قلت في إحدى تغريداتي: فجأة وبدون مقدمات بلّغ الطبيب المريض أن لديه مشاكل في القلب والكبد والرئه وفشل كلوي و و و بالله عليكم هل هذا طبيب؟! فكما أن العقاقير علاج فإن الكلمة الطيبة أيضاً علاج. وقد عقبت على تغريدتي السابقة إحدى الزميلات الفاضلات بهذه التغريدة: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء أتذكر اني كنت أحب أكلة تتنافي مع الحمية المقررة لي للقولون فقالت لي الدكتورة كلي واضحكي بس لما يجي السرطان لا تبكي ومازلت اشوفها اوقح دكتورة بالعالم نحن نؤمن بقضاء الله ونسعد به دائماً لكن للكلمة أثر" انتهى. وهذه زميلة أخرى فاضلة عقبت أيضاً على تغريدتي قائلة: " والله نفس اللي صار مع الوالدة رحمها الله الطبيبة والوالدة خارجة عند باب العيادة صدمتها بإخبارها كأنها تزف لها خبر سعيد بقولها أنتى مصابة بالسرطان والله الود ودي ساعتها ألطش الدكتورة من القهر أشّرت لها بعيوني لتسكت وهي تتمادى في الكلام وكانت هي السبب الأكبر في تدهور نفسية الوالدة الله يرحمها، مع العلم اننا قبل عشر سنوات من مرضها الأخير كانت تعاني من ورم وتم علاجها منه بفضل الله وتعاون الأطباء المعالجين معنا بإخفاء حقيقة مرضها عنها وإفهامها مالديها فقط التهابات بسيطة مما جعلها تستجيب للعلاج وتم شفاءها التام منه بفضل الله ثم الأطباء" انتهى إن الإسلام ينظر إلى المريض على أنه إنسان في أزمة، ومن ثم يحتاج إلى من يقف إلى جواره، ويأخذ بيده، ويرفع من معنوياته، ويهدِّئ من روعه، ويخفِّفُ عنه آلامه الجسدية، فضلاً عن المعنوية. فقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم يهوِّن على المريض أزمته ومرضه، ويُظهِر له -دون تَكَلف- مواساته له، وحرصه عليه، وحبه له، فيُسعد ذلك المريضَ وأهله، وقد أمر عليه الصلاة والسلام أن تذكر الخير عند المريض، وأن ترفع من روحه المعنوية، وتُطْمِعَهُ في الشفاء وفي طول العمر، قال عليه الصلاة والسلام:«إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الأَجَلِ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَهُوَ يَطِيبُ بِنَفْسِ الْمَرِيضِ». فعن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى؟ قال : ( نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو قال دواء ، إلا داء واحد، قالوا يا رسول الله وما هو ؟ قال الهَرَم .. ) وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من عبدٍ مسلم يعودُ مريضًا لم يحضر أجلُهُ فيقول سبع مرات: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك؛ إلا عُوفي ) وهكذا ترتفع معنويات المريض المؤمن إلى السماء، ولا يشعر بأنه أصبح كمًّا عاجزًا مهملاً في المجتمع، بل إن الجميع يهتم به ويرعاه. إن تصرف غير سليم من طبيب واحد أو اثنين لا يعني التعميم على جميع الأطباء الأكفاء وهم الأغلبية، وإنما هي حالات وأخطاء فردية نادرة الحدوث تصدر من بعض الأطباء الذين يحتاجون إلى تثقيف ودورات مكثفة في طريقة إبلاغ الخبر السيء. أذكر عندما عملت سابقاً في مستشفى بجدة منذ أكثر من عشرين عاماً كنا نعمل مؤتمر حالة يحضره المريض وأهله والطبيب المعالج والتمريض المسئول وأخصائي نفسي وأخصائي اجتماعي ويتم شرح له طبيعة المرض بطريقة جميلة وكيفية التغلب عليه ونسبة نجاح العلاج مما يجعل نفسيته مرتاحة ومتقبلة للعلاج وكل الآثار المترتبة عليه. *أخصائي اجتماعي أول