منذ أن أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام يوما عالميا للغة العربية لم يستثمر العرب هذه المناسبة الاستثمار الأمثل في النهضة باللغة العربية نهضة تبيّن للعالم أجمع مدى اهتمامهم وحرصهم على لغتهم. مسؤوليتنا تجاه لغتنا الحبيبة طيلة فترة حياتنا مسؤولية كبيرة،فمن حقها علينا أن نتمثّلها في حياتنا اليومية ، تحدّثا وكتابة بالصورة اللائقة،سواءً أكانت تلك الممارسة على مستوى الحياة العلمية أو العملية،وإنّ مجرد الحديث عنها وعن فضلها دون الاهتمام بها تعلّما وتعليماوبذل الجهود في نشرها لا يعدّ إلّا كلام لا قيمة له. من مسؤوليتنا أن نستثمر هذا اليوم في إظهار محاسنها الجميلة ،مفرداتٍ وأساليب،وذلك من خلال إقامة الندوات والمحاضرات والأصبوحات والأمسيات والمسابقات التي تتحدث عنها . نحن معاشر العرب واجب علينا استثمار هذا اليوم لخدمة اللغة العربية،ذلك لكونها أفضل اللغات وأجملها ،أليست هي لغة القرآن الكريم ،أفضل الكتب وخاتمها، ولعل أبرز مظاهر هذا الاستثمار إقامة الاحتفاء بها في محافل ومنتديات محلية ودولية . لاخوف على اللغة العربية من الاندثار والاضمحلال،فهي لغة خالدة بخلود القران الكريم، وقد تكفّل الله تعالى بحفظ كتابه، وحفظه لكتابه حفظ للغته،لكن ينبغي علينا ألّا نقف مكتوفي الأيدي معتمدين على هذه المسلمة ،بل علينا أن نفعل كما تفعل الأمم والدول والشعوب التي تخدم لغاتها وتجعلها جزءًا من هويتها وشخصيتها وكيانها. إنّ من واجب اللغة العربية علينا أن نغرس في قلوب مجتمعنا ومؤسساته التعليمية ضرورة الحديث عنها وعن أهميتها وكونها مرتبطة بدين الأمة وحضارتها ،وما أجمل قول عمر بن الخطاب:(تعلموا العربية فإنها من دينكم). من واجبها علينا أيضا ونحن نحتفل بها أن نخرج الناس من النظرة السيئة لها المتمثلة في كونها صعبة الاستخدام ولاتفي بالغرض في عدم وجود مصطلحات علمية أوعصرية مناسبة لكل المتطلبات ،وأن نقف معها ضد العامية واللغات الأجنبية التي تستخدم في مجالسنا ليل نهار . إنّ مما نفتخر به نحن العرب أنّ لغتنا العربية من أكثر اللغات السامية استخداما وانتشارا في العالم ،إذ يبلغ عدد مستخدميها قرابة النصف مليار نسمة، فهي أقدم اللغات وأغناها ،حيث إنّها تمتلك العديد من الميزات والخصائص التي تكفل لها أن تكون اللغة الأولى عالميا ،فهي أكثر اللغات أصواتٍ ومفرداتٍ وتعبيراتٍ وأمثالًا وحكمًا، ويكفيها شرفًا أنّها لغة القرآن الكريم. ولعل من المناسب هنا أن أختم بما قاله الثعالبيُّ في مقدمة كتابه فقه اللغة وسر العربية عن فضل اللغة ووجوب العناية بها : ( من أحب الله تعالى أحب رسوله محمدا -صلى الله عليه وسلم- ، ومن أحبَّ الرسول العربي أحبَّ العرب، ومن أحبَّ العرب أحبَّ العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب، ومن أحبَّ العربية عُنيَ بها، وثابر عليها، وصرف همَّته إليها).