يصعب أن نمر على ما يقوله ويفعله خالد الفيصل مرور الكرام، كثير من مقولاته شعراً ونثراً مكتنزة بالتجربة والحكمة فتأتي على شكل بصمات موجزة ولمعات مبهرة تختزل مشواره الثري في الحياة على الصعيد الشخصي والعملي، يصوغها بفكر عميق وشاعرية أصيلة وروح مرهفة، لتذهب مقولاته على ألسنة الناس أمثلة يرددونها في المواقف التي تستحضرها. قبل عشر سنوات خرج علينا خالد الفيصل بقصيدة مؤثرة عندما بلغ السبعين، ما زلت أتذكر جيداً كيف اضطربت مشاعري وأنا أقرأها حينذاك لأنها كانت خليطاً من التأمل والأمل والرجاء والإصرار على مواصلة الإنجاز والعطاء، كان موقفاً عظيماً عندما يبلغ السبعين شخص مثقل بالمسؤوليات لكنه لا يشتكي من ثقلها ولا يدعي أنه بلغ الكمال أو حتى أنجز ما تطمح ذاته إليه وبالشكل الذي يتمناه. ترادفت سنوات خالد الفيصل بعد السبعين لكنه كل عام يزداد إصراراً على العمل المتقن الذي صقلته سنوات الخبرة الطويلة، كان بإمكانه الخلود إلى شيء من الراحة بتخفيف أعباء العمل عن كاهله، أو حتى التزام الراحة التامة بعد هذا العمر الطويل في ساحة المسؤولية، ولن يلومه أحد إذا فعل ذلك لأن كل إنسان يستحق الراحة في مرحلة من حياته، لكن بعض الأشخاص لم يُخلقوا ليرتاحوا يوماً في رحلة حياتهم، بل خُلقوا لتكون حياتهم صاخبة بالعمل إلى آخر لحظة. راحتهم في العمل ومتعتهم في الإنجاز، يشعرون بسعادة غامرة وهم يقدمون المفيد لوطنهم ومجتمعهم، تزيدهم الأيام اتقاداً لا ينطفئ، ويمنحهم الله البركة في العمر ليستفيد الناس من عطائهم. قبل يومين نشر خالد الفيصل قصيدة بلوغه الثمانين، يااااااااه كيف تمضي الأيام بهذه السرعة، كأن السبعين قبل أيام وما زالت قصيدتها طازجة. ولأنه خالد الفيصل لم يتغير شيء في اعتداده وإيمانه بالقيم النبيلة وإصراره على مواصلة العطاء. لم يتذمر أو يشتكي التعب أو يقل حان وقت تسليم الراية، بل قال: واليوم لو ثقلت بي الرجل.. بُصري لي عزم أمشي به على كل ما في هو يفعل ذلك لأن له هدفا نبيلا وغاية سامية منذ وعيه بالحياة: أبحث عن اللي يرفع الراس واشري ما اشغلت نفسي بالملذات والغي أشغلت وقتي واستفزيت عصري أصحّي الغفوات بالشمس والفي طابت أيامك بالصحة والعافية يا أبا بندر، يا مدرسة الإدارة والوعي والفكر والخلق العظيم والنبل الإنساني. أمد الله في عمرك وأمدك بعونه وتوفيقه.