تابعت كغيري من أفراد المجتمع السعودي اعتماد مجلس الوزراء لسياسات برنامج "حساب المواطن " الذي يأتي لمواجهة الآثار الاقتصادية الناتجة عن تصحيح أسعار الطاقة والمياه، بصرف مبالغ مالية وذلك حسب الحالة الاجتماعية والدخل للأفراد والأسر السعودية . الغريب في الأمر أن إعلان وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في مؤتمرها الصحفي عن تفاصيل البرنامج المتضمن احتساب دخل الأسرة وفقًا لمداخيل جميع أفرادها بما في ذلك "الزوجة الموظفة"، ليتم بعد ذلك تحديد مقدار الدعم وفق الدخل الإجمالي للأسرة. ولم تقف الغرابة عند ذلك فحسب، بل تعدت إلى أبعد من ذلك. إذ أُعلن عن أن الدعم المقدم للمستحقين من حساب المواطن لن يراعي الالتزامات المالية للمستفيدين من القروض والتمويلات الشخصية أو العقارية. إن القائمين على البرنامج لم يأخذوا في الحسبان أن أغلبية الأسر السعودية يكون رب الأسرة (الرجل) هو المكلف شرعًا بالقيام بالمسؤوليات المادية عن نفقات المنزل والأسرة، والمرأة – في الأغلب- لا تشارك في تلك المصاريف، وكما يبدو أن هؤلاء المسؤولين نسوا أو تناسوا أن المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط -الذي يستهدفهم البرنامج بالأساس- لديهم التزامات من قروض لبنوك تجارية أو شركات التمويل أو لبنك التسليف أو العقاري. المعلوم أن استحداث برنامج حساب المواطن وضع لتخفيف وطأة الآثار الاقتصادية الناتجة عن الإصلاحات التي تقوم بها الدولة ومن بينها تقنين الدعم على منتجات الطاقة والمياه حتى تصل لمستحقيها؛ إلا أن معاناة ذوي الدخل المحدود والمتوسط ستزداد ببعض سياسات البرنامج وضوابطه لاحتساب مقدار الدعم. البرنامج في مجملة سيكون له انعكاسات إيجابية على المواطن والأسر السعودية ليتحملوا من خلاله الارتفاعات والضرائب الاقتصادية للسلع والخدمات والطاقة؛ لكن لابد من مراجعة آليات تحديد مقدار الدعم المقدم للمستحقين ليكون شامل ويراعي الالتزامات المالية للمستفيدين ليتسنى لهم مواجهة الآثار المحتملة للإصلاحات الاقتصادية.