثّق بها اللحظة». Al_ARobai@