أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أثبتت أنها أصلب من أي وقت مضى بسبب وضوح الرؤية حتى في أحلك الأوقات. مشددًا على أن الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية كانت ولا تزال وستبقى أولى الأولويات التي لا يمكن التفريط فيها، ولا يمكن تحقيق ازدهار أو تنمية إلا بها. وأوضح - خلال مشاركته في الجلسة العامة الثالثة في أعمال الدورة العاشرة لفعاليات مؤتمر أمن الخليج (حوار المنامة) الذي انطلقت فعالياته في العاصمة البحرينية المنامة أمس تحت عنوان "مواجهة التطرف في الشرق الأوسط" - أوضح أن دول مجلس التعاون الخليجي تمكنت من حماية المنجزات ومكتسبات المواطنين، وزادت معدلات نمائها، في وقت تشهد فيه المنطقة الكثير من الاضطرابات. وبين أن دول المجلس استفادت من التجارب السابقة وعدد من الإخفاقات للتكيف مع المستجدات المختلفة والتسلح بالصبر في مواجهتها، مضيفًا : " إن مواجهة التحديات ليست أمرًا فريدًا أو جديدًا لمجتمعات الخليج. فالذاكرة حافلة بالأزمات والتحديات منذ تأسيس المجلس، لكن دول المجلس كافة قادرة مرارًا وتكرارًا بسبب وعي مواطنيها على تجاوز جميع أشكال المخاطر وزادتهم منعة وقوة وصلابة، حيث لم تتوقف عجلة التحديث والتنمية ولم تتحقق توقعات المتشائمين وآمال الحاقدين". ولفت وزير الدولة للشؤون الخارجية الانتباه إلى أن الإطار المستقبلي لأمن الخليج يستند على بساطة الرؤية الكلاسيكية ولا حاجة إلى اختراع العجلة من جديد، بل استمرار البناء على الخبرات التراكمية والثبات على ما ترسخ، والتكيف مع التغيرات، والارتكاز على 3 أبعاد محلية وإقليمية وعالمية. وأكد ضرورة زيادة الإصرار على المضي بالمسيرة للأمام وتعزيز المؤسسات المشتركة لبلورة كتلة اقتصادية موحدة لا تزعزعها أمور هامشية، مع استيعاب دول منطقة الخليج كافة للضمان الأمثل للسلام والاستقرار . كما أكد أن سجل دول الخليج حافل بمبادئ الأخوة الإسلامية وحسن الجوار، ولم تقم بأي عدوان لحل النزاعات، وامتنعت عن التدخل في الشؤون الداخلية. وبين أن على دول الجوار النأي بنفسها عن التدخل في شؤون جاراتها الداخلية، وعليها الانضمام إلى دول الخليج في محاربة التطرف والطائفية والتصدي للسياسات الإقصائية الفئوية التي ينجم عنها الخراب والدمار . كما بين أن إيران دولة مهمة وعريقة وعليها القيام بدور محوري، مضيفًا بالقول: "سنكون في مقدمة المرحبين بهذا الدور الإيراني في سبيل رخائها ونمائها، ونرحب بأن تكون شريكا كاملا يضطلع بمسؤولياته تجاه أمن الخليج. ولفت الوزير الانتباه إلى أن الإرهاب لا يفرق بين دولة وأخرى، ما يستدعي جهودًا مشتركة من جميع الدول للتصدي له، مؤكدًا وجود حاجة دائمة للتعاون الدولي على ضوء أن الخليج يحظى بأهمية استراتيجية فائقة، ويتعذر فصل أمن الخليج عن العالم. من جهة أخرى، قال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري: إن الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء العبادي لديها استراتيجية جديدة في تحسين العلاقات مع دول مجلس التعاون، وهذا التحرر والمشاركة في المؤتمر هو أحد أبرز بدايات تلك الاستراتيجية. وأضاف على هامش مشاركته في منتدى حوار المنامة إن الاستراتيجية تقوم على التعاون الثنائي الثابت مع كل دولة دون تفريق، وأن العراق لن يتنازل عن ذلك المبدأ، كما سيبتعد العراق عن دخول في محور مع دولة ضد أخرى، ويسعى لعلاقات جيدة مع الجميع، وتقريب وجهات النظر. موقف عراقي وأشار إلى رفض العراق للبرنامج النووي الإيراني إن كان مسلحًا، سواء أكان هو أو أي برنامج آخر، رافضًا في الوقت ذاته إكالة «أي اتهامات» لدولة بأنها تجري برنامجًا نوويًا للتسليح. وأردف الجعفري قائلًا: «أي أزمة ستؤثر على العراق بشكل مباشر؛ ولذلك نتمنى أن نكون على كامل الاستعداد لتقريب وجهات النظر ولقد لعبنا دورًا مهمًا بين إيران وغيرها من الدول». وحول التصريحات المتشنجة من جانب أطراف عراقية ضد دول مجلس التعاون أجاب قائلًا: «يجب التفريق بين التصريحات الرسمية والتصريحات غير الرسمية، ما يعنينا هو التصريحات من رئيس الوزراء أو الجمهورية أو أي وزير، وليست تصريحات البرلمانيين». فكر الموت من جانب آخر أكد الوزير العراقي أن تنظيم «داعش» يمتلك فكرًا يؤدي بأفراده إلى حد التضحية والموت، مشيرًا إلى أنها منتشرة في كل قارات العالم، وتستبيح كل شيء. وأضاف إن هناك تقدمًا ملموسًا وملحوظًا للقوات المسلحة العراقية، وهناك تراجع في المناطق التي احتلها تنظيم «داعش» وبسطت نفوذها عليها، كمنطقة جرف الصخر في الحلة وكربلاء، والإسحاقي في سامراء وغيرها. تسليح السنة أما عن أحاديث تسليح أمريكا للسنة العراقيين فعلق الجعفري قائلًا: «إذا أردنا تقبل مصطلح تسليح السنة، ليس لأننا نفرق بين الشيعة والسنة، وإنما يعود لاعتبارات ميدانية؛ لأن المناطق التي الآن تحت قبضة «داعش» لأهل السنة، فمن الطبيعي أن تتحشد القوة الاجتماعية والعشائر وقوات الحشد الشعبي والحرس الوطني في هذه المناطق، وهي مناطق سنية لأسباب ميدانية وليس مذهبية أو لأدلجة الوضع السياسي العراقي». وقال: إن ما يجري في العراق هو صراع أخذ صفة «مؤقلمة»، حيث هناك مواطنون من جميع دول العالم يتواجدون على الأراضي العراقية، ودول العالم استيقظت الآن عندما شعرت أن طبول الخطر بدأت تقرع في بلدانها في أوروبا وكندا وغيرها. وأردف «من باب أولى أن تستيقظ دول الجوار هي الآخرى وتعيد تنظيم صفوفها وتتحشد ضد (داعش). القضية لن تنتهي بالعراق، والإرهاب قابل للتمدد». وفيما يخص الحصانة للمجندين الأمريكيين أجاب الجعفري قائلًا: «أرسلنا رسالة لمجلس الآمن تتحدث حول طلب دعم جوي، ولوجستي وتبادل للمعلومات والتسليح، ولكن لم نطلب قواتًا برية، ولسنا في أزمة مقاتلين في العراق، ومن يدير عجلة القيادة على البر هم العراقيون، أما المستشاريين الأمريكيين فهم ليسوا مقاتلين».