أنهت( رؤى) جميع أوراقها الخاصة بالمنحة الدراسية بالصين من مقر القنصليةالصينية بجدة.وامتلأت روحها بروعة الإنجاز والطموح. وما إن غادرت مبنى القنصلية إلا ووالدها يهاتفها بقلق: (رؤى) : -أين أنت؟ فردت بتوتر :: -في الطريق إلى البيت ما بك يا أبي؟ - لا تتأخري. وما إن دلفت إلى المنزل حتى وجدت والدها ينظر مشدوها إلى شاشة التلفاز .ابتسمت لوالدها دون أن تخفي قلقها وهوت للثم يديه وهي تتمتم :: - أبي أبشرك كل أورق البعثة جاهزة بفضل الله ثم بفضل رضاك. ليرد عليها بصوت متشح بالخوف قائلاً : - انظري واسمعي ماذا حلّ بالصين؟ وأخذت الأخبار من خلف الشاشة تعلن أرقاما مخيفة عن إصابات ووفيات وتنقل صور مرعبة لحافلات تنقل الموتى في مدينة ووهان الصينية حيث مقر جامعتها التى منحت فيها الدراسة. ومنذ لحظة رؤى تلك وما تلاها.. تجددت الأخبار مجددا، ومنع السفر إلى الصين واجلاء المبتعثين السعوديين هناك وإعادتهم للوطن. فامتلأت عيني(رؤى) بالدموع و بللت خدها الأسيل. وكل دمعة محجورة سقطت فيما مضى من عينيها وقعت في قلب والدها كجمرة لا تنطفئ. ذات يوم من أيام الحجر هتف بها والدها: -أي بنيتي الغالية رؤى إنه لأمر مؤقت وطاريء وستعود الحياة لطبيعتها وتكملي دراستك وطموحك. ومنذ حديثه ذاك والأحداث والأخبار تتوالى دون هوادة لتعلن للعالم أجمع إن الوباء تجاوز الصين إلى كل أنحاء الأرض. وهنا تلقت الشعوب الخبر بردات فعل متباينة فهناك من قال كذب و هناك من قال مؤامرة، وهناك من قال حرب بيولوجية، وهناك من قال وباء. هذا مجمل ما نقلته قنوات التلفاز.،والحقيقة التي تجلت أنه وباء فعلي ضرب الأرض والبشرية على حين غرة. وقض مضاجع العلماء والأطباء والعالم بأسره. وأشارت أصابع الإتهام إلى أكلة الخفافيش الصينيين. ومع ذلك بقي كوفيد 19 سرا لم يستطع العلم فك شفرته أو معرفة كنهه. ثم مرت الأيام والشهور وأعلنت الأخبار مجددا الحظر الكلي. من يتخيل أن المدارس ستغلق؟ من يتخيل أن المطارات ستغلق؟ من يتخيل أن المساجد ستغلق ؟ من يتخيل أن التجول سيمنع ؟ لم نكن لنتخيل ولكنه حدث بالفعل!!! وعادت الإنسانية لحوزة الشك والخوف. وجعل كوفيد 19 الإنسان يقف على حافة الانهيار . وكذلك جعلته يستيقظ ويبحث عن النجاة ويحارب الوباء وتوصل العلماء لصنع لقاح الأمل للقضاء على الوباء. وأعلنت منظمة الصحة العالمية ذلك. لحظتها هتفت (رؤى) بالحمد والشكر لله . وانبثق الأمل من جديد في قلبها معلنا الحياة والازدهار ولملمت أوراقها وعادت للحياة من جديد ولطموح الدراسة من جديد. وخرج العالم من هذه الجائحة بأنه لا قيمة إلا بالإنسان وأنه الثروة الحقيقية في الأرض وأنه "لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة..."